خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَأَعْرَضُواْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ ٱلْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ
١٦
-سبأ

روح البيان في تفسير القرآن

{ فاعرضوا } اى اولاد سبأ عن الوفاء واقبلوا على الجفاء وكفرو النعمة وتعرضوا للنقمة وضيعوا الشكر فبدلوا وبدل لهم الحال. يقال اعرض اى اظهر عرضه اى ناحيته.
قال ابن عباس رضى الله عنهما بعث الله تعالى ثلاثة عشر نبيا الى ثلاث عشرة قرية باليمن فدعوهم الى الايمان والطاعة وذكروهم نعمه تعالى وخوفوهم عقابه فكذبوهم وقالوا ما نعرف له علينا من نعمة فقولوا لربكم فليحبس عنا هذه النعمة ان استطاع { فارسلنا عليهم } الارسال مقابل الامساك والتخلية وترك المنع { سيل العرم } السيل اصله مصدر كالسيلان بمعنى [رفتن آب] وجعل اسما للماء الذى يأتيك ولم يصبك مطره والعرم من العرامة وهى الشدة والصعوبة يقال عرم كنصر وضرب وكرم وعلم عرامة وعراما بالضم فهو عارم وعرم اشتد وعرم الرجل اذا شرس خلقه اى ساء وصعب اضاف السيل الى العرم اى الصعب وهو من اضافة الموصوف الى صفته بمعنى سيل المطر العرم او الامر العرم. والمعنى بالفارسية [بس فرستاديم وفرو كشاديم برايشان سيل صعب ودشوار].
وقال ابن عباس رضى الله عنهما العرم اسم الوادى: يعنى [نام وادى كه آب از جانب او آمد].
وقال بعضهم العرم السد الذى يحبس الماء ليعلوا على الارض المرتفعة: يعنى [عرم بند آبست بلغة حمير].
وقال بعضهم هو الجرذ الذكر اضاف السيل اليه لان الله تعالى ارسل جرذانا برية كان لها انياب من حديد لا يقرب منها هرة الا قتلتها فنقبت عليهم ذلك السد: يعنى [بندرا سوراخ كرد] فغرقت جنانهم ومساكنهم ويقال لذلك الجرذ الخلد بالضم لاقامته عند حجره وهو الفار الاعمى الذى لا يدرك الا بالسمع.
قال ارسطو كل حيوان له عينان الا الخلد وانما خلق كذلك لانه ترابى جعل الله له الارض كالماء للسمك وغذاؤه من باطنها وليس له فى ظاهرها قوت ولا نشاط ولما لم يكن له بصر عوّضه الله حدة السمع فيدرك الوطء الخفى من مسافة بعيدة فاذا احسن بذلك جعل يحفر فى الارض قيل ان سمعه بمقدار بصر غيره وفى طبعه الهرب من الرائحة الطيبة ويهوى رائحة الكراث والبصل وربما صيدبها فانه اذا شمها خرج اليها فاذا جاع فتح فاه فيرسل الله له الذباب فيسقط عليه فيأخذه ودمه اذا اكتحل به ابرأ العين كما فى حياة الحيوان.
قال الكاشفى [در مختار آورده كه فرزندان سبارا در حوالى مأرب از ولايت يمن منزلى بود درميان دو كوه از اعلى تا اسفل آن منزل هزده فرسخ وشرب ايشان در اعلاى وادى بود ازجشمه در بايان كوى كاه بودى كه فاضل آب ازاودية يمن با آب ايشان ضم شدى وخرابى كردى].
قال ابو الليث كان الماء لا يأتيهم من مسيرة عشرة ايام حتى يجرى بين الجبلين [از بلقيس كه ازوالية ولايت ايشان بود درخواست كردند تا سدى بست بسنك وقار دردهانة كوه تا آبهاى اصلى وزاندى ازا مطار وعيون آنجا جمع شدند].
وقال السهيلى فى كتاب التعريف والاعلام كان الذى بنى السد سبأ بن يشجب بناه بالرخام وساق اليه سبعين واديا ومات قبل ان يستتمه فاتم بعده انتهى.
[وسه ثقبه برآن سد ترتيب كرد تااول ثقبة اعلى بكشايند وآب بمزروعات وباغها وخود برند وجون وفا نكند وكمتر شود وسطى وبآخر سفلى جون سيزده بيغمبررا تكذيب كردند وبيغمبر آخرين در زمان بادشاه ذى الاوغار بن جيشان بعد ازرفع عيسى بديشان آمد واورا بسيار رنجانيدند حق سبحانه وتعالى موشهاى دستى درزير بند ايشان بديد آورده بفرمود تا سوراخ كردند ونيم شب كه همه در خواب بودند بندشكسته شد وسيل در آمده منازل وحدائق ايشان مغمور كشت وبسيار مردم وجهار باى هلاك كشت].
وقال فى فتح الرحمن فارسلنا عليهم السيل الذى لا يطاق فخرب السد وملأ ما بين الجبلين وحمل الجنات وكثيرا من الناس ممن لم يمكنه الفرار اى الى الجبل واغرق اموالهم فتفرقوا فى البلاد فصاروا مثلا { وبدلناهم بجنتيهم } المذكورتين وآتيناهم بدلهما: وبالفارسية [وبدل داديم ايشانرا بباغهاى ايشان] والتبديل جعل الشئ مكان آخر والباء تدخل على المتروك على ما هى القاعدة المشهورة { جنتين } ثانى مفعولى بدلنا { ذواتى اكل خمط } صفة لجنتين ويقال فى الرفع ذواتا بالالف وهى تثنية ذات مؤنث ذى بمعنى الصاحب والاكل بضم الكاف وسكونه اسم لما يؤكل والخمط كل نبت اخذ طعما من مرارة حتى لا يمكن اكله والمعنى جنتين صاحبتى ثمر مرّ: وبالفارسية [دوباغ خداوند ميوهاى تلخ] فيكون الخمط نعتا للاكل وجاء فى بعض القراآت باضافة الاكل الى الخمط على ان يكون الخمط كل شجر مر الثمر او كل شجر له شوك او هو الاراك على ما قاله البخارى والاكل ثمره.
قال فى المختار الخمط ضرب من الاراك له حمل يؤكل وتسمية البدل جنتين للمشاكلة والتهكم { واثل } معطوف على اكل لا على خمط فان الاثل هو الطرفاء بالفارسية [كز] او شجر يشبهه اعظم منه ولا ثمر له: قال الشيخ سعدى قدس سره

اكر بد كنى جشم نيكى مدار كه هركز نيارد كز انكور بار

{ وشئ من سدر قليل } وهو معطوف ايضا على اكل.
قال البيضاوى وصف السدر بالقلة لما ان جناه وهو النبق مما يطيب اكله ولذلك يغرس فى البساتين انتهى.
فالسدر شجر النبق على ما فى القاموس.
وقال المولى ابو السعود والصحيح ان السدر صنفان صنف يؤكل من ثمره وينتفع بورقه لغسل اليد وصنف له ثمرة عفصة لا تؤكل اصلا وهو البرى الذى يقال له الضال والمراد ههنا هو الثانى فكان شجرهم من خير الشجر فصيره الله من شر الشجر بسبب اعمالهم القبيحة.
والحاصل ان الله تعالى اهلك اشجارهم المثمرة وانبت بدلها غير المثمرة