خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَىٰ قَوْمِهِمْ فَجَآءُوهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ فَٱنتَقَمْنَا مِنَ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ ٱلْمُؤْمِنينَ
٤٧
-الروم

روح البيان في تفسير القرآن

{ ولقد أرسلنا من قبلك رسلا الى قومهم } كما ارسلناك الى قومك { فجاؤهم بالبينات } الباء تصلح للتعدية والملابسة اى جاء كل رسول قومه بما يخصه من الدلائل الواضحة على صدقه فى دعوى الرسالة كما جئت قومك بالبراهين النيرة { فانتقمنا من الذين اجرموا } النقمة العقوبة ومنها الانتقام وهو بالفارسية [كينه كشيدن] والفاء فصيحة اى فكذبوهم فانتقمنا من الذين اجرموا من الجرم وهو تكذيب الانبياء والاصرار عليه اى عاقبناهم واهلكناهم وانما وضع الموصول موضع ضميرهم للتنبيه على مكان المحذوف وللاشعار بكونه علة للانتقام { وكان حقا } [سزاوار] { علينا } قال بعضهم واجبا وجوب كرم لا وجوب الزام.
وفى الوسيط واجبا وجوباهو اوجبه على نفسه.
وفى كشف الاسرار هذه كما يقال علىّ قصد هذا الامر اى انا افعله وحقا خبر كان واسمه قوله { نصر المؤمنين } وانجاؤهم من شر اعدائهم ومما اصابهم من العذاب نصر عزيز وانجاء عظيم.
وفيه اشعار بان الانتقام للمؤمنين واظهار لكرامتهم حيث جعلوا مستحقين على الله ان ينصرهم وفى الحديث
"ما من امرئ مسلم يرد عن عرض اخيه الا كان حقا على الله ان يرد عنه نار جهنم" ثم تلا قوله تعالى { وكان حقا علينا نصر المؤمنين } ـ حكى ـ عن الشيخ ابى على الرودبارى قدس سره انه ورد عليه جماعة من الفقراء فاعتل واحد وبقى فى علته اياما فمل اصحابه من خدمته وشكوا ذلك الى الشيخ ابى على ذات يوم فخالف الشيخ نفسه وحلف ان لا يتولى خدمته غيره فتولى خدمته بنفسه اياما ثم مات ذلك الفقير فغسله وكفنه وصلى عليه ودفنه فلما اراد ان يفتح رأس كفنه عند اضجاعه فى القبر رآه وعيناه مفتوحتان اليه وقال له يا ابا على لا نصرنك بجاهى يوم القيامة كما نصرتنى فى مخالفتك نفسك.
ففى القصة امور. الاول ان احباب الله احياء فى الحقيقة وان ماتوا وانما ينقلون من دار الى دار. والثانى ما اشار اليه النبى عليه السلام بقوله
"اتخذوا الايادى عند الفقراء قبل ان تجيئ دولتهم فاذا كان يوم القيامة يجمع الله الفقراء والمساكين فيقال تصفحوا الوجوه فكل من اطعمكم لقمة او سقاكم شربة او كساكم خرقة او دفع عنكم غيبة فخذوا بيده وادخلوه الجنة" . والثالث ان الشفاعة من باب النصرة الالهية.
وفى الآية تبشير للنبىعليه السلام بالظفر فى العاقبة والنصر على من كذبه وتنبيه للمؤمنين على ان العاقبة لهم لانهم هم المتقون وقد قال تعالى
{ { والعاقبة للمتقين } }

سروش عالم غيبم بشارتى خوش داد كه كس هميشه بكيتى دزم نخواهد ماند

وفى التأويلات النجمية قوله { ولقد ارسلنا من قبلك رسلا الى قومهم } يشير به الى المتقدمين من المشايخ المنصوبين لتربية قومهم من المريدين ودلالتهم بالتسليك الى حضرة رب العالمين { فجاؤهم بالبينات } على لسان التحقيق فى بيان الطريق لاهل التصديق فمن قابلهم بالتصديق وصل الى خلاصة التحقيق ومن عارضهم بالانكار والجحود ابتلاهم بعذاب الخلود فى الابعاد والجمود وذلك قوله { فانتقمنا من الذين اجرموا } اى انكروا { وكان حقا علينا نصر المؤمنين } المتقربين الينا بان ننصرهم بتقربنا اليهم انتهى اللهم اجعلنا من المنصورين مطلقا ووجهنا الى نحو بابك صدقا وحقا انك انت الناصر المعين ومحول القلوب الى جانب اليقين