خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ ٱلْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ
٢٧
-فاطر

روح البيان في تفسير القرآن

{ ألم تر } الاستفهام تقريرى والرؤية قلبية اى ألم تعلم يعنى قد علمت يا محمد او يا من يليق به الخطاب { ان الله انزل } بقدرته وحكمته { من السماء } اى من الجهة العلوية سماء او سحابا { ماء } { فاخرجنا به } اى بذلك الماء. والالتفات من الغيبة الى التكلم لاظهار كمال الاعتناء بفعل الاخراج لما فيه من الصنع البديع المنبئ عن كمال القدرة والحكمة ولان الرجوع الى نون العظمة اهيب فى العبارة.
وقال الكاشفى [عدول متكلم جهت تخصيص فعل است يعنى ما تواناييم كه بيرون آريم بدان آب] { ثمرات } جمع ثمرة وهى اسم لكل ما يطعم من احمال الشجر { مختلفا الوانها } وصف سببى للثمرات اى اجناسها من الزمان والتفاح والتين والعنب وغيرها او اصنافها على ان كلا منها ذو اصناف مختلفة كالعنب فان اصنافه تزيد على خمسين وكالتمر فان اصنافه تزيد على مائة او هيآتها من الصفرة والحمرة والخضرة والبياض والسواد وغيرها { ومن الجبال جدد } مبتدأ وخبر. والجدد جمع جدة بالضم بمعنى الطريقة التى يخالف لونها ما يليها سواء كانت فى الجبل او فى غيره والخطة فى ظهر الحمار تخالف لونه وقد تكون للظبى جدتان مسكيتان تفصلان بين لونى ظهره وبطنه.
ولما لم يصح الحكم على نفس الجدد بانها من الجبال احتيج الى تقدير المضاف فى المبتدأ اى ومن الجبال ما هو دو جدد اى خطط وطرائق متلونة يخالف لونها لون الجبل فيؤول المعنى الى ان من الجبال ما هو مختلف الوانه لان بيض صفة جدد وحمر عطف على بيض فتلا عليه السلام القرائن الثلاث فان ما قبلها فاخرجنا به ثمرات مختلفا الوانها وما بعدها ومن الناس والدواب والانعام مختلف الوانه اى منهم بعض مختلف الوانه فلا بد فى القرينة المتوسطة بينهما من ارتكاب الحذف ليؤول المعنى الى ما ذكر فيحصل تناسب القرائن.
وفى المفردات اى طرائق ظاهرة من قولهم طريق مجدود اى مسلوك مقطوع ومنه جادة الطريق.
وفى الجلالين الطرائق تكون فى الجبال كالعروق { بيض } جمع ابيض صفة جدد { وحمر } جمع احمر.
وفى كشف الاسرار [واز كوهها راهها بيدا شده از روندكان خطها سببد وخطها سرخ در كوههاى سببد وكوههاى سرخ] حمل صاحب كشف الاسرار الجدد على الطرائق المسلوكة والظاهر هو الاول لان المقام لبيان ما هو خلقى على ان كون الطريقة بيضاء لا يستلزم كون الجبال كذلك اذ للجبال عروق لونها يخالف لونها وكذا العكس وهو ان كون الجبل ابيض لا يقتضى كون الطريقة كذلك فمن موافق ومن مخالف { مختلف الوانها } اى الوان تلك الجدد البيض والحمر بالشدة والضعف. فقوله بيض وحمر وان كان صفة لجدد الا ان قوله مختلف الوانها صفة لكل واحدة من الجدد البيض والحمر بمعنى ان بياض كل واحدة من الجدد البيض وكذا حمرة الجدد الحمر يتفاوتان بالشدة والضعف. فقوله بيض وحمر وان كان صفة لجدد فرب ابيض اشد بياضا من ابيض آخر وكذا رب احمر اشد حمرة من احمر آخر فنفس البياض مختلف وكذا نفس الحمرة فلذلك جمع لفظ الوان مضافا الى ضمير كل واحد من البيض والحمر فيكون كل واحد منهما من قبيل الكلى المشكك. ويحتمل ان يكون قوله مختلف الوانها صفة ثالثة لجدد فيكون ضمير الوانها للجدد فيكون تأكيدا لقوله بيض وحمر ويكون اختلاف الوان الجدد بان يكون بعضها ابيض وبعضها احمر فتكون الجدد كلها على لونين بياض وحمرة الا انه عبر عن اللونين بالالوان لتكثر كل واحد منهما باعتبار محاله كذا فى حواشى ابن الشيخ.
يقول الفقير من شاهد جبال ديار العرب فى طريق الحج وغيرها وجد هذه الاقسام كلها فانها وجددها مختلفة متلونة { وغرابيب سود } عطف على بيض فيكون من تفاصيل الجدد والصفات القائمة بها كالبيض والحمر كأنه قيل ومن الجبال ذو جدد بيض وحمر وسود غرابيب. وانما وسط الاختلاف لانه علم من الوصف بالغرابيب انه ليس فى الاسود اختلاف اللون بالشدة والضعف. ويجوز ان يكون غرابيب عطفا على جدد فلا يكون داخلا فى تفاصيل الجدد بل يكون قسيمها كأنه قيل ومن الجبال مخطط ذو جدد ومنها ما هو على لون واحد وهو السواد.
فالغرض من الآية اما بيان اختلاف الوان طرائق الجبال كاختلاف الوان الثمرات فترى الطرائق الجبلية من البعيد منها بيض ومنها حمر ومنها سود واما بيان اختلاف الوان الجبال نفسها وكل منها اثر دال على القدرة الكاملة كذا فى حواشى ابن الشيخ. والغرابيب جمع غربيب كعفريت يقال اسود غربيب اى شديد السواد الذى يشبه لون الغراب وكذا يقال اسود حالك كما يقال اصفر فاقع وابيض يقق محركة واحمر قان لخالص الصفرة وشديد البياض والحمرة وفى الحديث
"ان الله يبغض الشيخ الغربيب" يعنى الذى يخضب بالسواد كما فى تفسير القرطبى والذى لا يشيب كما فى المقاصد الحسنة والسود جمع اسود.
فان قلت اذا كان الغرابيب تأكيدا للاسود كالفاقع مثلا فلا صفر ينبغى ان يقال وسود وغرابيب بتقديم السود اذ من حق التأكيد ان يتبع المؤكد ولا يتقدم عليه.
قلت الغرابيب تأكيد لمضمر يفسره ما بعده والتقدير سود غرابيب سود فالتأكيد اذا متأخر عن المؤكد وفى الاضمار ثم الاظهار مزيد تأكيد لما فيه من التكرار وهذا اصوب من كون السود بدلا من الغرابيب كما ذهب اليه الاكثر حتى صاحب القاموس كما قال واما غرابيب سود بدل لان تأكيد الالوان لا يتقدم