خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَوَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُوۤاْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً
٤٤
-فاطر

روح البيان في تفسير القرآن

{ أولم يسيروا فى الارض } الهمزة للانكار والنفى والواو للعطف على مقدر اى اقعد مشركوا مكة فى مساكنهم ولم يسيروا ولم يمضوا فى الارض الى جانب الشام واليمن والعراق للتجارة { فينظروا } بمشاهدة آثار ديار الامم الماضية العاتية { كيف كان عقابة الذين } جاؤها { من قبلهم } اى هلكوا لما كذبوا الرسل وآثار هلاكهم باقية فى ديارهم { كانوا } اى والحال ان الذين من قبلهم كعاد وثمود وسبأ كانوا { اشد منهم قوة } [سخترين ازمكيان ازروى توانايى] واطول اعمارا فما نفعهم طول المدى وما اغنى عنهم شدة القوى { وما كان الله ليعجزه من شئ } [الاعجاز: عاجز كردن] واللام ومن لتأكيد النفى والمعنى استحال من كل الوجوه ان يعجز الله تعالى شئ ويسبقه ويفوته { فى السموات ولا } تأكيد آخر لما النافية ففى هذا الكلام ثلاثة تأكيدات { فى الارض } [بس هرجه خواهد كند وكسى بر حكم او بيشى نكيرد] { انه } تعالى { كان عليما } بليغ العلم بكل شئ فى العالم مما وجد ويوجد { قديرا } بليغ القدرة على كل ممكن ولذلك علم بجميع اعمالهم السيئة فعاقبهم بموجبها فمن كان قادرا على معاقبة من قبلهم كان قادرا عل معاقبتهم اذا كانت اعمالهم مثل اعمالهم والآية وعظ من الله تعالى ليعتبروا

نرود مرغ سوى دانه فراز جون دكر مرغ بينداندر بند
بند كيراز مصائب دكران تانكيرند ديكران زتوبند

والاشارة انه ما خاب له تعالى ولى ولا ربح له عدو فقد وسع لاوليائه فضلا كثيرا ودمر على اعدائه تدميرا وسبب الفضل والولاية هو التوحيد كما ان سبب القهر والعداوة هو الشرك.
قال بعض الكبار ما اخذ الله من اخذ من الامم الا فى آخر النهار كالعنين وذلك لان اسباب التأثير الآلهى المعتاد فى الطبيعة قد مرت عليه وما اثرت فيه فدل على ان العنة فيه استحكمت لا تزول فلما عدمت فائدة النكاح من لذة وتناسل فرق بينهما اذ كان النكاح موضوعا للالتذاذ او للتناسل اولهما معا او فى حق طائفة لكذا وفى حق اخرى لكذا وفى حق اخرى للمجموع وكذلك اليوم فى حق من اخذ من الامم اذا انقضت دورته وقع الاخذ الآلهى فى آخره انتهى.
كلامه قدس سره.
واعلم ان الله تعالى امهل عباده ولم يأخذهم بغتة ليروا ان العفو والاحسان احب اليه من الاخذ والانتقام وليعلموا شفقته وبره وكرمه وان رحمته سبقت غضبه ثم انهم اذا لم يعرفوا الفضل من العدل واللطف من القهر والجمال من الجلال اخذهم فى الدنيا والاخرة بانواع البلاء والعذاب وهى تطهير فى حق المؤمن وعقوبة محضة فى حق الكافر لانه ليس من اهل التطهير اذ التطهير انما يتعلق بلوث المعاصى غير الكفر عصمنا الله واياكم مما يوجب سخطه وعذابه وعقابه