خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَا مِنَّآ إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ
١٦٤
-الصافات

روح البيان في تفسير القرآن

{ وما منا } حكاية اعتراف الملائكة للرد على عبدتهم كأنه قيل ويقول الملائكة الذين جعلتموهم بنات الله وعبدتموهم بناء على ما زعمتم من ان بينهم وبينه تعالى مناسبة وجنسية جامعة وما منا احد اى ملك على حذف الموصوف واقامة الصفة مقامه فالموصوف المقدر فى الآية مبتدأ وقوله { الا له مقام معلوم } صفة وما منا مقدم خبره اى احد استثنى منه من له مقام معلوم ليس منا يعنى لكل واحد منا مرتبة فى المعرفة والعبادة والانتهاء الى امر الله فى تدبير العالم مقصور عليها لا يتجاوزها ولا يستطيع ان ينزل عنها قدر ظفر خضوعا لعظمته وخشوعا لهيبته وتواضعا لجلاله كما روى فمنهم راكع لا يقيم صلبه وساجد لا يرفع رأسه.
ففيه تنبيه على فساد قول المشركين انهم اولاد الله لان مبالغتهم فى اظهار العبودية تدل على اعترافهم بالعبودية فكيف يكون بينه تعالى وبينهم جنسية.
قال ابن عباس رضى الله عنهما ما فى السموات موضع شبر الا وعليه ملك يصلى او يسبح بل والعالم مشحون بالارواح فليس فيه موضع بيت ولا زاوية الا وهو معمور بما لا يعلمه الا الله ولذا امر النبى عليه الصلاة والسلام بالتستر فى الخلوة وان لا يجامع الرجل امرأته عريانين.
وقال السدى { الا له مقام معلوم } فى القربة والمشاهدة.
وقال ابوبكر الوراق قدس سره { الا له مقام معلوم } يعبد الله عليه كالخوف والرجاء والمحبة والرضى: يعنى [مراد مقامات سنيه است جون خوف ورجا ومحبت ورضا كه هريك از مقربان حظائر ملكوت ومقدسان صوامع جبروت در مقامى ازان ممكن اند].
وفى التأويلات النجمية يشير الى ان للملك مقاما معلوما لا يتعدى حده وهو مقام الملك الروحانى او الكروبى فالروحانى لا يعبر عن مقامه الى مقام الكروبى والكروبى. لا يقدم على مقام الروحانى فلا عبور لهم من مقامهم الى مقام فوق مقامهم ولا نزول لهم الى مقام دون مقامهم ولهم بهذا فضيلة على انسان بقى فى اسفل سافلين فى الدرك الاسفل من النار وللذين عبروا منهم عن اسفل سافلين بالايمان والعمل الصالح وصعدوا الى اعلى عليين بل ساروا الى مقام قاب قوسين بل طاروا الى منزل او أدنى فضيلة عليهم ولهذا امروا بسجدة اهل الفضل منهم فقعوا له ساجدين فللانسان ان يتنزل من مقام الانسانية الى دركة الحيوانية كقوله تعالى
{ { اولئك كالانعام بل هم اضل } وله ان يترقى بحيث يعبر عن المقام الملكى ويقال له تخلقوا باخلاق الله انتهى.
وقال جعفر رضى الله عنه الخلق مع الله على مقامات شتى من تجاوز حده هلك فللانبياء مقام المشاهدة والمرسل مقام العيان وللملائكة مقام الهيبة وللمؤمنين مقام الدنو وللعصاة مقام التوبة وللكفار مقام الغفلة والطرد واللعنة.
وقال الحسين قدس سره المرديون يتحولون من مقام الى مقام والمرادون يتجاوزون المقامات الى رب المقامات.
وقال بعضهم العارف يأكل فى هذه الدار الحلوى والعسل فهذا مقامه والكامل المحقق يأكل فيها الحنظل لا يتلذذ فيها بنعمة لاشتغال بما كلفه الله تعالى من الشكرعليها وغير ذلك من تحمل هموم الناس فكم من فرق بين المقامين واهل الفناء وان تألموا هنا ولكن ذلك ليس بالم بل اشد العذاب والالم فيما اذا رأى اهل الذوق مراتب اهل الفناء فوقهم واقله التألم من تقدمهم

باش تافانى شود احوال تو بكزرد از حال كل تا حال تو
از مقامى ساز بقعه خويش را كه بماند جمله زير بال تو