خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَسُوقُ ٱلْمَآءَ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلاَ يُبْصِرُونَ
٢٧
-السجدة

روح البيان في تفسير القرآن

{ أولم يروا انا نسوق الماء } السوق [راندن] والمراد سوق السحاب الحامل للماء لانه هو الذى ينسب الى الله تعالى واما السقى بالانهار فمنسوب الى العبد وان كان الانبات من الله تعالى ولما كان هذا السوق وما بعده من الاخراج محسوسا حمل بعضعهم الرؤية على البصرية ويدل عليه ايضا آخر الآية وهو أفلا يبصرون.
وقال فى بحر العلوم حملا على المقصود من النظر اى قد علموا انا نسوق الماء: وبالفارسية [آيا نمى بينند ونميد انندكه ما آب را در ابر ميرانيم] { الى الارض الجرز } اى التى حرز نباتها اى قطع وازيل بالكلية لعدم المطر او لغيره كالرعى لا التى لا تنبت لقوله { فنخرج } من تلك الارض { به } اى بسبب ذلك الماء المسوق { زرعا } [كشت زارها وغلات واشجار] وهو فى الاصل مصدر عبربه عن المزروع { تأكل منه } اى من ذلك الزرع { انعامهم } [جهار بايان ايشان] كالتبن والقصيل والورق وبعض الحبوب المخصوصة بها { وانفسهم } كالحبوب التى يقتاتها الانسان والثمار { أفلا يبصرون } اى ألا ينظرون فلا يبصرون ذلك فيستدلون به على وحدته وكمال قدرته وفضله تعالى وانه الحقيق بالعبادة وان لا يشرك به بعض خلقه من ملك وانسان فضلا عن جماد لا يضر ولا ينفع وايضا فيعلمون انا نقدر على اعادتهم واحيائهم.
قال ابن عطاء فى الاية نوصل بركات المواعظ الى القلوب القاسية المعرضة عن الحق فتتعظ بتلك المواعظ.
قال بعضهم يسوق مياه معرفته من بحار تجلى جلاله الى ارض القلوب الميتة فينبت نرجس الوصلة وياسمين المودة وريحان المؤانسة وبنفسج الحكمة وزهر الفطنة وورد المكاشفة وشقائق الحقيقة.
وقال بعضهم نسوق ماء الهداية الى القلوب الميتة فنسقى حدائق وصلهم بعد جفاف عودها وزوال المأنوس من معهودها فيعود عودها مورقا بعد ذبوله حاكيا لحالة حال حصوله فنخرج به زرعا من الواردات التى تصلح لزينة النفوس ومن المشاهدات التى تصلح لتغذية القلوب ولا يخفى ان الهداية على انواع فهداية الكافر الى الايمان وهداية المؤمن الفاسق الى الطاعات وهداية المؤمن المطيع الى الزهد والورع وهداية الزاهد المتورع الى المعرفة وهداية العارف الى الوصول وهداية الواصل الى الحصول فعند الحصول تنبت حبة القلب بفيض الالهام الصريح نباتا لا جفاف لها بعده فمن ههنا يأخذ الانسان الكامل فى الحياة الباقية وينبغى لطالب الحق ان يجتهد فى طريق العبودية فان الفيض والنماء انما يحصل من طريق العبادات ولذا جعل الله الطاعات رحمة على العباد ألا ترى ان الانسان اذا صلى صلاة الفجر يقع فى بحر المناجاة مع الله ولكن تنقطع هذه الحالة الى صلاة الظهر بالنسبة الى الانسان الناقص اذربما يشتغل فى البين بما ينقطع به المدد فصلاة الظهر اذا تجدد له حالته وهكذا فتكرر الصلوات فى الليل والنهار كتكرر سقى الارض والزرع صباحا ومساء وكذا الصوم فان شهر رمضان يفتح فيه باب القلب ويغلق باب الطبيعة فيحصل للصائم صفة الصمدية فيكون كالملائكة فى المحل ففى تكرر رمضان عليه امداد له لتكميل تلك الصفة الالهية وانما لا يظهر اثر الطاعات فى حق العوام لانهم لا يؤدونها من طريقها وبشرائطها فالله تعالى قادر على ان ينقذهم من شهواتهم ويخرجهم من دائرة غفلاتهم ومن استعجز القدرة الالهية فقد كفر.
قال فى شرح الحكم وان اردت الاستعانة على تقوية رجائك فانظر لحال من كان مثلك ثم انقذه الله وخصه بعنايته كابراهيم بن ادهم وفضيل بن عياض وابن المبارك وذى النون ومالك بن دينار وغيرهم من محرومى البداية ومرزوقى النهاية: وفى المثنوى

سايه حق برسر بنده بود عاقبت جوينده يابنده بود
كفت بيغمبر كه جون كو بى درى عاقبت زان در برون آيد سرى
جون نشينى برسر كوى كسى عاقبت بينى توهم روى كسى
جون زجاهى ميكنى هر روز خاك عاقبت اندر رسى در آب باك
جمله دانند اين اكر تو نكروى هرجه ميكاريش روزى بد روى

وقال فى موضع آخر

جون صلاى وصل بشنيدن كرفتاندك اندك مرده جنبيدن كرفت
نى كم ازخا كست كز عشوه صبا سبز بوشد سر برآرد ازقنا
كم زآب نطفه نبود كز خطاب يوسفان زايند رخ جون آفتاب
كم زبادى نيست شد از امركن درر حم طاوس ومرغ خوش سخن
كم زكوه وسنك نبود كز ولاد ناقه كان ناقه ناقه زاد زاد