خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

بَلِ ٱللَّهَ فَٱعْبُدْ وَكُن مِّنَ ٱلشَّاكِرِينَ
٦٦
-الزمر

روح البيان في تفسير القرآن

{ بل الله فاعبد } رد لما امروه ولولا دلالة التقديم على القصر لم يكن كذلك والفاء جواب الشرط المحذوف تقديره لا تعبد ما امرك الكفار بعبادته بل ان عبدت فاعبد الله فحذف الشرط واقيم المفعول مقامه { وكن من الشاكرين } انعامه عليك ومن جملته التوحيد والعبادة وكذا النبوة والرسالة الحاصلتان بفضله وكرمه لا بسعيك وعملك.
واعلم ان الشكر على ثلاث درجات. الاولى الشكر على المحاب وقد شاركت المسلمين فى هذا الشكر اليهود والنصارى والمجوس. والثانية الشكر على المكاره وهذا الشاكر اول من يدعى الى الجنة لان الجنة حفت بالمكاره والثالثة ان لا يشهد غير المنعم فلا يشهد النعمة والشدة وهذا الشهود والتلذذ به اعلى اللذات لانه فى مقام السر.
فالعاقل يجتهد فى الاقبال على الله والتوجه اليه من غير التفات الى يمين وشمال ـ روى ـ ان ذا النون المصرى قدس سره اراد التوضىء من نهر فرأى جارية حسنا فقالت لذى النون ظننتك اولا عاقلا ثم عالما ثم عارفا ولم تكن كذلك اى لا عاقلا ولا عالما ولا عارفا قال ذو النون ولم قالت فان العاقل لا يكون بغير وضوء لعلمه بفضائله والعالم لا ينظر الى الحرام فان العالم لا بد وان يكون عاملا والعارف لا يميل الى غير الله فان مقتضى العرفان ان لا يختار على المحبوب الحقيقى سواه لكون حسنه من ذاته وحسن ما سواه مستفادا منه والغير وان كان مظهرا لتجليه ولكن النظر اليه قيد والحضور فى عالم الاطلاق هو التفريد الذي هو تقطيع الموحد عن الانفس والآفاق

خداست دردوجهان هست جاودان جامى وما سواه خيال مزخرف باطل

نسأل الله سبحانه هذا التوحيد الحقيقى ـ روى ـ عبد الله بن عباس رضى الله عنهما وعبد الله ابن مسعود رضى الله عنه ان حبرا من اليهود اتى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال يا محمد أشعرت ان الله يضع يوم القيامة السموات على اصبع والارضين على اصبع والجبال على اصبع والماء والثرى والشجر على اصبع وجميع الخلائق على اصبع ثم يهزهنّ ويقول انا الملك اين الملوك فضحك رسول الله عليه السلام تعجبا منه وتصديقا له فانزل الله هذه الآية وهى قوله تعالى