خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَا ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ بِعَزِيزٍ
١٧
-فاطر

روح البيان في تفسير القرآن

{ وما ذلك } اى ما ذكر من الاذهاب بهم والاتيان بآخرين { على الله } متعلق بقوله { بعزيز } بمتعذر ولا صعب ومتعسر بل هو هين عليه يسير لشمول قدرته على كل مقدور ولذلك يقدر على الشئ وضده فاذا قال لشئ كن كان من غير توقف ولا امتناع وقد اهلك القرون الماضية واستخلف الآخرين الى ان جاء نوبة قريش فناداهم بقوله يا ايها الناس وبين انهم محتاجون اليه احتياجا كليا وهو غنى عنهم وعن عبادتهم ومع ذلك دعاهم الى ما فيه سعادتهم وفوزهم وهو الايمان والطاعة وهم مع احتياجهم لا يجيبونه فاستحقوا الهلاك ولم يبق الا المشيئة ثم انه تعالى شاء هلاكهم لاصرارهم فهلك بعضهم فى بدر وبعضهم فى غيره من المعارك وخلق مكانهم من يطيعونه تعالى فيما امرهم به ونهاهم عنه ويستحقون بذلك فضله ورحمته واستمر الافناء والايجاد الى يومنا هذا لكن لا على الاستعجال بل على الامهال فانه تعالى صبور لا يؤاخذ العصاة على العجلة ويؤخر العقوبة ليرجع التائب ويقلع المصر.
ففى الآية وعظ وزجر لجميع الاصناف من الملوك ومن دونهم فمن اهمل امر الجهاد لم يجد المهرب من بطش رب العباد ومن ترك الامر بالمعروف والنهى عن المنكر فقد جعل نفسه عرضة للهلاك والخطر وعلى هذا فقس.
فينبغى للعاقل المكلف ان يعبد الله ويخافه ولا يجترئ على ما يخالف رضاه ولا يكون اسوأ من الجمادات مع ان الانسان اشرف المخلوقات.
"قال جعفر الطيار رضى الله عنه كنت مع النبى عليه السلام وكان حذاءنا جبل فقال عليه السلام بلغ منى السلام الى هذا الجبل وقل له يسقيك ان كان فيه ماء قال فذهبت اليه وقلت السلام عليك ايها الجبل فقال الجبل بنطق لبيك يا رسول الله فعرضت القصة فقال بلغ سلامى الى رسول الله وقل له منذ سمعت قوله تعالى { فاتقوا النار التى وقودها الناس والحجارة } بكيت لخوف ان اكون من الحجارة التى هى وقود النار بحيث لم يبق فىّ ماء"