خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَاتِ وَٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ وَٱلْقَانِتِينَ وَٱلْقَانِتَاتِ وَٱلصَّادِقِينَ وَٱلصَّادِقَاتِ وَٱلصَّابِرِينَ وَٱلصَّابِرَاتِ وَٱلْخَاشِعِينَ وَٱلْخَاشِعَاتِ وَٱلْمُتَصَدِّقِينَ وَٱلْمُتَصَدِّقَاتِ وٱلصَّائِمِينَ وٱلصَّائِمَاتِ وَٱلْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَٱلْحَافِـظَاتِ وَٱلذَّاكِـرِينَ ٱللَّهَ كَثِيراً وَٱلذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً
٣٥
-الأحزاب

روح البيان في تفسير القرآن

{ ان المسلمين والمسلمات } ـ روى ـ انه لما نزل فى نساء النبى عليه السلام الآيات المذكورة قالت نساء المؤمنين فما نزل فينا ولو كان فينا خير لذكرنا فنزلت والمعنى ان الداخلين فى السلم بعد الحرب المنقادين لحكم الله من الذكور والاناث.
وفى التأويلات النجمية المسلم هو المستسلم للاحكام الازلية بالطوع والرغبة مسلما نفسه الى المجاهدة والمكابدة ومخالفة الهوى وقد سلم المسلمون من لسانه ويده { والمؤمنين والمؤمنات } المصدقين بما يجب ان يصدق به من الفريقين.
وفى التأويلات المؤمن من امنه الناس وقد احيى الله قلبه اولا بالعقل ثم بالعلم ثم بالفهم عن الله تعالى ثم بنور الله تعالى بالتوحيد ثم بالمعرفة ثم احياه بالله.
قال فى بحر العلوم ومراد اصحابنا باتحاد الايمان والاسلام ان الاسلام هو الخضوع والانقياد بمعنى قبول ما جاء به من عند الله والاذعان له وذلك حقيقة التصديق ولذلك لم يصح فى الشرع ان يحكم على احد بانه مسلم وليس بمؤمن او مؤمن وليس بمسلم فلا يمتاز احدهما عن الآخر ولم يريدوا الاتحاد بحسب المفهوم لان الايمان هو تصديق الله فيما اخبر من اوامره ونواهيه ومواعيده والاسلام هو الخضوع والانقياد لالوهيته وهذا لا يحصل الا بقبول الامر والنهى والوعد والوعيد والاذعان لذلك فمن لم يقبل شيئا من هذه الاربعة فقد كفر وليس بمسلم انتهى { والقانتين والقانتات } اى المداومين على الطاعات القائمين بها.
وفى التأويلات القنوت استغراق الوجود فى الطاعة والعبودية { والصادقين والصادقات } فى القول والعمل والنية.
وفى التأويلات فى عقودهم وعهودهم ورعاية حدودهم والصدق نور اهدى لقلوب الصديقين بحسب قربهم من ربهم { والصابرين والصابرات } على الطاعات وعن المعاصى.
وفى التأويلات على الخصال الحميدة وعن الصفات الذميمة وعند جريان القضاء ونزول البلاء { والخاشعين والخاشعات } المتواضعين لله بقلوبهم وجوارحهم.
وفى التأويلات الخشوع اطراق السريرة عند توارد الحقيقة انتهى.
قال بعضهم الخشوع انقياد الباطن للحق والخضوع انقياد الظاهر له.
وفى القاموس الخشوع الخضوع او هو فى البدن والخشوع فى الصوت { والمتصدقين والمتصدقات } بما وجب فى مالهم والمعطين للصدقات فرضا او نفلا يقال تصدق على الفقراء اذا اعطاهم الصدقة وهى العطية التى بها تبتغى المثوبة من الله تعالى.
وفى المفردات الصدقة ما يخرجه الانسان من ماله على وجه القربة كالزكاة لكن الصدقة فى الاصل تقال للمتطوع به والزكاة للواجب وقيل يسمى الواجب صدقة اذا تحرى صاحبه الصدق فى فعله.
وفى التأويلات والمتصدقين والمتصدقات باموالهم واعراضهم حتى لا يكون لهم مع احد خصميه فيما ينال منهم: يعنى [بخشند كانند هم بمال وهم بنفس حق هيج كس برخود نكذاشته وازراه خصومت باخلق برخاسته] وحقيقة الصدقة ما يكون بالاحوال على ارباب الطلب: قال الحافظ

