خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَآيَةٌ لَّهُمُ ٱلأَرْضُ ٱلْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ
٣٣
-يس

روح البيان في تفسير القرآن

{ وآية } علامة عظيمة ودلالة واضحة على البعث والجمع والاحضار وهو خبر مقدم للاهتمام به وقوله { لهم } اى لاهل مكة اما متعلق بآية لانها بمعنى العلامة او بمضمر هو صفة لها والمبتدأ قوله { الارض الميتة } اليابسة الجامدة: وبالفارسية [خشك وبى كياه] { احييناها } استئناف مبين لكيفية كون الارض الميتة آية كأن قائلا قال كيف تكون آية فقال احييناها والاحياء فى الحقيقة اعطاء الحياة وهى صفة تقتضى الحس والحركة والمعنى ههنا هيجنا القوى النامية فيها واحدثنا نضارتها بانواع النباتات فى وقت الربيع بانزال الماء من بحر الحياة وكذلك النشور فانا نحيى الابدان البالية المتلاشية فى الاجداث بانزال رشحات من بحر الجود فنعيدهم احياء كما ابدعناهم اولا من العدم { واخرجنا منها } اى من الارض { حبا } الحب الذى يطحن والبرز الذى يعصر منه الدهن وهو جمع حبة والمراد جنس الحبوب التى تصلح قواما للناس من الارز والذرة والحنطة وغيرها { فمنه } اى فمن الحب { يأكلون } تقديم الصلة ليس لحصر جنس المأكول فى الحب حتى يلزم ان لا يؤكل غيره بل هو لحصر معظم المأكول فيه فان الحب معظم ما يؤكل ويعاش به ومنه صلاح الانس حتى اذا قلّ قلّ الصلاح وكثر الضر والصياح واذا فقد فقد النجاح باختلال الاشباح والارواح ولامر ما قال عليه السلام "اكرموا الخبز فان الله اكرمه فمن اكرم الخبز اكرمه الله" وقال عليه السلام "اكرموا الخبز فان الله سخر له بركات السموات والارض والحديد والبقر وابن آدم ولا تسندوا القصعة بالخبز فانه ما اهانه قوم الا ابتلاهم الله بالجوع" وقال عليه السلام "اللهم متعنا بالاسلام وبالخبز فلولا الخبز ما صمنا ولا صلينا ولا حجبنا ولا غزونا وارزقنا الخبز والحنطة" كما فى بحر العلوم.
قال فى شرعة الاسلام ويكرم الخبز باقصى ما يمكن فانه يعمل فى كل لقمة يأكلها الانسان من الخبز ثلاثمائة وستون صانعا او لهم ميكائيل الذى يكيل الماء من خزانة الرحمة ثم الملائكة التى تزجر السحاب والشمس والقمر والافلاك وملائكة الهواء ودواب الارض وآخرهم الخباز: قال الشيخ سعدى قدس سره

ابروباد ومه وخورشيد وفلك دركارند تاتونانى بكف آرى وبغفلت نخورى
همه ازبهر توسر كشته وفرمان بردار شرط انصاف نباشد كه توفرمان نبرى

ومن اكرام الخبز ان يلتقط الكسرة من الارض وان قلت فيأكلها تعظيما لنعمة الله تعالى وفى الحديث "من اكل ما يسقط من المائدة عاش فى وسعة وعوفى فى ولده وولد ولده من الحمق" ويقال ان التقاط الفتات مهور الحور العين ولا يضع القصعة على الخبز ولا غيرها الا ما يؤكل به من الادام. ويكره مسح الاصابع والسكين بالخبز الا اذا اكله بعده. وكذا يكره وضع الخبز جنب القصعة لتستوى. وكذا يكره اكل وجه الخبز او جوفه ورمى باقية لما فى كل ذلك من الاستحقاق بالخبز والاستخفاف بالخبز يورث الغلاء والقحط كذا فى شرح النقاية والعوارف ـ وذكر ـ ان الارز خلق من عرق النبى عليه السلام. زعم بعضهم ان اهل الهند لما منعوا من اخراجه الى الروم اطمعوه البط ثم ذبحوه فاخرجوه خيفة منهم بهذه الحيلة.
قال بعض الكبار من لم يأكل الارز بهذا الزعم فليأكل السم