خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَم بِهِ جِنَّةٌ بَلِ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ فِي ٱلْعَذَابِ وَٱلضَّلاَلِ ٱلْبَعِيدِ
٨
-سبأ

روح البيان في تفسير القرآن

{ افترى على الله كذبا } فيما قاله وهذا ايضا من كلام الكفار واصل افترى أافترى بهمزة الاستفهام المفتوحة الداخلة على همزة الوصل المكسورة للانكار والتعجب فحذفت همزة الوصل تخفيفا مع عدم اللبس.
والفرق بين الافتراء والكذب ان الافتراء هو افتعال الكذب من قول نفسه والكذب قد يكون على وجه التقليد للغير فيه ومعنى الافتراء بالفارسية [دروغ بافتن] اى اختلق محمد على الله كذبا { ام به جنة } [يا بدو جنونى هست] اى جنون يوهمه ذلك ويلقيه على لسانه من غير قصد والجنون حائل بين النفس والعقل وهذا حصر للخبر الكاذب بزعمهم فى نوعيه وهما الكذب على عمد وهو المعنىّ بالافتراء والكذب لا عن عمد وهو المعنّى بالجنون فيكون معنى ام به جنة ام لم يفتر فعبر عن عدم الافتراء بالجنة لان المجنون لا افتراء له لان الكذب عن عند ولا عمد للمجنون فالاخبار حال الجنة قسيم للافتراء الاخص لا الكذب الاعمم ثم اجاب الله عن ترديدهم فقال { بل الذين لا يؤمنون بالآخرة } اى ليس محمد من الافتراء والجنون فى شئ كما زعموا وهو مبرأ منهما بل هؤلاء القائلون الكافرون بالحشر والنشر واقعون { فى العذاب } فى الآخرة { والضلال البعيد } فى الدنيا اى البعيد عن الصواب والهدى بحيث لا يرجى الخلاص منه ووصف الضلال بالبعد على الاسناد المجازى للمبالغة اذ هو فى الاصل وصف الضال لانه الذى يتباعد عن المنهاج المستقيم وكلما ازداد بعدا عنه كان اضل وتقديم العذاب على ما يوجبه ويؤدى اليه وهو الضلال للمسارعة الى بيان ما يسوؤهم وجعل العذاب والضلال محيطين بهم احاطة الظرف بالمظروف لان اسباب العذاب معهم فكأنهم فى وسطه ووضع الموصول موضع ضميرهم للتنبيه على ان علة ما اجترأوا عليه كفرهم بالآخرة وما فيها فنون العقاب ولولاه لما فعلوا ذلك خوفا من غائلته.
وحاصل الآية اثبات الجنون الحقيقى لهم فان الغفلة عن الوقوع فى العذاب وعن الضلال الموجب لذلك جنون اى جنون واختلال عقل أى اختلال اذ لو كان فهمهم وادراكهم تاما وكاملا لفهموا حقيقة الحال ولما اجترأوا على سوء المقال.
قال بعض الكبار كما ان الطفل الصغير يسبى الى بعض البلاد فينسى وطنه الاصلى بحيث لو ذكر به لم يتذكر كذلك نفس الانسان القاسى قلبه ان ذكر بالآخرة وهو وطنه الاصلى لم يتذكر ويكفر به ويقول مستهزئا ما يقول ولا يتفكر ان اجزاءه كانت متفرقة حين كان هو ذرة اخرجت من صلب آدم كيف جمع الله ذرات شخصه المتفرقة وجعلها خلقا جديدا كذلك يجمع الله اجزاءه المتفرقة للبعث

بامرش وجود از عدم نقش بست كه داند جزاو كردن ازنيست هست
دكر ره بكتم عدم در برد وزانجا بصحراى محشر برد
دهد روح كر تربت آدمى شود تربت آدم دران يكدمى
كسى كو بخواهد نظير نشور بكو در نكر سبزه را در ظهور
كه بعد خزان بشكفد جند كل بجوشد زمين در بهاران جومل