خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّ إِلَـٰهَكُمْ لَوَاحِدٌ
٤
-الصافات

روح البيان في تفسير القرآن

{ ان الهكم } يا اهل مكة فان الآية نزلت فيهم اذ كانوا يقولون بطريق التعجب أجعل الآلهة الها واحدا او يا بنى آدم: وبالفارسية [وبدرستى كه خداى شمادر ذات وحدانيت خود] { لواحد } لا شريك له فلا تتخذوا آلهة من الاصنام والدنيا والهوى والشيطان. والجملة جواب للقسم والفائدة فيه مع ان المؤمن مقر من غير حلف والكافر غير مقرّ ولو بالحلف تعظيم المقسم به واظهار شرفه وتأكيد المقسم عليه على ما هو المألوف فى كلامهم وقد انزل القرآن على لغتهم وعلى اسلوبهم فى محاوراتهم.
وقيل تقدير الكلام فيها وفى مثلها ورب الصافات ورب التين والزيتون.
وفى المفردات الوحدة الانفراد والواحد فى الحقيقة هو الشئ الذى لا جزء له البتة ثم يطلق على كل موجود حتى انه ما من عدد الا ويصح وصفه به فيقال عشرة واحدة ومائة واحدة.
فالواحد لفظ مشترك يستعمل فى خمسة اوجه. الاول ما كان واحدا فى الجنس اوفى النوع كقولنا الانسان والفرس واحد فى الجنس وزيد وعمرو واحد فى النوع. والثانى ما كان واحدا بالاتصال اما من حيث الخلقة كقولك شخص واحد واما من حيث الصناعة كقولك حرفة واحدة. والثالث ما كان واحدا لعدم نظيره اما فى الخلقة كقولك الشمس واحدة واما فى دعوى الفضيلة كقولك فلان واحد دهره وكقولك هو نسيج وحده. والرابع ما كان واحد الامتناع التجزى فيه اما لصغرة كالهباء واما لصلابته كالماس. والخامس للمبتدأ اما لمبدأ العدد كقولك واحد اثنين واما لمبدأ الخط كقولك النقطة الواحدة والوحدة فى كلها عارضة فاذا وصف الله عز وجل بالواحد فمعناه هو الذى لا يصح عليه التجزى ولا التكثر ولصعوبة هذه الوحدة قال الله تعالى
{ { واذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة } انتهى.
قال الغزالىرحمه الله الواحد هو الذى لا يتجزى ولا يثنى.
اما الذى لا يتجزئ فكالجواهر الواحد الذى لا ينقسم فيقال انه واحد بمعنى انه لا جزء له وكذا النقطة لا جزء لها والله تعالى واحد بمعنى انه يستحيل تقدير الانقسام على ذاته.
واما الذى لا يثنى فهو الذى لا نظير له كالشمس مثلا فانها وان كانت قابلة للقسمة بالوهم متجزئة فى ذاتها من قبيل الاجسام فهى لا نظير لها الا انه يمكن لها نظير فما فى الوجود موجود ينفرد بخصوص وجود الا ويتصور ان يشاركه فيه غيره الا الله تعالى فانه الواحد المطلق ازلا وابدا فالعبد انما يكون واحدا اذا لم يكن فى ابناء جنسه نظير له فى خصلة من خصال الخير وذلك بالاضافة الى ابناء جنسه وبالاضافة الى الوقت اذ يمكن ان يظهر فى وقت آخر مثله وبالاضافة الى بعض الخصال دون الجميع فلا وحدة على الاطلاق الا الله تعالى انتهى.
ولا يوحده تعالى حق توحيده الا هو اذ كل شئ وحده اى اثبت وجوده وفعله بتوحيده فقد جحده باثبات وجود نفسه وفعله واليه الاشارة بقول الشيخ ابى عبد الله الانصارى قدس سره تعالى

ما وحد الواحد من واحد اذ كل من ينعته جاحد

فاذا فنى الوجود المجازى صح التوحيد الحقيقى الذاتى وكل شئ من الاشياء عين مرآة توحيده كما قالوا

ففى كل شئ له آيةتدل على انه واحد

وذلك لان كل شئ واحد بهويته او بانتهائه الى الجزء الذى لا يتجزئ او بغير ذلك

تادم وحدت زدى حافظ شوريده حالخامه توحيد كش برورق اين وآن

قال الشيخ الزروقى فى شرح الاسماء من عرف انه الواحد افرد قلبه له فكان واحدا به وقد فسر قوله عليه السلام "ان الله وتر يحب الوتر" يعنى القلب المنفرد له.
وخاصة هذا الاسم الواحد اخراج الكون من القلب فمن قرأه الف مرة خرج الخلائق من قلبه فكفى خوف الخلق وهو اصل كل بلاء فى الدنيا والآخرة
"وسمع عليه السلام رجلا يقول فى دعائه اللهم انى اسألك باسمك الله الواحد الاحد الفرد الصمد الذى لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد فقال سأل الله باسمه الا عظم الذى اذا دعى به اجاب واذا سئل به اعطى"
وفى الاربعين الادريسية يا واحد الباقى اول كل شئ وآخره.
قال السهرودى يذكره من تواليت عليه الافكار الرديئة فتذهب عنه وان قرأه الخائف من السلطان بعد صلاة الظهر خمسمائة مرة فانه يأمن ويفرج همه ويصادقه اعداؤه