خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱلْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَٱلعُرجُونِ ٱلْقَدِيمِ
٣٩
-يس

روح البيان في تفسير القرآن

{ والقمر قدرناه } بالنصب باضمار فعل يفسره الظاهر كما فى زيدا ضربته اى وقدرنا القمر قدرناه اى قدرنا له وعينا { منازل } وهى ثمان وعشرون مقسومة على الاثنى عشر برجا كما استوفينا الكلام عليها فى اوائل سورة يونس ينزل القمر كل ليلة فى واحدة من تلك المنازل لا يتخطاها ولا يتقاصر عنها فاذا كان فى آخر منازله دق واستقوس ويستتر ليلتين ان كان الشهر ثلاثين او ليلة ان كان تسعة وعشرين وقد صام عليه السلام ثمانية او تسعة رمضانات خمسة منها كانت تسعة وعشرين يوما والباقى ثلاثين وقد قال عليه السلام "شهرا العيد لا ينقصان" اى حكمهما اذا كانا تسعا وعشرين مثل حكمهما اذا كانا ثلاثين فى الفضل وقد صح ان دور هذه الامة هو الدور القمرى العربى الذى حسابه مبنى على الشهر لا الدور الشمسى الذى مبنى حسابه على الايام { حتى عاد } [تاعود كرد ماه].
قال ابن الشيخ حتى صار القمر فى آخر الشهر واول الشهر الثانى فى دقته واستقواسه واصفراره { كالعرجون } فعلون من الانعراج وهو الاعوجاج وهو عود العذق ما بين شماريخه الى منبته من النخلة. والعذق بالكسر فى النخل بمنزلة العنقود فى الكرم بالفارسية [خوشه خرما]. والشماريخ جمع شمراخ او شمروخ ما عليه البسر من العيدان { القديم } العتيق فاذا قدم وعتق دق وتقوس واصفر شبه به القمر فى آخر الشهر فى هذه الوجوه الثلاثة اى فى عين الناظر وان كان فى الحقيقة عظيما بنفسه فالقديم ما تقادم عهده بحكم العادة ولا يشترط فى اطلاق لفظ القديم عليه مدة بعينها اذ يقال لبعض الاشياء قديم وان لم يمض عليه حول وقيل اقل هذا القديم الحول فمن حلف كل مملوك قديم لى فهو حر عتق من مضى عليه الحول.
قال فى كشف الاسرار [ازروى حكمت كفته اندكه زيادت ونقصان ماه از آنست كه درابتداى آفرينش نور او بركمال بود بخود نظرى كرد عجبى دروى بيدا شد رب العزة جبريل را فرمود تابرخويش برروى ماه زد وآن نور ازوى بستاد ابن عباس رضى الله عنهما كفت آن خطها كه برروى ماه مى بينيد نشان بر جبرائيل است نور از وى بست اما نقش برجاى بماند ونقش كلمة توحيداست بربيشانى ماه نبشت "لا اله الا الله محمد رسول الله" ياخود حروفى كه ازان اسم جميل حاصل ميشود جون نور ازماه بستدند اورا از خدمت دركاه منع كردند ماه ازفر شتكان مدد خواست تا از بهروى شفاعت كردند كفتند بار خدايا ماه درخدمت دركاه عزت خوى كرده هيج روى آن دارد كه بيكباركى اورا مهجور كنى رب العزه شفاعت ايشان قبول كرد واورا دستورى داد تاهر ماهى بيكبار سجود كند درشب جارده اكنون هرشب كه برآيد وبوقت خدمت نزديكترمى كردد نوروى مى افزايد تاشب جهارده كه وقت سجود بود نورش بكمال رسد بازجون از جهارده در كذرد هرشب در نوروى نقصان مى آيد ازبساط خدمت دورتر مى كردد].
وقيل شبيه الشمس عبد يكون ابدا فى ضياء معرفته وهو صاحب تمكين غير متلون اشرقت شمس معرفته من بروج سعادته دائما لا يأخذه كسوف ولا يستره حجاب. وشبيه القمر عبد تكون احواله فى التنقل وهو صاحب تلوين له من البسط ما يرقيه الى حد الوصال ثم يرد الى الفترة ويقع فى القبض مما كان به من صفاء الحال فيتناقص ويرجع الى نقصان امره الى ان يرفع قلبه من وقته ثم يجود عليه الحق فيوفقه لرجوعه عن فترته وافاقته من سكرته فلا يزال يصفو حاله الى ان يقرب من الوصال ويرتقى الى ذروة الكمال فعند ذلك يقول بلسان الحال

