خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قُلْ إِنَّمَآ أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُواْ لِلَّهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِكُمْ مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَّكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ
٤٦
-سبأ

روح البيان في تفسير القرآن

{ قل انما اعظكم بواحدة } الوعظ زجر يقترن به تخويف.
وقال الخليل هو التذكير بالخير فيما يرق له القلب والعظة والموعظة الاسم اى ما انشدكم وانصح لكم الا بخصلة واحدة هى { ان تقوموا } من مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وتتفرقوا من مجمعكم عنده فالقيام على حقيقته بمعنى القيام على الرجلين ضد الجلوس ويجوز ان يكون بمعنى القيام بالامر والاهتمام بطلب الحق { لله } لاجله تعالى ورضاه لا للمراء والرياء والتقليد حال كونكم متفرقين { مثنى } اثنين اثنين { وفرادى } واحدا واحدا.
قال الراغب الفرد الذى لا يختلط به غيره فهو اعم من الوتر واخص من الواحد وجمعه فرادى انتهى.
وفى المختار الفرد الوتر وجمعه افراد وفرادى بالضم على غير القياس كأنه جمع فردان { ثم تتفكروا } التفكر طلب المعنى بالقلب: يعنى [تفكر جست وجوى دلست در طلب معنى] اى تتفكروا فى امره صلى الله عليه وسلم فتعلموا { ما } نافية { بصاحبكم } المراد الرسول عليه السلام { من جنة } اى جنون يحمله على دعوى النبوة العامة كما ظننتم وفائدة التقييد بالاثنين والفرادى ان الاثنين اذا التجئا الى الله تعالى وبحثا طلبا للحق مع الانصاف هديا اليه وكذا الواحد اذا تفكر فى نفسه مجردا عن الهوى بخلاف كثرة الجمع فانه يقل فيها الانصاف غالبا ويكثر الخلاف ويثور غبار الغضب ولا يسمع الانصرة المذهب. وفى تقديم مثنى ايذان بانه اوفق واقرب من الاطمئنان فان الاثنين اذا قعدا بطريق المشاورة فى شأن الرسول عليه السلام وصحة نبوته من غير هوى وعصبية وعرض كل منهما محصول فكره على الآخر ادى النظر الصحيح الى التصديق ويحصل العلم على العلم.
وفى الفتوحات المكية قدس الله سر صاحبها الواحدة ان يقوم الواعظ من اجل الله اما غيرة واما تعظيما وقوله { مثنى } اى بالله ورسوله فانه من اطاع الرسول فقد اطاع الله فيقوم صاحب هذا المقام بكتاب الله وسنة رسوله لا عن هوى نفس ولا تعظيم كونى ولا غيرة نفسية وقوله { وفرادى } اى بالله خاصة او برسوله خاصة انتهى هذا اذا علقت { ما بصاحبكم } بمحذوف كما قدر فلا يوقف اذا على تتفكروا ويجوز ان يكون الوقف تاما عند تتفكروا على معنى ثم تتفكروا فى امره عليه السلام وما جاء به لتعلموا حقيقته فقوله { ما بصاحبكم من جنة } استئناف مسوق من جهته تعالى للتنبيه على طريقة النظر والتأمل بان مثل هذا الامر العظيم الذى تحته ملك الدنيا والآخرة لا يتصدى لادعائه الا مجنون لا يبالى بافتضاحه عند مطالبته بالبرهان وظهور عجزه او مؤيد من عند الله مرشح للنبوة واثق بحجته وبرهانه واذ قد علمتم انه عليه السلام ارجح العالمين عقلا واصدقهم قولا وانزههم نفسا وافضلهم علما واحسنهم عملا واجمعهم للكمالات البشرية وجب ان تصدقوه فى دعواه فكيف وقد انضم الى ذلك معجزات تخر لها صم الجبال { ان } ما { هو } صاحبكم { الا نذير لكم } مخوف لكم بلسان ينطق بالحق { بين يدى عذاب شديد } اى قدام عذاب الآخرة ان عصيتموه لانه مبعوث فى نسم الساعة اى اولها وقربها وذلك لأن النسم النفس ومن قرب منك يصل اليك نفسه.
وفى التأويلات النجمية { بين يدى عذاب شديد } فى الدنيا والآخرة لينجيكم منه والعذاب الشديد الجهل والنكرة والجحود والانكار والطرد واللعن من الله تعالى وفى الآخرة الحسرة والندامة والخجلة عند السؤال.
وفى بعض الاخبار انه عذاب من يسألهم الحق فيقع عليهم من الخجل ما يقولون عنده عذبنا يا ربنا بما شئت من انواع العقوبة ولا تعذبنا بهذا السؤال