خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَا يَسْتَوِي ٱلْبَحْرَانِ هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَآئِغٌ شَرَابُهُ وَهَـٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى ٱلْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
١٢
-فاطر

روح البيان في تفسير القرآن

{ وما يستوى البحران } اصل البحر كل مكان واسع جامع للماء الكثير ويقال للمتوسع فى العلم بحر.
وفى القاموس البحر الماء الكثير عذبا او ملحا.
وقال بعضهم البحر فى الاصل يقال للملح دون العذب فقوله وما يستوى البحران الخ انما سمى العذب بحرا لكونه مع الملح كما يقال للشمس والقمر قمران.
قال فى اخوان الصفا فان قيل ما البحار يقال هى مستنقعات على وجه الارض حاصرة للمياه المجتمعة فيها { هذا } البحر { عذب } طيب بالفارسية [شيرين] { فرات } بليغ عذوبته بحيث يكسر العطش.
قال فى تاج المصادر [الفروتة: خوش شدن آب] والنعت فعال ويقال للواحد والجمع { سائغ شرابه } سهل انحدار مائه فى الحلق لعذوبته فان العذب لكونه ملائما للطبع تجذبه القوة الجاذبة بسهولة. والسائغ بالفارسية [كوارنده] يقال ساغ الشراب سهل مدخله والشراب ما شرب والمراد هنا الماء { وهذا } البحر الآخر { ملح } [تلخست].
قال فى المفردات الملح الماء الذى تغير طعمه التغير المعروف وتجمد ويقال له ملح اذا تغير طعمه وان لم يتجمد فيقال ماء ملح وقلما تقول العرب مالح ثم استعير من لفظ الملح الملاحة فقيل رجل مليح { اجاج } شديد ملوحته بحيث يحرق بملوحته وهو نقيض الفرات.
قال فى خريدة العجائب الحكمة فى كون ماء البحر ملحا اجاجا لا يذاق ولا يساغ لئلا ينتن من تقادم الدهور والازمان وعلى ممرّ الاحقاب والاحيان فيهلك من نتنه العالم الارضى ولو كان عذبا لكان كذلك ألا ترى الى العين التى بها ينظر الانسان الارض والسماء والعالم والالوان وهى شحمه مغمورة فى الدمع وهو ماء مالح والشحم لا يصان الا بالملح فكان الدمع مالحا لذلك المعنى انتهى.
واما الانهار العظيمة العذبة فلجريانها دائما لم يتغير طعمها ورائحتها فان التغير انما يحصل من الوقوف فى مكان { ومن كل } اى من كل واحد من البحرين المختلفين طعما { تأكلون } ايها الناس { لحما طريا } غضا جديدا من الطراء [والطراوة: والفارسية ميخوريد كوشتى تازه يعنى ما هى] وصف السمك بالطراوة وهى: وبالفارسية [تارة شدن] لتسارع الفساد اليه فيسارع الى اكله طريا ومضى باقى النقل فى سورة النحل { وتستخرجون } اى من المالح خاصة ولم يقل منه لانه معلوم { حلية } زينة اى لؤلؤا ومرجانا.
وفى الاسئلة المقحمة اراد بالحلية اللآلى واللآلى انما تخرج من ملح اجاج لا من عذب فرات فكيف اضافها الى البحرين والجواب قد قيل ان اللآلى تخرج من عذب فرات وفى الملح عيون من ماء عذب ينعقد فيه اللؤلؤ والمرجان انتهى.
قال فى الخريدة اللؤلؤ يتكون فى بحر الهند وفارس والمرجان ينبت فى البحر كالشجر واذا كلس المرجان عقد الزئبق فمنه ابيض ومنه احمر ومنه اسود وهو يقوى العين كحلا وينشف رطوبتها { تلبسونها } اى تلبس تلك الحلية نساؤكم ولما كان تزينهن بها لاجل الرجال فكأنها زينتهم ولباسهم ولذا اسند اليهم وفى الحديث
"كلم الله البحرين فقال للبحر الذى بالشام يا بحر انى قد خلقتك واكثرت فيك من الماء وانى حامل فيك عبادا لى يسبحوننى ويحمدوننى ويهللوننى ويكبروننى فما انت صانع بهم قال اغرقهم قال الله تعالى فانى احملهم على ظهرك بأسك نواصيك وقال للبحر الذى باليمن انى قد خلقتك واكثرت فيك الماء وانى حامل فيك عبادا يسبحوننى ويحمدوننى ويهللوننى ويكبروننى فما انت صانع بهم قال اسبحك واحمدك واهللك واكبرك معهم واحملهم على ظهرى قال الله تعالى فانى افضلك على البحر الآخر بالحلية والطرى" كذا فى كشف الاسرار { وترى الفلك } السفينة { فيه } اى فى كل منهما وافراد ضمير الخطاب مع جمعه فيما سبق وما لحق لان الخطاب لكل احد يأتى منه الرؤية دون المنتفعين بالبحرين فقط { مواخر } يقال سفينة ماخرة اذا جرت تشق الماء مع صوت والجمع المواخر كما فى المفردات والمعنى شواق للماء بجريها مقبلة ومدبرة بريح واحدة { لتبتغوا } [تاطلب كنيد] واللام متعلق بمواخر { من فضله } اى من فضل الله تعالى بالنقلة فيها.
قال فى بحر العلوم ابتغاء الفضل التجارة وهى اعظم اسباب سعة الرزق وزيادته قال عليه السلام
"تسعة اعشار رزق امتى فى البيع والشراء" { ولعلكم تشكرون } اى ولتشكروا على ذلك الفضل وحرف الترجى للايذان بكونه مرضيا عنده تعالى.
وفى بحر العلوم وكى تعرفوا نعم الله فتقوموا بحقها سيما انه جعل المهالك سببا لوجود المنافع وحصول المعايش.
واعلم ان الله تعالى ذكر هذه الآية دلالة على قدرته وبيانا لنعمته.
وقال بعضهم ضرب البحر العذب والملح مثلا للمؤمن والكافر فكما لا يستوى البحران فى الطعم فكذا المؤمن والكافر [يكى ازحلاوت ايمان عين عذب عرفانست وديكر از مرارت عصيان بحر اجاج كفر وطغيان آن آب حيات آمد واين نقش سرابست اين عين خطا باشد وآن محض صوابست] فقوله ومن كل الخ اما استطراد فى صفة البحرين وما فيهما من النعم والمنافع او تفضيل للاجاج على الكافر من حيث انه يشارك العذب فى منافع كثيرة كالسمك وجرى الفلك ونحوهما والكافر خلا من المنافع بالكية على طريقة قوله تعالى
{ { ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهى كالحجارة او اشد قسوة وان من الحجارة لما يتفجر منه الانهار وان منها لما يشقق فيخرج منه الماء وان منها لما يهبط من خشية الله } ورحم الله ابا الليث حيث قال فى تفسيره ومن كل يظهر شئ من الصلاح يعنى يلد الكافر المسلم مثل ما ولد الوليد بن المغيرة خالد بن الوليد وابو جهل عكرمة بن ابى جهل.
والاشارة بالبحر العذب الى الروح وصفاته الحميدة ومشربه الواردات الربانية وبالملح الى النفس وصفاتها الذميمة ومشربها الشهوات الحيوانية ولنا سفينتان الشريعة والطريقة فسفينة الشريعة تجرى من بحر الروح الى بحر النفس فيها احمال الاوامر والنواهى وسفينة الطريقة تجرى من بحر الروح الى الحضرة فيها احمال الاسرار والحقائق والمغانى والمقصود الوصول الى الحضرة على قدمى الشريعة والطريقة.
وفى كشف الاسرار [اين دودرياى مختلف يكى فرات ويكى اجاج. مثال دو درياست كه ميان بنده وخداست يكى درياى هلاك ديكر درياى نجات. دردرياى هلاك بنج كشتى روانست. يكى حرص. وديكر رياست. ديكر اصرار برمعاصى. جهارم غفلت بنجم قنوط. هركه در كشتئ حرص نشيند بساحل حسرت رسد. هركه در كشتئ قنوط نشيند بساحل كفر رسد. اما درياى نجات بساحل عطارسد. دركشتىء زهد نشيند بساحل قربت رسد هركه دركشتئ معرفت نشيند بساحل انس رسد. هركه در كشتئ توحيد نشيند بساحل مشاهده رسد. بيرطريقت موعظتى بليغ كفته ياران ودوستان خودرا كفت اى عزيزان وبرادران هنكام آن آمد كه ازين درياى هلاك نجات جوييد واز ورطة فترت برخيزيد نعيم باقى باين سراى فانى نفروشيد نفس بخدمت بيكانه است بيكانه را مبروريد دل بى يقظت غول است تابغول صحبت مدار يد نفس بى آكاهى باداست باباد عرم مكذرانيد باسمى ورسمى ازحقيقت قانع مباشيد از مكر نهانى ايمن منشينيد ازكار خاتمه ونفس باز بسين همواره برحذر باشيد شيرين سخن ونيكو نظمى كه آن جوانمرد كفته است]

