خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَّمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً
٢٧
-الأحزاب

روح البيان في تفسير القرآن

{ وأورثكم } [وميراث داد شمارا] { ارضهم } مزارعهم وحدائقهم { وديارهم } حصونهم وبيوتهم { واموالهم } نقودهم واثاثهم ومواشيهم شبهت فى بقائها على المسلمين بالميراث الباقى على الوارثين اذ ليسوا فى الشئ منهم من قرابة ولادين ولا ولاء فاهلكهم الله على ايديهم وجعل املاكهم واموالهم غنائم لهم باقية عليهم كالمال الباقى على الوارث { وارضا } [وشمارا داد زمينى راكه] يعنى فى علمه وتقديره { لم تطؤها } باقدامكم بعد كفارس والروم وما ستفتح الى يوم القيامة من الاراضى والممالك من وطئ يطأ وطئا: وبالفارسية [بباى سبردن] { وكان الله على كل شئ قديرا } فقد شاهدتم بعض مقدوراته من ايراث الارض التى تسلمتموها فقيسوا عليها ما بعدها.
قال الكاشفى [بس قادر باشد بر فتح بلاد وتسخير آن براى ملازمان سيد عباد

لشكر عزم ترا فتح وظفر همراهست لا جرم هر نفس اقليم دكر مى كيرى

ـ روى ـ انه لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخندق وكان وقت الظهيرة وصلى الظهر ودخل بيت زينب وقد غسلت شق رأسه الشريف اتى جبريل عليه السلام على فرسه حيزوم معتجرا بعمامة سوداء فقال أوقد وضعت السلاح يا رسول الله قال نعم قال جبريل ما وضعت ملائكة الله السلاح منذ نزل بك العدو ان الله يأمرك بالمسير الى بنى قريظة فانى عامد اليهم بمن معى من الملائكة فمزلزل بهم الحصون وداقهم دق البيض على الصفا فادبر بمن معه وسار حتى سطع الغبار فامر عليه السلام بلالا رضى الله عنه فاذن فى الناس من كان سامعا مطيعا فلا يصلين العصر الا فى بنى قريظة وقد لبس عليه السلام الدرع والمغفر واخذ قناة بيده الشريفة وتقلد السيف وركب فرسه اللحيف بالضم والناس حوله قد لبسوا السلاح وهم ثلاثة آلاف واستعمل على المدينة ابن ام مكتوم رضى الله عنه ودفع اللواء الى على رضى الله عنه وكان اللواء على حاله لم يحل من مرجعه من الخندق وارسله متقدما مع بعض الاصحاب ومر عليه السلام بنفر من بنى النجار قد لبسوا السلاح فقال هل مرّ بكم احد قالوا نعم دحية الكلبى رضى الله عنه وامرنا بحمل السلاح وقال لنا رسول الله يطلع عليكم الآن فقال ذلك جبريل فلما دنا على رضى الله عنه من الحصون وغرز اللواء عند اصل الحصون سمع من بنى قريظة مقالة قبيحة فى حقه عليه السلام وحق ازواجه فسكت المسلمون وقالوا السيف بيننا وبينكم فلما رأى على رضى الله عنه رسول الله مقبلا امر قتادة الانصارى ان يلزم اللواء ورجع اليه عليه السلام فقال يا رسول الله لا عليك ان لا تدنو من هؤلاء الاخابث قال لعلك سمعت منهم لى اذى قال نعم قال لو رأونى لم يقولوا من ذلك شيئا فلما دنا من حصونهم قال يا اخوان القردة والخنازير لان اليهود مسخ شبانهم قردة وشيوخهم خنازير فى زمن داود عليه السلام عند اعتدائهم يوم السبت بصيد السمك اخزاكم الله وانزل بكم نقمته أتشتموننى فجعلوا يحلفون ويقولون ما قلنا يا ابا القاسم ما كنت فحاشا: يعنى [توفحاش نبودى وهركز ناسزا نكفتى جونست كه امروز مارا ميكويى] ثم ان جماعة من الصحابة شغلهم ما لم يكن منه بد عن المسير لبنى قريظة ليصلوا بها العصر فاخروا صلاة العصر الى ان جاؤا بعد العشاء الاخيرة فصلوها هناك امتثالا لقوله عليه السلام "لا يصلين العصر الا فى بنى قريظة" وقال بعضهم نصلى ما يريد رسول الله منا ان ندع الصلاة ونخرجها عن وقتها وانما اراد الحث على الاسراع فصلوها فى اماكنهم ثم ساروا فما عابهم الله فى كتابه ولا عنفهم رسول الله لقيام عذرهم فى التمسك بظاهر الامر فكل من الفريقين متأول ومأجور بقصده وهو دليل على ان كل مختلفين فى الفروع من المجتهدين مصيب. ومن هنا اخذ الصوفية ما ذكروا فى آداب الطريقة ان الشيخ المرشد اذا ارسل المريد لحاجة فمر فى الطريق بمسجد وقد حضرت الصلاة فانه يقدم السعى للحاجة اهتماما لا تهاونا بالصلاة. وحاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم بنى قريظة خمسا وعشرين ليلة حتى جهدهم الحصار وقذف الله