خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
٣٧
-الروم

روح البيان في تفسير القرآن

{ أولم يروا } اى ألم ينظروا ولم يشاهدوا { ان الله } الرزاق { يبسط الرزق لمن يشاء } اى يوسعه لمن يرى صلاحه فى ذلك ويمتحنه بالشكر { ويقدر } اى يضيقه لمن يرى نظام حاله فى ذلك ويمتحنه بالصبر ليستخرج منهم بذلك معلومة من الشكر والكفران والصبر والجزع فما لهم لا يشكرون فى السراء ولا يتوقعون الثواب بالصبر فى الضراء كالمؤمنين.
قال شقيقرحمه الله كما لا تستطيع ان تزيد فى خلقك ولا فى حياتك كذلك لا تستطيع ان تزيد فى رزقك فلا تتعب نفسك فى طلب الرزق.
رزق اكر بر آدمى عاشق نمى باشد جرا اززمين كندم كريبان جاك مى آيد جرا.
{ ان فى ذلك } المذكور من القبض والبسط { لآيات لقوم يؤمنون } فيستدلون بها على كمال القدرة والحكمة: قال ابو بكر محمد بن سابق

فكم قوى قوى فى تقلبه مهذب الرأى عنه الرزق ينحرف
وكم ضعيف فى تقلبه كأنه من خليج البحر يغترف
هذا دليل على ان الاله له فى الخلق سر خفى ليس ينكشف

ـ وحكى ـ انه سئل بعض العلماء ما الدليل على ان للعالم صانعا واحدا قال ثلاثة اشياء. ذل اللبيب. وفقر الاديب. وسقم الطيب.
قال فى التأويلات النجمية الاشارة الى ان لا يعلق العباد قلوبهم الا بالله لان ما يسوءهم ليس زواله الا من الله وما يسرهم ليس وجوده الا من الله فالبسط الذى يسرهم ويؤنسهم منه وجوده والقبض الذى يسوءهم ويوحشهم منه حصوله فالواجب لزوم بابه بالاسرار وقطع الافكار عن الاغيار انتهى. اذ لا يفيد للعاجز طلب مراده من عاجز مثله فلا بد من الطلب من القادر المطلق الذى هو الحق.
قال ابراهيم ابن ادهم قدس سره طلبنا الفقر فاستقبلنا الغنى وطلب الناس الغنى فاستقبلهم الفقر. فعلى العاقل تحصيل سكون القلب والفناء عن الارادات فان الله تعالى يفعل ما يريد على وفق علمه وحكمته.
وفى الحديث
"انما يخشى المؤمن الفقر مخافة الآفات على دينه" فالملحوظ فى كل حال تحقيق دين الله المتعال وتحقيقه انما يحصل بالامتثال الى امر صاحب الدين وقد امر بالتوكل واليقين فى باب الرزق فلا بد من الائتمار واخراج الافكار من القلب فان من شك فى رازقه فقد شك فى خالقه ـ كما حكى ـ ان معروفا الكرخى قدس سره اقتدى بامام فسأله الامام بعد الصلاة وقال له من اين تأكل يا معروف فقال معروف اصبر يا امام حتى اقضى ما صليت خلفك ثم اجيب فان الشاك فى الرازق شاك فى الخالق ولا يجوز اقتداء المؤمن بالمتزلزل المتردد ولذا قال تعالى { لقوم يؤمنون } فان غير المؤمن لا يعرف الايات ولا يقدر على الاستدلال بالدلالات فيبقى فى الشك والتردد والظلمات.
قال هرم لاويس رضى الله عنه اين تأمرنى ان اكون فاومأ الى الشام فقال هرم كيف المعيشة بها قال اويس اف لهذه القلوب قد خالطها الشك فما تنفعها العظة اى لان العظة كالصقر لا يصيد الا الحى والقلب الذى خالطه الشك بمثابة الميت فلا يفيده التنبيه نسأل الله سبحانه ان يوقظنا من سنة الغفلة ولا يجعلنا من المعذبين بعذاب الجهالة انه الكريم الرؤف الرحيم.