خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلذِّكْرَ وَخشِيَ ٱلرَّحْمـٰنَ بِٱلْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ
١١
-يس

روح البيان في تفسير القرآن

{ انما تنذر } اى ما ينفع انذارك الا { من اتبع الذكر } اى القرآن بالتأمل فيه او الوعظ والتذكير ولم يصر على اتباع خطوات الشيطان { وخشى الرحمن بالغيب } اى خاف عقابه تعالى والحال انه غائب عن العقاب على انه حال من الفاعل او الحال ان العقاب غائب عنه اى قبل نزول العقاب وحلوله على انه حال من المفعول او حال كونه غائبا عن عيون الناس فى خلوته ولم يغتر برحمته فانه منتقم قهار كما انه رحيم غفار وكيف يؤمن سخطه وعذابه بعدان قال { { ان عذاب ربهم غير مأمون } ومن كان نعمته بسبب رحمته اكثر فالخوف منه اتم مخافة ان يقطع عنه النعم المتواترة فظهر وجه ذكر الرحمن مع الخشية مع ان الظاهر ان يذكر معها ما ينبئ عن القهر.
وفى التأويلات النجمية { وخشى الرحمن بالغيب } اى بنور غيبتى يشاهد وخامة عاقبة الكفر والعصيان ويتحقق عنده بشواهد الحق كمالية حلاوة الايمان ورفعة رتبة العرفان { فبشره } اى من اتبع وخشى وحد الضمير مراعاة اللفظ من { بمغفرة } عظيمة لذنوبة { واجر كريم } حسن مرضى لاعماله الصالحة لا يقادر قدره وهو الجنة وما فيها مما اعده الله لعباده الجامعين بين اتباع ذكره وخشيته والفاء لترتيب البشارة او الام بها على ما قبلها من اتباع الذكر والخشية. يقول الفقير رتب التبشير بمثنى على مثنى فالتأمل فى القرآن او التأثر من الوعظ يؤدى الى الايمان المؤدى الى المغفرة لان الله تعالى يغفر ما دون الشرك لمن يشاء والخشية تودى الى الحسنات المؤدية الى الاجر الكريم لانه تعالى قال { جزاء بما كانوا يعملون }. قال بعضهم الانذار لا يؤثر الا فى اصحاب الذكر لانهم فى مشاهدة عظمة المذكور فبركة موعظة الصادق تزيد لهم تعظيم الله تعالى واجلاله واذا زاد هذا المعنى زادت العبودية وزال التعب وحصل الانس مع الرب.
واعلم ان الجنة دار جمال وانس وتنزل الهى لطيف. واما النار فهى دار جلال وجبروت فالاسم الرب مع اهل الجنة والاسم الجبار مع اهل النار ابد الآبدين ودهر الداهرين وقد قال تعالى
"هؤلاء للجنة ولا ابالي وهؤلاء للنار ولا ابالى" وانما كان الحق تعالى لا يبالى بذلك لان رحمته سبقت غضبه فى حق الموحدين او فى حق المشركين ويكون المراد بالرحمة رحمة الايجاد من العدم لانها سابقة على سبب الغضب الواقع منهم فلذلك كان تعالى لا يبالى بما فعل بالفريقين. ولو كان المراد من عدم المبالاة ما توهمه بضعهم لما وقع والاخذ بالجرائم ولا وصف الحق نفسه بالغضب ولا كان البطش الشديد هذا كله من المبالاة والتهم بالمأخوذ كذا فى الفتوحات المكية