فى قلوبهم الخوف الشديد وكان حيى ابن اخطب سيد بنى النضير دخل مع بنى قريظة حصنهم حين رجعت الاحزاب فلما ايقنوا ان رسول الله غير منصرف حتى يقاتلهم قال كبيرهم كعب بن اسد يا معشر اليهود نتابع هذا الرجل ونصدقه فوالله لقد تبين لكم انه النبى الذى تجدونه فى كتابكم وان المدينة دار هجرته وما معنى من الدخول معه الا الحسد للعرب حيث لم يكن من بنى اسرائيل ولقد كنت كارها لنقض العهد ولم يكن البلاء والشؤم الا من هذا الجالس يعنى حيى بن اخطب فقالوا لا نفارق حكم التوراة ابدا ولا نستبدل به غيره اى القرآن فقال ان ابيتم على هذه الخصلة فهلموا فلنقتل ابناءنا ونساءنا ثم نخرج الى محمد واصحابه رجالا مصلتين السيوف حتى لا نترك وراءنا نسلا يخشى عليه ان هلكنا فقالوا نقتل هؤلاء المساكين فما خير العيش بعدهم ان لم نهلك فقال فان ابيتم فان الليلة ليلة السبت وان محمدا واصحابه قد آمنوا فيها فانزلوا لعلنا نصيب منهم غفلة فقالوا نفسد سبتنا ونحدث فيه ما لم يحدث فيه من كان قبلنا فقال لهم عمرو بن سعدى فان ابيتم فاثبتوا على اليهودية واعطوا الجزية فقالوا نحن لا نقر للعرب بخرّاج فى رقابنا يأخذونه القتل خير من ذلك ثم "قال لهم رسول الله تنزلون على حكمى فابوا فقال على حكم سعد بن معاذ سيد الاوس فرضوا به وعاهدوا على ان لا يخرجوا من حكمه فارسل عليه السلام فى طلبه وكان جريحا فى وقعة الخندق فجاء راكب حمار وكان رجلا جسيما فقال عليه السلامقوموا الى سيدكم فقام الانصار فانزلوه وبه ثبت الاستقبال للقادم فحكم بقتل مقاتليهم وسبى ذراريهم ونسائهم فكبر النبى عليه السلام وقال لقد حكمت بحكم الله من فوق سبعة ارقعة" اى السموات السبع والمراد ان شأن هذا الحكم العلو والرفعة ثم استنزلهم وامر بان يجمع ما وجد فى حصونهم فوجدوا فيها الفا وخمسمائة سيف وثلاثمائة درع والفى رمح وخمسمائة ترس واثاثا واوانى كثيرة وجمالا ومواشى وشياها وغيرها وخمس ذلك وجعل عقارهم للمهاجرين دون الانصار لانه كان لهم منازل فرضى الكل بما صنع الله ورسوله وامر بالمتاع ان يحمل وترك المواشى هناك ترعى الشجر ثم غدا الى المدينة فامر بالاسارى وكانوا ستمائة مقاتل او اكثر ان يكونوا فى دار اسامة بن زيد رضى الله عنه والنساء والذرية وكانت سبعمائة فى دار ابنة الحارث النجارية لان تلك الدار كانت معدودة لنزول الوفود من العرب ثم خرج الى سوق المدينة فامر بالخندق فحفروا فيه حفائر فضرب اعناق الرجال والقوا فى تلك الخنادق وردوا عليهم التراب وكان المتولى لقتلهم عليا والزبير ولم يقتل من نسائهم الابنانة كانت طرحت رحى على خلاد بن سويد رضى الله عنه تحت الحصن فقتلته ولم يستشهد فى هذه الغزوة الاخلاد قال عليه السلام "له اجر شهيدين" ثم بعث رسول الله سعد بن زيد الانصارى بسبايا بنى قريظة الى نجد فابتاع لهم بها خيلا وسلاحا قسمها رسول الله على المسلمين "ونهى عليه السلام ان يفرق بين ام وولدها حتى يبلغ اى تحيض الجارية ويحتلم الغلام وقال من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين احبته يوم القيامة" واصطفى عليه السلام لنفسه منهم ريحانة بنت شمعون وكانت جميلة واسلمت فاعتقها رسول الله وتزوجها ولم تزل عنده حتى ماتت مرجعه من حجة الوداع سنة عشر فدفنها بالبقيع وكانت هذه الوقعة فى آخر ذى القعدة سنة خمس من الهجرة.
وفى الآية اشارة الى انه كما ان بنى قريظة اعانوا المشركين على المسلمين فهلكوا فكذلك العلماء المداهنون اعانوا النفس والشيطان والدنيا على القلوب وافتوا بالرخص لا رباب الطلب وفتروهم عن التجريد والمجاهدة وترك الدنيا والعزلة والانقطاع وقالوا هذه رهبانية وليست من ديننا وتمسكوا بآيات واخبار لها ظاهر وباطن فأخذوها بظاهرها وضيعوا باطنها فآمنوا ببعض هو على وفق طباعهم وكفروا ببعض هوعلى خلاف طباعهم اولئك اعوان النفوس والشياطين والدنيا فمن قاربهم هلك كما هلكوا فى وادى المساعدات ونعوذ بالله من المخالفات وترك الرياضات والمجاهدات: وفى المثنوى

اندرين ره مى تراش ومى خراش تادمى آخر دمى فارغ مباش

فان البطالة لا تثمر الا الحرمان والجد يفتح ابواب المراد من أى نوع كان