ما زلت انزل من ودادك منزلا تتحير الالباب عند نزوله

وفى التأويلات النجمية وبقوله { والقمر قدرناه منازل } يشير الى قمر القلب فان القلب كالقمر فى استفادة النور من شمس الروح اولا ثم من شمس شهود الحق تعالى ثانيا وله ثمانية وعشرون منزلا على حسب حروف القرآن كما ان للقمر ثمانية وعشرون منزلا فالقلب ينزل فى كل حين منها بمنزل وهذه اسماؤها الالفة والبر والتوبة والثبات والجمعية والحلم والخلوص والديانة والذلة والرأفة والزلفة والسلامة والشوق والصدق والضرر والطلب والظمأ والعشق والغيرة والفتوة والقربة والكرم واللين والمروءة والنور والولاية والهداية واليقين فاذا صار الى آخر منازله فقد تخلق بخلق القرآن واعتصم بحبل الله وله آن ان يعتصم بالله ولهذا قال الله تعالى لنبيه فى قطع منازل العبودية { { واعبد ربك حتى يأتيك اليقين } ويقال للمؤمن فى الجنة اقرأ وارق يعنى اقرأ القرآن وارتق فى مقامات القرب وبقوله { { حتى عاد كالعرجون القديم } يشير الى سير قمر القلب فى منازله فاذا الف الحق تعالى فى اول منزله ثم بر بالايمان والعمل الصالح ثم تاب وتوجه الى الحضرة ثم ثبت على تلك التوبة جعل له الجمعية مع الله فيستنير قمر قلبه بنور ربه حتى يصير بدرا كاملا ثم يتناقص بدنوه من شمس شهود الحق تعالى قليلا كلما ازداد دنوه من الشمس ازداد فى نفسه نقصانا الى ان يتلاشى ويخفى ولا يرى له اثر وهذا مقام الفقر الحقيقى الذى افتخر به النبى صلى الله عليه وسلم فى قوله "الفقر فخرى" لانه عليه السلام كلما ازداد دنوه الى الحضرة ليلة المعراج ازداد فى فقره عن الوجود كما اخبر الله تعالى عنه بقوله { { ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين او ادنى } كمل ههنا فقره عن الوجود فوجده الله تعالى عائلا فاغناه بجوده انتهى.
واعلم ان القمر مرآة قابلة لان تكتسب النور من قرص الشمس حسب المحاذاة بينهما ولما كان دور الشمس بطيئا كان ظهور اثرها دائرا على حصول الفصول الاربعة التى هى الربيع والصيف والخريف والشتاء ولما كان دور القمر سريعا كان ظهور اثره فى الكون سريعا والى القمر ينظر القلب فى سرعة الحركة ولهذا السر اسكن الله آدم فى فلك القمر لمناسبة باطنه به فى سرعة حركاته وتقلباته. ثم ان القمر مرئى مدرك واما الشمس فى اشراقها واضاءتها وتلألؤ شعاعها لا تدرك كيفيتها وكميتها على ما هى عليه من تمنعها وامتناعها واحتيج الى طريق يتوصل به الى ابصارها بقدر الوسع فافادت الفكرة والخبرة أن يأخذ الانسان اناء كثيفا ويملأه ماء صافيا نظيفا ويضعه فى مقابلة الشمس لتنعكس صورة من الشمس فى الماء فيلاحظ الانسان الشمس بغير دفع تلألؤ الاضواء ويراها فى اسفل قعر الاناء فان اللطيف من شأنه القبول والكثيف من شأنه الامساك فقبل الماء وامسك الاناء وهذا تدبير من يريد ابصار الشمس الظاهرة بمقلته الباصرة فاذا كان الشمس الظاهرة المتناهية لا يدرك عكسها بالاستعدادات السابقة والتدبيرات اللاحقة فما ظنك بشمس عالم الاحدية الالهية الربوبية الغير المتناهية وان نسبتها اليه فى الانارة والاضاءة والظهور والاظهار ودفع انوار العظمة ليست الا كذرّة فى الآفاق والسبع الطباق او كقطرة بالنسبة الى البحار الزاخرة او كجزء لا يتجزأ بالنسبة الى الدنيا والآخرة سبحان الله وله المثل الاعلى فى الارض والسماء فاذا عرفت هذا المثال عرفت حال القلب مع شمس الربوبية وانعكاس نورها فيه: قال الشيخ المغربى قدس سره

نخست ديده طلب كن بس آنكهى ديدار از آنكه يار كند جلوه بر اولو الابصار
ترا كه جشم نباشد جه حاصل از شاهد ترا كه كوش نباشد جه سود از كفتار
اكرجه آينه دارى از براى رخش ولى جه سود كه دارى هميشه آينه تار
بيا بصيقل توحيد زآينه بزدآى غبار شرك كه تا باك كردد از زنكار

وقال ايضا

كجا شود بحقيقت عيان جمال حقيقت اكر مظاهر وآينه مجاز نباشد
مجوى دردل ما غير دوست زانكه نيابى از آنكه در دل محمود جز اياز نباشد
به بيش عقل مكو قصهاى عشق كه آنراقبول مى نكند آنكه عشقباز نباشد