خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تُطِعِ ٱلْكَافِرِينَ وَٱلْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّـلْ عَلَى ٱللَّهِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِـيلاً
٤٨
-الأحزاب

روح البيان في تفسير القرآن

{ ولا تطع الكافرين } من اهل مكة { والمنافقين } من اهل المدينة ومعناه الدوام اى دم واثبت على ما انت عليه من مخالفتهم وترك اطاعتهم واتباعهم.
وفى الارشاد نهى عن مداراتهم فى امر الدعوة واستعمال لين الجانب فى التبليغ والمسامحة فى الانذار كنى عن ذلك بالنهى عن طاعتهم مبالغة فى الزجر والتنفير عن النهى عنه بنظمه فى سلكها وتصويره بصورتها { ودع اذاهم } الى لاتبال بايذائهم لك بسبب تصلبك فى الدعوة والانذار.
وعن ابن مسعود رضى الله عنه
"قسم رسول الله قسمة فقال رجل من الانصار ان هذه لقسمة ما اريد بها وجه الله فاخبر بذلك فاحمر وجهه فقال رحم الله اخى موسى لقد اوذى باكثر من هذا فصبر"

صد هزاران كيميا حق آفريد كيميايى همجو صبر آدم نديد

وفى التأويلات النجمية { ولا تطع } الخ اى لا تتخلق بخلق من اخلاقهم ولا توافق من اعرضنا عنه واغفلنا قلبه عن ذكرنا واضللناه من اهل الكفر والنفاق واهل البدع والشقاق وفيه اشارة الى ارباب الطلب بالصدق ان لا يطيعوا المنكرين الغافلين عن هذا الحديث فيما يدعونهم الى ما يلائم هوى نفوسهم ويقطعون به الطريق عليهم ويزعمون انهم ناصحوهم ومشفقون عليهم وهم يحسنون صنعا { ودع اذاهم } بالبحث والمناظرة على ابطالهم فانهم عن سمع كلمات الحق لمعزولون فتضيع اوقاتك ويزيد انكارهم { وتوكل على الله } فى كل الامور خصوصا فى هذا الشأن فانه تعالى يكفيكهم والعاقبة لك { وكفى بالله وكيلا } موكولا اليه الامور فى كل الاحوال فهو فعيل بمعنى المفعول تمييز من فاعل كفى وهو الله اذ الباء صلة والتقدير وكفى الله من جهة الوكالة فان اهل الدارين لا يكفى كفاية الله فيما يحتاج اليه فمن عرف انه تعالى هو المتكفل بمصالح عباده والكافى لهم فى كل امر اكتفى به فى كل امره فلم يدبر معه ولم يعتمد الا عليه ـ روى ـ ان الحجاج بن يوسف سمع ملبيا يلبى حول البيت رافعا صوته بالتلبية وكان اذذاك بمكة فقال علىّ بالرجل فاتى به اليه فقال ممن الرجل قال من المسلمين فقال ليس عن الاسلام سألتك قال فعمّ سألت قال سألتك عن البلد قال من اهل اليمن قال كيف تركت محمد بن يوسف يعنى اخاه قال تركته عظيما جسيما لباسا ركابا خراجا ولاجا قال ليس عن هذا سألتك قال فعمّ سألت قال سألتك عن سيرته قال تركته ظلوما غشوما مطيعا للمخلوق عاصيا للخالق فقال له الحجاج ما حملك على هذا الكلام وانت تعلم مكانه منى قال أترى مكانه منك اعزمنى بمكانى من الله وانا وافد بيته مصدق نبيه فسكت الحجاج ولم يحسن جوابا وانصرف الرجل من غير اذن فتعلق باستار الكعبة وقال اللهم بك اعوذ وبك الوذ اللهم فرجك القريب ومعروفك القديم وعادتك الحسنة فخلص من يد الحجاج بسبب توكله على الله فى قوله الخشن وبعدم اطاعته وانقياده للمخلوق