اى صاحب كرامت شكرانة سلامت روزى تفقدى كن درويش بى نوارا

{ والصائمين والصائمات } الصوم المفروض او مطلق الصوم فرضا او نفلا.
وفى التأويلات الممسكين عما لا يجوز فى الشريعة والطريقة بالقلب والقالب فيصوم القالب بالامساك عن الشهوات ويصوم القلب بالامساك عن رؤية الدرجات والقربات.
وفى المفردات الصوم فى الاصل الامساك عن الفعل مطعما كان او كلاما او مشيا وفى الشرع امساك المكاف بالنية من الخيط الابيض الى الخيط الاسود عن تناول الاطيبين والاستمناء والاستقاءة { والحافظين فروجهم والحافظات } فى الظاهر عن الحرام وفى الحقيقة عن تصرفات المكونات اى والحافظاتها فحذف المفعول لدلالة المذكور عليه.
وفى المفردات الفرج والفرجة الشق بين الشيئين كفرجة الحائط والفرج ما بين الرجلين وكنى به عن السوءة وكثر حتى صار كالصريح فيه { والذاكرين الله } ذكرا { كثيرا والذاكرات } اى والذاكراته فترك المفعول كما فى الحافظات اى بقلوبهم وألسنتهم.
وفى التأويلات النجمية بجميع اجزاء وجودهم الجسمانية والروحانية بل بجميع ذرات المكونات بل بالله وجميع صفاته.
وقال ابن عباس رضى الله عنهما يريد ادبار الصلوات وغدوا وعشيا وفى المضاجع وكلما استيقظ من نومه وكلما غدا وراح من منزله ذكر الله انتهى.
والاشتغال بالعلم النافع وتلاوة القرآن والدعاء من الذكر وفى الحديث
"من استيقظ من منامه وايقظ امرأته فصليا جميعا ركعتين كتبا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات"
وعن مجاهد لا يكون العبد من الذاكرين الله كثيرا حتى يذكر الله قائما وقاعدا ومضطجعا { اعد الله لهم } بسبب ما عملوا من الطاعات العشر المذكورة وجمعوا بينها وهو خبران والعطف بالواو بين الذكور والاناث كالمسلمين والمسلمين كالعطف بين الضدين لاختلاف الجنسين. واما عطف الزوجين على الزوجين كعطف المؤمنين والمؤمنات على المسلمين والمسلمات فمن عطف الصفة على الصفة بحرف الجمع اى عطفهما لتغاير الوصفين { مغفرة } لما اقترفوا من الصغائر لانهن مكفرات بما عملوا من الاعمال الصالحات.
وفى التأويلات هى نور من انوار جماله جعل مغفر الرأس روحهم يعصمهم مما يقطعهم عن الله { واجرا عظيما } على ما صدر عنهم من الطاعات وهو الجنة واليوم سهولة العبادة ودوام المعرفة وغدا تحقيق المسئول ونيل ما فوق المأمول.
وفى التأويلات العظيم هو الله يعنى اجرا من واهب الطافه بتجلى ذاته وصفاته.
وعن عطاء بن ابى رباح من فوّض امره الى الله فهو داخل فى قوله { ان المسلمين والمسلمات } ومن اقرّ بان الله ربه ومحمدا عليه السلام رسوله ولم يخالف قلبه لسانه فهو داخل فى قوله { والمؤمنين والمؤمنات } ومن اطاع الله فى الفرائض والرسول فى السنة فهو داخل فى قوله { والقانتين والقانتات } ومن صان قوله عن الكذب فهو داخل فى قوله { والصادقين والصادقات } ومن صبر على الطاعة وعن المعصية وعلى الرزية فهو داخل فى قوله { والصابرين والصابرات } ومن صلى فلم يعرف من عن يمينه وعن شماله فهو داخل فى قوله { والخاشعين والخاشعات }.
قال فى بحر العلوم بنى الامر فى هذا على الاشد وليس هذا بمرضى عنه انتهى.
يقول الفقير بل بنى على الاسهل فانه اراد ترك الالتفات يمينا وشمالا وهو اسهل بالنسبة الى الاستغراق فى الشهود. ومن تصدق فى كل اسبوع بدرهم فهو داخل فى قوله { والمتصدقين والمتصدقات } ومن صام من كل شهر ايام البيض فهو داخل فى قوله { والصائمين والصائمات } ومن حفظ فرجه عما لا يحل فهو داخل فى قوله { والحافظين فروجهم والحافظات } ومن صلى الصلوات الخمس بحقوقها فهو داخل فى قوله { والذاكرين الله كثيرا والذاكرات }.
"وعن ابى سعيد الخدرى رضى الله عنه سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أى العباد افضل درجة عند الله يوم القيامة قال الذاكرون الله كثيرا والذاكرات قالوا يا رسول الله ومن الغازى فى سبيل الله قال لو ضرب بسيفه الكفار والمشركين حتى تكسر او تخضب دما لكان ذاكر الله كثيرا افضل منه درجة" "وعن ابى هريرة رضى الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير فى طريق مكة فمر على جبل يقال له جمدان كعثمان فقال سيروا هذا جمدان سبق المفرّدون قالوا ومن المفردون يا رسول الله قال الذاكرون الله كثيرا والذاكرات" اى كثيرا والمفردون نقله البعض بكسر الراء وتشديدها والبعض الآخر بتخفيفها وانما لم يقولوا من المفردون لان مقصودهم من النبى عليه السلام كان ان يبين لهم ما المراد من الافراد والتفريد لابيان من يقوم به الفعل فبينه عليه السلام بقوله "الذاكرون الله كثيرا والذاكرات" يعنى المراد من الافراد هنا ان يجعل الرجل بان لا يذكر معه غيره والمراد من كثرة ذكره ان لا ينساه على كل حال لا الذكر بكثرة اللغات.
قال ابن ملك وفى ذكره عليه السلام هذا الكلام عقيب قوله
"هذا جمدان" لطيفة وهى ان جمدان كان منفردا ولم يكن مثله فكذا هؤلاء السادات منفردون ثابتون على السعادات.
يقول الفقير اشار عليه السلام بجمدان الى جبل الوجود والسير فيه وقطع طريقه بتفريد التوحيد وهو تقطيع الموحد عن الانفس كما ان تجريد التوحيد تقطيعه عن الآفاق جعلنا الله واياكم من السائرين الطائرين لا من الواقفين الحائرين

سالكا بى كشش دوست بجايى نرسند سالها كرجه درين راه تك وبوى كنند