اى دل ار عقبيت بايد جنك ازين دنيا بدار باك بازى بيشكه كير وراه دين كه اختيار
باى دردنيا نه وبردوز جشم نام وننك دست در عقبى زن وبربندراه فخر وعار
جون زنان تاكى نشينى براميدرنك وبوى همت اندر راه بند كامزن مردانه وار
جشم آن نادان كه عشق آوردبر رنك صدف والله آرديدش رسد هركز بدرشاهوار

قال بعض اهل المعرفة { وما يستوى البحران } اى الوقتان هذا بسط وصاحبه فى روح وهذا قبض وصاحبه فى نوح هذا فرق وصاحبه يوصف بالعبودية وهذا جمع وصاحبه فى شهود الربوبية [بنده تادر قبض است خوابش جون خواب غرق شدكان خوردش جون خورد بيماران عيشش جون عيش زندانيان بسزاى نياز خويش مى زيد بخوارى وراه مى برد بزارى زبزبان تذلل مى كويد برآب دوجشم وبر آتش جكرم برباد دودستم وبرازخاك سرم جون زارى وخوارى بغايت رسد وتذلل وعجزى ظاهر كردد رب العزة تدارك دل وى كند دربسط وانبساط بردل وى كشايد وقت وى خوش كردد دلش بامولى بيوسته وسر باطلاع حق آراسته وبزبان شكر ميكويد الهى محنت من بودى دولت من شدى اندوه من بودى راحت من شدى داغ من بودى جراغ من شدى جراحت من بودى مرهم من شدى] نسأل الله الخلاص من البرازخ والقيود والوصول الى الغاية القصوى من الوجدان والشهود انه رحيم ودود