خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ
٤٩
-يس

روح البيان في تفسير القرآن

{ ما ينظرون } جواب من جهته والنظر بمعنى الانتظار اى ما ينتظر كفار مكة { الا صيحة واحدة } لا تحتاج الى ثانية هى النفخة الاولى التى هى نفخة الصعق والموت والصيحة رفع الصوت { تأخذهم } مفاجأة وتصل الى جميع اهل الارض. والاخذ حوز الشئ وتحصيله وذلك تارة بالتناول نحو { { معاذ الله ان نأخذ الا من وجدنا متاعنا عنده } وتارة بالقهر نحو { { لا تأخذه سنة ولا نوم } ويقال اخذته الحمى ويعبر عن الاسير بالمأخوذ والاخيذ { وهم يخصمون } اصله يختصمون فقلبت التاء صادا ثم اسكنت وادغمت فى الصاد الثانية ثم كسرت الخاء لالتقاء الساكنين وخاصمته نازعته واصل المخاصمة ان يتعلق كل واحد بخصم الآخر بالضم اى جانبه وان يجذب كل واحد خصم الجوالق من جانب وهو الجانب الذى فيه العروة. والمعنى والحال انهم يتخاصمون ويتنازعون فى تجاراتهم ومعاملاتهم ويشتغلون بامور دنياهم حتى تقوم الساعة وهم فى غفلة عنها فلا يغتروا لعدم ظهور علامتها ولا يزعموا انها لا تأتيهم.
عن ابن عباس رضى الله عنهما قال تهيج الساعة والرجلان يتبايعان قد نشرا اثوابهما فلا يطويانها والرجل يلوط حوضه فلا يستقى منه والرجل قد انصرف بلبن لقحته فلا يطعمه والرجل قد رفع اكلته الى فيه فلا يأكلها ثم تلا { تأخذهم وهم يخصمون } ـ روى ـ ان الله تعالى يبعث ريحا يمانية ألين من الحرير واطيب رائحة من المسك فلا تدع احدا فى قلبه مثقال ذرة من الايمان الاقبضته ثم يبقى شرار الخلق مائة عام لا يعرفون دينا وعليهم تقوم الساعة وهم فى اسواقها يتبايعون.
فان قلت هم ما كانوا منتظرين بل كانوا جازمين بعدم الساعة والصيحة.
قلت نعم الا انهم جعلوا منتظرين نظرا الى ظاهر قولهم متى يقع لان من قال متى يقع الشئ الفلانى يفهم من كلامه انه ينتظر وقوعه