خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ فِيۤ أَنفُسِهِمْ مَّا خَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلنَّاسِ بِلِقَآءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ
٨
-الروم

روح البيان في تفسير القرآن

{ أولم يتفكروا فى أنفسهم } الواو للعطف على مقدر. والتفكر تصرف فى معانى الاشياء لدرك المطلوب وهو قبل ان يتصفى اللب والتذكر بعده ولذا لم يذكر فى كتاب الله تعالى مع اللب الا التذكر.
قال بعض الادباء الفكر مقلوب الفرك لكن يستعمل الفكر في المعانى وهو فرك الامور وبحثها طلبا للوصول الى حقيقتها قوله { فى انفسهم } ظرف للتفكر وذكره فى ظهور استحالة كونه فى غيرها لتصوير حال المتفكر فهو من بسط القرآن نحو يقولون بأفواههم والمعنى اقصر كفار مكة نظرهم على ظاهر الحياة الدنيا ولم يحدثوا التفكر فى قلوبهم فيعلموا انه تعالى { ما خلق الله السموات } الاجرام العلوية وكذ سموات الارواح { والارض } الاجرام السفلية وكذا ارض الاجسام { وما بينهما } من المخلوقات والقوى ملتبسة بشئ من الاشياء { الا } ملتبسة { بالحق } والحكمة والمصلحة ليعتبروا بها ويستدلوا على وجود الصانع ووحدته ويعرفوا انها مجالى صفاته ومرائى قدرته وإنما جعل متعلق الفكر والعلم هو الخلق دون الخالق لان الله تعالى منزه عن ان يوصف بصورة في القلب ولهذا روى (تفكروا فى آلاء الله تعالى ولا تتفكروا في ذات الله): وفي المثنوى.

علم خلقست باسوى جهات بى جهت دان عالم امر وصفات
بى تعلق نيست مخلوقى بدو آن تعلق هست بيجون اى عمو
اين تعلق را خرد جون بى برد بسته فصلت ووصلست اين خرد
زين وصيت كرد مارا مصطفى بحث لكم جوييد در ذات خدا
آنكه درذاتش تفكر كردنيست در حقيقت آن نظر درذات نيست
هست آن يندار اوزيرا براه صد هزاران برده آمد تااله
هريكى دربرده موصول جوست وهم او آنست كه آن عين هوست
بس يمبر دفع كرد اين وهم ازو تانباشد درغلط سودا بزاو
در عجائبهاش فكر اندر رويد از عظيمى وزمهابت كم شويد
جونكه صنعش ريش وسلبت كم كند حد خود داند زصانع تن زند
جزكه لا احصى نكويد اوزحان كزشمار وحد برونست آن بيان

ثم انه لما كان معنى الحق فى اسماء الله تعالى هو الثابت الوجود على وجه لا يقبل الزوال والعدم والتغير كان الجارى على ألسنة اهل الفناء من الصوفية فى اكثر الاحوال هو الاسم الحق لانهم يلاحظون الذات الحقيقية دون ما هو هالك فى نفسه وباطل فى ذاته وهو ما سوى الله تعالى { واجل مسمى } عطف على الحق اى وباجل معين قدره الله تعالى لبقائها لا بد لها من ان تنتهى اليه وهو وقت قيام الساعة { وان كثيرا من الناس } مع غفلتهم عن الآخرة واعراضهم عن التفكر فيما يرشدهم الى معرفتها { بلقاء ربهم } اى بلقاء حسابه وجزائه بالبعث والباء متعلق بقوله { لكافرون } اى منكرون جاحدون يحسبون ان الدنيا ابدية وان الآخرة لا تكون بحلول الاجل المسمى.