خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ذَٰلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُواْ وَهَلْ نُجَٰزِيۤ إِلاَّ ٱلْكَفُورَ
١٧
-سبأ

روح البيان في تفسير القرآن

{ ذلك } اشارة الى مصدر قوله تعالى { جزيناهم } فمحله النصب على انه مصدر مؤكد له اى ذلك الجزاء الفظيع جزيناهم لاجزاء آخر او الى ما ذكر من التبديل فمحله النصب على انه مفعول ثان له اى ذلك التبديل جزيناهم لا غيره { بما كفروا } بسبب كفرانهم النعمة حيث نزعناها منهم ووضعنا مكانها ضدها او بسبب كفرهم بالرسل وفى هذه الآية دليل على بعث الانبياء بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام فانه روى ان الواقعة المذكورة كانت فى الفترة التى بينهما وما قيل من انه لم يكن بينهما نبى يعنى نبى به ذو كتاب كذا فى بحر العلوم فلا يشكل قوله عليه السلام "ليس بينى وبينه نبى" اى رسول مبعوث بشريعة مستقلة بل كل من بعث كان مقررا لشريعة عيسى وقد سبق تحقيق هذا المبحث مرارا { وهل نجازى الا الكفور } اى وما نجازى هذا الجزاء الا المبالغ فى الكفران او الكفر. فهل وان كان استفهاما فمعناه النفى ولذلك دخلت الا فى قوله الا الكفور.
قال فى القاموس هل كلمة استفهام وقد يكون بمعنى الجحد وكفر النعمة وكفرانها سترها بترك اداء شكرها والكفران فى جحود النعمة اكثر استعمالا والكفر فى الدين اكثر والكفور فيهما جميعا.
وفى الآية اشارة الى ان المؤمن الشاكر يربط بشكره النعم الصورية والمعنوية من الايقان والتقوى والصدق والاخلاص والتوكل والاخلاق الحميدة وغير الشاكر يزيل بكفرانه هذه النعم فيجد بدلها الفقر والكفر والنفاق والشك والاوصاف الذميمة ألا ترى الى حال بلعم فانه لم يشكر يوما على نعمة الايمان والتوفيق فوقع فيما وقع من الكفر والعياذ بالله تعالى. فلما غرس اهل الكفر فى بستان القلب والروح الاشجار الخبيثة لم يجدوا الا الاثمار الخبيثة فما عوملوا الا بما استوجبوا وما حصدوا الا ما زرعوا وما وقعوا الا فى الحفرة التى حفروا كما قيل "يداك اوكتا وفوك نفخ" وهذا مثل مشهور يضرب لمن يتحسر ويتضجر مما يرد عليه منه يقال اوكأ على سقائه اذا شده بالوكاء والوكاء للقربة وهو الخيط الذى يشد به فوها وقد ورد فى العبارة النبوية (فمن وجد خيرا فليحمد الله) اى الذى هو ينبوع الرحمة والخير (ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ الا نفسه): وفى المثنوى

داد حق اهل سبارا بس فراغ صد هزاران قصر وايوانها وباغ
شكر آن نكزاردند آن بدركان در وفا بودند كمتر از سكان
مر سكانرا لقمه نانى زدر جون رسد بردرهمى بندد كمر
باسبان وحارس در ميشود كرجه بروى جور سختى ميرود
هم بارن درباشدش باش وقرار كفر دارد كرد غيرى اختيار
بيوفايى جون سكانرا عار بود بيوفايى جون روا دارى نمود