خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ ٱلرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّىٰ بِهِمُ ٱلأَرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ ٱللَّهَ حَدِيثاً
٤٢
-النساء

روح البيان في تفسير القرآن

{ يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول } بيان لحالهم التى اشير الى شدتها وفظاعتها بقوله تعالى { فكيف } الخ وعصيان الرسول محمول على المعاصى المغايرة للكفر فلا يلزم عطف الشىء على نفسه اى يتمنى الذين جمعوا بين الكفر وعصيان الرسول والمراد الذين كفروا والذين عصوا الرسول { لو تسوى بهم الارض } لو بمعنى ان المصدرية والجملة مفعول يود اى يودون ان يدفنوا فتسوى بهم الارض كالموتى فتسوية الارض بهم كناية عن دفنهم او يودون انهم لم يبعثوا ولم يخلقوا وكأنهم والارض سواء.
قال بعض الافاضل الباء للملابسة اى تسوى الارض ملتبسة بهم ولا حاجة الى الحمل على القلب لقلة الفرق بين تسويتهم بالارض والتراب وتسويتها بهم { ولا يكتمون الله حديثا } عطف على يود اى ولا يقدرون على كتمانه لان جوارحهم تشهد عليهم او الواو للحال اى يودون ان يدفنوا فى الارض وهم لا يكتمون منه تعالى حديثا ولا يكذبونه بقولهم والله ربنا ما كنا مشركين اذ روى انهم اذا قالوا ذلك ختم الله على افواههم فتشهد عليهم جوارحهم فيشتد الامر عليهم فيتمنون ان تسوى بهم الارض قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
"يدعى نوح يوم القيامة فيقول لبيك وسعديك فيقول هل بلغت فيقول نعم فيقال لأمته هل بلغكم فتقول ما جاءنا من نذير فيقول من يشهد لك فيقول محمد وأمته فيشهدون انه قد بلغ ويكون الرسول عليكم شهيدا ثم يدعى غيره من الانبياء عليهم السلام ثم ينادى كل انسان باسمه واحدا واحدا وتعرض اعمالهم على رب العزة قليلها وكثيرها حسنها وقبيحها" . وذكر ابو حامد فى كتاب كشف علوم الآخرة ان هذا يكون بعد ما يحكم الله تعالى بين البهائم ويقتص للجماء من القرناء ويفصل بين الوحوش والطير ثم يقول لهم كونوا ترابا فتسوى بهم الارض فحينئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الارض ويتمنى الكافر فيقول يا ليتنى كنت ترابا.
واعلم انه يعرض على النبى عليه السلام اعمال امته غدوة وعشية فيعرفهم بسيماهم واعمالهم فلذلك يشهد عليهم وتعرض على الله يوم الخميس ويوم الاثنين وعلى الانبياء والآباء والامهات يوم الجمعة فتفكر يا اخى وان كنت شاهدا عدلا بانك مشهود عليك فى كل احوالك من فعلك ومقالك واعظم الشهود لديك المطلع عليك الذى لا يخفى عليه خائنة عين ولا يغيب عنه زمان ولا اين فاعمل عمل من يعلم انه راجع اليه وقادم عليه يجازى على الصغير والكبير والقليل والكثير

درخيربازست وطاعت وليك نه هركس تواناست برفعل نيك
همه برك بودن همه ساختى بتدبير رفتن نبرداختى

فلا تضيع ايامك فان ايامك رأس مالك وانك ما دمت قابضا على رأس مالك فانك قادر على طلب الربح لان بضاعة الآخرة كاسدة فى يومك هذا فاجتهد حتى تجمع بضاعة الآخرة فى وقت الكساد فانما يجيئ يوم تصير هذه البضاعة عزيزة فاكثر منها فى يوم الكساد ليوم العزة فانك لا تقدر على طلبها فى ذلك اليوم ـ روى ـ ان الموتى يتمنون ان يؤذن لهم بان يصلوا ركعتين او يؤذن لهم ان يقولوا مرة واحدة لا اله الا الله او يؤذن لهم فى تسبيحة واحدة فلا يؤذن لهم ويتعجبون من الاحياء انهم يضيعون ايامهم فى الغفلة

مهلكه عمر به بيهوده بكذرد حافظ بكوش وحاصل عمر عزيزرا دريات

قال القاشانى فى قوله تعالى { { فكيف إذا جئنا } [النساء: 41].
الشهيد والشاهد ما يحضر كل احد مما بلغه من الدرجة وهو الغالب عليه فهو يكشف عن حاله وعمله وسعيه ومبلغ جهده مقاما كان او صفة من صفات الحق او رأيا فلكل امة شهيد بحسب ما دعاهم اليه نبيهم وعرفه اليهم ولم يبعث الا بحسب ما يقتضيه استعداد امته فما دعاهم الا الى ما يطلب استعدادهم مما وصل اليه النبى من مقامه فى المعرفة فلا يعرف احد باطن امرهم وما هم عليه من احوالهم كنبيهم ولذلك جعل كل نبى شهيدا على امته وقد ورد فى الحديث
"ان الله يتجلى لعباده فى صورة معتقدهم فيعرفه كل واحد من اهل الملل والمذاهب ثم يتحول عن تلك الصورة فيبرز فى صورة اخرى فلا يعرفه الا الموحدون الواصلون الى حضرة الاحدية من كل باب"
.وكما ان لكل امة شهيدا فلكل اهل مذهب شهيد ولكل احد شهيد يكشف عن حال مشهوده. واما المحموديون فهم شهداء على الامم ونبيهم شهيد عليهم لكونهم من الامم ولكون نبيهم حبيبا مؤتى بجوامع الكلم متمما لمكارم الاخلاق فلا جرم يعرفون الله عند التحول فى جميع الصور اذا تابعوا نبيهم حق المتابعة ونبيهم يشهدهم ويعرف احوالهم انتهى بعبارته جعلنا الله واياكم من الكاملين الواصلين الى حق اليقين.