خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَّوْجٌ كَٱلظُّلَلِ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ
٣٢
-لقمان

روح البيان في تفسير القرآن

{ واذا غشيهم } غشيه ستره وعلاه والضمير لمن ركب البحر مطلقا او لاهل الكفراى علاهم واحاط بهم { موج } هو ما ارتفع من الماء { كالظل } كما يظل من جبل او سحاب او غيرهما: وبالفارسية [موج دريا كه دربزركى مانند سايبانها يا مثل كوهها يا ابراها] جمع ظلة بالضم: وبالفارسية [سايبان] كما قال فى المفردات الظلة شئ كهيئة الصفة وعليه حمل قوله تعالى { موج كالظلل } وذلك موج كقطع السحاب انتهى.
وفى كشف الاسرار كل ما اظلك من شئ فهو ظلة شبه بها الموج فى كثرتها وارتفاعها وجعل الموج وهو واحد كالظلل وهو جمع لان الموج يأتى منه شئ بعد شئ { دعوا الله } [خوانند خدايرا] حال كونهم { مخلصين له الدين } اى الدعاء والطاعة لا يذكرون معه سواه ولا يستغيثون بغيره لزوال ما ينازع الفطرة من الهوى والتقليد بما دهاهم من الخوف الشديد والاخلاص افراد الشئ من الشوائب { فلما نجاهم } الله تعالى { الى البر } وجاد بتحقيق مناهم بسبب اخلاصهم فى الدعاء: وبالفارسية [بس آن هنكام كه برهاند ايشانرا وبرساند بسلامت بسوى صحرا وبيابان] { فمنهم مقتصد } اى مقيم على الطريق القصد وهو التوحيد او متوسط فى الكفر لانزجاره فى الجملة.
قال بعضهم لما كان يوم فتح مكة امن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس الا اربعة نفر وقال (اقتلوهم وان وجدتموهم متعلقين باستار الكعبة عكرمة بن ابى جهل وعبد الله بن خطل ومقيس بن سبابة وعبد الله بن سعد بن ابى سرح) فاما عكرمة فهرب الى البحر فاصابتهم ريح عاصف فقال اهل السفينة اخلصوا فان آلهتكم لا تغنى عنكم شيئا ههنا فقال عكرمة لئن لم ينجنى فى البحر الا الاخلاص فما ينجينى فى البر غيره اللهم ان لك على عهدا ان انت عافيتنى مما انا فيه ان اتى محمدا حتى اضع يدى فى يده فلا جدن عفوّا كريما فسكنت الريح فرجع الى مكة فاسلم واحسن اسلامه

قضا كشتى آنجا كه خواهد برد وكرنا خدا جامه برتن درد
كرت بيخ اخلاص در بوم نيست ازين در كسى جون تومحروم نيست
سلامت در اخلاص اعمال هست شود زورق زرق كاران شكست

{ وما يجحد بآياتنا } [وانكار نكنند نشانهاى قدرت مارا] { الا كل ختار } غدار فانه نقض للعهد الفطرى او رفض لما كان فى البحر. والختر اسوء الغدر واقبحه.
قال فى المفرادت الختر غدر يختر فيه الانسان اى يضعف ويكسر لاجتهاده فيه { كفور } مبالغ فى كفران نعم الله تعالى وانما يذكر هذا اللفظ لمن صار عادة له كما يقال ظلوم وانما وصف الكافر بهما لانهما اقبح خصال فيه. وقد عد النبى عليه السلام الغدر من علامات المنافق لكن قال على رضى الله عنه الوفاء لاهل الغدر غدر والغدر باهل الغدر وفاء عند الله تعالى كما ان التكبر على المتكبر صدقة.
فعلى العاقل الوفاء بالعهد وهو الخروج عن عهدة ما قيل عند الاقرار بالربوبية بقوله
{ { بلى } حيث قال الله تعالى { { ألست بربكم } وهو للعامة العبادة رغبة فى الوعد ورهبة من الوعيد وللخاصة الوقوف مع الامر لالغرض وقد يعرض للانسان النسيان فينسى العهد فيصير مبتلى بحسب مقامه ـ حكى ـ ان الشيخ ابا الخير الاقطع سئل عن سبب قطع يده فقال كنت اتعيش من سقط مائدة الناس فخطر لى الترك والتوكل فعهدت ان لا آكل من طعام الناس ولا من حبوب الاراضى فلم يفتح الله لى شيئا من القوت قريبا من خمسين يوما حتى غلب الضعف على القوى ثم فتح قرصتين مع شئ من الادام ثم انى خرجت من بين الناس وسكنت فى مغارة فيوما من الايام خرجت من المغارة فرأيت بعض الفواكه البرية فتناولت شيئا منها حتى اذا جعلته فى فمى تذكرت العهد والقيته وعدت الى المغارة ففى اثناء ذلك اخذ بعض اللصوص وقطاع الطريق فقطع ايديهم وارجلهم فى حضور امير البلدة فاخذونى ايضا وقالوا انت منهم حتى اذا كنت عند الامير قطع يدى فلما ارادوا قطع رجلى تضرعت الى الله تعالى وقلت يا رب ان يدى هذه جنت فقطعت فما جناية رجلى فعند ذلك جاء شخص الى الامير كان يعرفنى فوصف له الحال حتى عفا بل اعتذر اعتذارا بليغا فهذه حال الرجال مع الله فالعبرة حفظ العهد ظاهرا وباطنا: قال الحافظ

ازدم صبح ازل تا آخر شام ابد دوستى ومهر بريك عهد ويك ميثاق بود

واما الكفران فسبب لزوال الايمان ألا ترى ان بلعم بن باعوراء لم يشكر يوما على توفيق الايمان وهداية الرحمن حتى سلب عنه والعياذ بالله تعالى