خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ أُوْلَـٰئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً
١٥٢
-النساء

روح البيان في تفسير القرآن

{ والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين احد منهم } بان يؤمنوا ببعضهم ويكفروا بآخرين كما فعله الكفرة وانما دخل بين على احد وهو يقتضى متعددا لعمومه من حيث انه وقع فى سياق النفى فهو بمنزلة ولم يفرقوا بين اثنين او بين جماعة { اولئك } المنعوتون بالنعوت الجليلة المذكورة { سوف يؤتيهم } اى الله تعالى { اجورهم } الموعودة لهم وسمى الثواب اجرا لان المستحق كالاجرة وسوف لتأكيد الوعد اى الموعود الذى هو الايتاء والدلالة على انه كائن لا محالة وان تأخر { وكان الله غفورا } لما فرط منهم { رحيما } مبالغا فى الرحمة عليهم بتضعيف حسناتهم.
والآية الاولى تدل على ان الايمان لا يحصل بزعم المرء وحسبانه انه مؤمن وانما يحصل بحصول شرائطه ونتائجه منه فمن نتائجه ما ذكر فى الآية الثانية من عدم التفريق بين الرسل ومن نتائجه القبول من الله والجزاء عليه فمن اخطأه النور عند الرش على الارواح فقد كفر كفرا حقيقيا ولذلك سماهم الله فى الكفر حقا ومن اصابه النور عند ذلك فقد آمن ايمانا حقيقيا ولذلك لا ينفع الاول توسط الايمان كما لا يضر الثانى توسط العصيان: قال السعدى قدس سره

قضا كشتى انجا كه خواهد برد وكر ناخدا جامه بر تن درد

ـ يحكى ـ انه كان شاب حسن الوجه وله احباب وكانوا فى الاكل والشرب والتنعم والتلذذ فنفدت دراهمهم فاجتمعوا يوما واجمعوا على ان يقطعوا الطريق فخرجوا الى طريق وترقبوا القافلة فلم يمر احد من هذا الطريق الى ثلاثة ايام ورأى الشاب شيخا قال له يا ولدى ليس هذا صنعتك فاستغفر الله تعالى فان طلبتنى فانا اقرأ القرآن فى جامع السيد البخارى ببروسة فاحترق قلب الشاب من تأثير الكلام فقال لرفقائه لو تبعتم رأيى تعالوا نروح الى بروسة ونتجسس عن بعض النجار فنخرج خلفهم فنأخذ اموالهم فقبلوا قوله فلما جاؤا الى بروسة قال لهم تعالوا نصل فى جامع السيد البخارى وندع عنده ليحصل مرادنا فلما جاء الى الجامع ورأى الشيخ هناك يقرأ القرآن سقط على رجله وتاب وبقى عنده سنتين ثم بعد السنتين ارسله هذا الشيخ الى حضرة الشيخ اق شمس الدين فرباه وصار كاملا بعد ان كان مؤمنا ناقصا قاطع الطريق ولذا ينظر الى الخاتمة ولكن حسن العاقبة من سبق العناية فى البداية اللهم اجعلنا من المهديين آمين يا معين.
واعلم ان الايمان والتوحيد هو اصل الاصول وهو ان كان لا يزيد ولا ينقص عند الامام الاعظم الا ان نوره يزيد بالطاعات وينقص بالسيآت فينبغى لطالب الحق ان يراعى احكام الشريعة وآداب الطريقة ليتقوى جانب روحانيته فان انوار الطاعات كالاغذية النفيسة للارواح خصوصا نور التوحيد والذكر ولذكر الله اكبر وهو العمدة فى تصفية الباطن وطهارته.
قال سيد الطائفة الجنيد قدس سره الادب ادبان فادب السر طهارة القلب وادب العلانية حفظ الجوارح من الذنوب فعليك بترك الشرور والايمان الكامل بالله الغفور حتى تنال الاجر الموفور والسرور فى دار الحضور: قال الصائب

اززاهدان خشك رسايى طمع مدار سيل ضعيف واصل در يانميشود

فلا بد من العشق فى طريق الحق ليصل الطالب الى السر المطلق ومجرد الامنية منية والسفينة لا تجرى على اليبس كما قالت رابعة.