{ من المؤمنين } بالاخلاص { رجال صدقوا } اتوا الصدق فى { ما عاهدوا الله عليه } من الثبات مع الرسول والمقاتلة لاعلاء الدين اى حققوا العهد بما اظهروه من افعالهم وهم عثمان بن عفان وطلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وحمزة ومصعب بن عمير وانس بن النضر وغيرهم رضى الله عنهم نذروا انهم اذا لقوا حزبا مع رسول الله ثبتوا وقاتلوا حتى يستشهدوا.
قال الحكيم الترمذىرحمه الله خص الله الانس من بين الحيوان ثم خص المؤمنين من بين الانس ثم خص الرجال من المؤمنين فقال { رجال صدقوا } فحقيقة الرجولية الصدق ومن لم يدخل فى ميادين الصدق فقد خرج من حد الرجولية.
واعلم ان النذر قربة مشروعة وقد اجمعوا على لزومه اذا لم يكن المنذور معصية واما قوله عليه السلام "لا تنذروا فان النذر لا يغنى من القدر شيئا" فانما يدل على ان النذر المنهى لا يقصد به تحصيل غرض او دفع مكروه على ظن ان النذر يرد من القدر شيئا فليس مطلق النذر منهيا اذلو كان كذلك لما لزم الوفا به وآخر الحديث "وانما يستخرج به من البخيل" وهو اشارة الى لزومه لان غير البخيل يعطى باختياره بلا واسطة النذر والبخيل انما يعطى بواسطة النذر الموجب عليه واما لو كان النذر وعدمه سواء عنده وانما نذر لتحقيق عزيمته وتوكيدها فلا كلام فى حسن مثل هذا النذر واكثر نذور الخواص ما خطر ببالهم وعقده جنانهم فان العقد اللسانى ليس الا لتتميم العقد الجنانى فكما يلزم الوفاء فى المعاقدة اللسانية فكذا فى المعاقدة الجنانية فليحافظ فانه من باب التقوى المحافظ عليها من اهل الله تعالى
طريق صدق بياموز ازآب صافى دل براستى طلب ازادكى جوسرو جمن
وفاكنيم وملامت كشيم وخوش باشيم كه در طريقت ما كافريست رنجيدن
{ فمنهم من قضى نحبه } تفضيل لحال الصادقين وتقسيم لهم الى قسمين. والنحب النذر المحكوم بوجوبه وهو ان يلتزم الانسان شيئا من اعماله ويوجبه على نفسه وقضاؤه الفراغ منه والوفاء به يقال قضى فلان نحبه اى وفى بنذره ويعبر بذلك عمن مات كقولهم قضى اجله واستوفى اكله وقضى من الدنيا حاجته وذلك لان الموت كنذر لازم فى عنق كل حيوان ومحل الجار والمجرور الرفع على الابتداء اى فبعضهم من خرج عن عهده النذر بان قاتل حتى استشهد كحمزة ومصعب بن عمير وانس بن النضر الخزرجى الانصارى عم انس بن مالك رضى الله عنه ـ روى ـ ان انسا رضى الله عنه غاب عن بدر فشهد احدا فلما نادى ابليس ألا ان محمدا قد قتل مر بعمر رضى الله عنه ومعه نفر فقال ما يقعدكم قالوا قتل رسول الله قال فما تصنعون بالحياة بعده قوموا فموتوا على ما مات عليه ثم جال بسيفه فوجد قتيلا وبه بضع وثمانون جراحة
بى زخم تيغ عشق زعالم نمى روم بيرون شدن زمعركه بى زخم عارماست
{ ومنهم } اى وبعضهم { من ينتظر } قضاء نذره لكونه موقتا كعثمان وطلحة وغيرهما فانهم مستمرون على نذورهم وقد قضوا بعضها وهو الثبات مع رسول الله والقتال الى حين نزول الآية الكريمة ومنتظرون قضاء بعضها الباقى وهو القتال الى الموت شهيدا وفى وصفهم بالانتظار اشارة الى كمال اشتياقهم الى الشهادة
غافلان ازمرك مهلت خواستند عاشقان كفتند نىنى زود باد
وفى المثنوى
دانه مردن مرا شيرين شدست بل هم احياء بى من آمدست
صدق جان دادن بودهين سابقوا ازنبى برخوان رجال صدقوا
اى بسا نفس شهيد معتمد مرده در دنيا وزنده مى رود
{ وما بدلوا } عطف على صدقوا وفاعله اى وما بدلوا عهدهم وما غيروه { تبديلا } مّا لا اصلا ولا وصفا بل ثبتوا عليه راغبين فيه مراعين لحقوقه على احسن ما يكون اما الذين قضوا فظاهر واما الباقون فيشهد به انتظارهم اصدق الشهادة "ـ روى ـ ان طلحة رضى الله عنه ثبت مع رسول الله يوم احد يحميه حتى اصيبت يده وجرح اربعا وعشرين جراحة فقال عليه السلام اوجب طلحة الجنة" وسماه النبى عليه السلام يومئذ طلحة الخير ويوم حنين طلحة الجود ويوم غزوة ذات العشيرة طلحة الفياض وقتل يوم الجمل. وفى الآية تعريض بارباب النفاق واصحاب مرض القلب فانهم ينقضون العهود ويبدّلون العقود
فداى دوست نكرديم عمر ومال دريغ كه كار عشق زما اين قدر نمى آيد