خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَآيَةٌ لَّهُمُ ٱلَّيلُ نَسْلَخُ مِنْهُ ٱلنَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ
٣٧
-يس

روح البيان في تفسير القرآن

{ وآية لهم } اى علامة عظيمة لاهل مكة على كمال قدرتنا وهو مبتدأ خبره قوله { الليل } المظلم كأنه قيل كيف كان آية فقيل { نسلخ منه النهار } المضيئ اى نزيل النهار ونكشفه على مكان الليل ونلقى ظله بحيث لا يبقى معه شئ من ضوئه الذى هو شعاع الشمس فى الهواء مستعار من السلخ وهى ازالة ما بين الحيوان وجلده من الاتصال وان غلب فى الاستعمال تعليقه بالجلد يقال سلخت الاهاب بمعنى اخرجتها عنه { فاذا هم مظلمون } داخلون فى الظلام مفاجأة فان اذا للمفاجأة اى ليس لهم بعد ذلك امر سوى الدخول فيه.
وفيه رمز الى ان الاصل هو الظلمة والنور عارض متداخل فى الهواء فاذا خرج منه اظلم فعلى هذا المعنى كان الواقع عقيب اذهاب الضوء عن مواضع ظلمة الليل هو ظهور الظلمة كما كان الواقع عقيب سلخ الاهاب هو ظهور المسلوخ واما على معنى الا خراج فالواقع بعده وان كان هو الابصار دون الاظلام والمقام مقام ان يقال فاذا هم مبصرون لكن لما كان الليل زمان ترح وألم وعدم ابصار والنهار وقت فرح وسرور وابصار جعل الليل كأنه يفاجئهم عقيب اخراج النهار من الليل بلا مهلة اذزمان السرور ليس فيه مهلة حكما وان كان ممتدا بخلاف زمان الغم فانه كان فيه المهلة وان كان قصيرا كما قيل سنة الوصل سنة وسنة الهجر سنة وقيل

ويوم لا اراك كألف شهر وشهر لا اراك كالف عام

قال الحافظ

آندم كه باتو باشم يكساله هست روزى واندم كه بى توباشم يكلحظه هست سالى
محن الزمان كثيرة لا تنقضى وسروره يأتيك كالاعياد

وفى الخبر عن سلمان رضى الله عنه قال الليل موكل به ملك يقال له شراهيك فاذا حان وقته اخذ خرزة سوداء فدلاها من قبل المغرب فاذا نظرت اليها الشمس وجبت اى سقطت فى اسرع من طرفة العين وقد امرت ان لا تغرب حتى ترى الخرزة فاذا غربت جاء الليل وقد نشرت الظلمة من تحت جناحى الملك فلا تزال الخرزة معلقة حتى يجيئ ملك آخر يقال له هراهيل بخرزة بيضاء فيعلقها من قبل المطلع فاذا رأتها الشمس طلعت فى طرفة عين وقد امرت ان لا تطلع حتى ترى الخرزة البيضاء فاذا طلعت جاء النهار وقد نشر النور من تحت حناحى الملك فلنور النهار ملك موكل لظلمة الليل ملك موكل عند الطلوع والغروب كما وردت الاخبار ذكره السيوطى فى كتاب الهيئة السنية.
قال فى كشف الاسرار [بزركى را برسيدند كه شب فاضلتر باروز جواب دادكه شب فاضلتركه درهمه شب آسايش وراحت بود والراحة من الجنة ودر روز همه رنج ودشوارى بود اندرطلب معاش والمشقة من النار]. ويقول الفقير فكون النهار زمان سرور بالنسبة الى العامة ايضا اذا كانت ليلة الافطار فان للصائم فرحة عند ذلك كما ورد فى الحديث [وبزركى كفت شب حظ مخلصا نست كه عبادت باخلاص كنند ريا دران نه وروز حظ مرائيا نست كه عبادت بريا كنند اخلاص دران نه وحى آمد ببعض انبياكه] كذب من ادعى محبتى اذا جنة الليل نام عنى أليس كل محب يحب خلوة حبيبه ها انا مطلع عليكم اسمع وارى.
وفى التأويلات النجمية { وآية لهم الليل } البشرية { نسلخ منه النهار } الروحانية { فاذا هم مظلمون } بظلمة الخلقية فان الله خلق الخلق بظلمة ثم رش عليهم من نوره