خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ٱنظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلكَذِبَ وَكَفَىٰ بِهِ إِثْماً مُّبِيناً
٥٠
-النساء

روح البيان في تفسير القرآن

{ انظر كيف } اى فى أى حال او على أى حال { يفترون على الله الكذب } فى زعمهم انهم ابناء الله وازكياء عنده والتصريح بالكذب مع ان الافتراء لا يكون الا كذبا للمبالغة فى تقبيح حالهم { وكفى به } بافترائهم هذا من حيث هو افتراء عليه تعالى مع قطع النظر عن مقارنته لتزكية انفسهم وسائر آثامهم العظام { اثما مبينا } ظاهرا بينا كونه اثما والمعنى كفى بذلك وحده فى كونهم اشد اثما من كل كفار اثيم ولو لم يكن لهم من الذنوب الا هذا الافتراء لكان اثما عظيما ونصب اثما مبينا على التمييز.
قال الامام ابو منصوررحمه الله قول الرجل انا مؤمن ليس بتزكية النفس بل اخبار عن شىء اكرم به وانما التزكية ان يرى نفسه تقيا صالحا ويمدح به.
قال السرى قدس سره من تزين للناس بما ليس فيه سقط من عين الله تعالى.
فيجب على العبد المؤمن ان يمتنع عن مدح نفسه ألا يرى الى قوله عليه السلام
"انا سيد ولد آدم"
.كيف عقبه بقوله "ولا فخر"
.اى لست اقول هذا تفاخرا كما يقصده الناس بالثناء على انفسهم لان افتخاره عليه السلام كان بالله وتقربه من الله لا بكونه مقدما على اولاد آدم كما ان المقبول عند الملك قبولا عظيما انما يكون بقبوله اياه وبه يفرح لا بتقديمه على بعض رعاياه

اكرمردى ازمدرىء خود مكوى نه هر شهسوارى بدربردكوى
كنهكار انديشناك از خدا بسى بهتر از عابد خود نما
اكرمشك خالص ندارى مكوى وكرهست خود فاش كرددببوى

ونعم ما قيل

جوز خالى درميان جوزها مى نمايد خويشتن را از صدا

والاشارة فى الآيتين ان الذين يزكون انفسهم من اهل العلوم الظاهرة بالعلم ويباهون به العلماء ويمارون به السفهاء لا تزكى انفسهم بمجرد تعلم العلم بل تزيد صفاته المذمومة مثل المباهاة والمماراة والمجادلة والمفاخرة والكبر والعجب والحسد والرياء وحب الجاه والرياسة وطلب الاستيلاء والغلبة على الاقران والامثال { { بل الله يزكى من يشاء } [النساء: 49].
التزكية ويتهيأ لها بتسليم النفس الى ارباب التزكية وهم العلماء الراسخون والمشايخ المحققون كما يسلم الجلد الى الدباغ ليجعله اديما فمن يسلم نفسه للتزكية الى المزكى ويصبر على تصرفاته كالميت فى يد الغسال ويصغ الى اشاراته ولا يعترض على معاملاته ويقاس شدائد اعمال التزكية فقد افلح بما تزكى والمزكى هو النبى عليه السلام فى ايام حياته كما قال تعالى
{ { هو الذى بعث فى الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم } [الجمعة: 2] الآية.
وبعدهم العلماء الذين اخذوا التزكية ممن اخذوا منه قرنا بعد قرن من الصحابة والذين اتبعوهم باحسان الى يومنا هذا ولعمرى انهم فى هذا الزمان اعز من الكبريت الاحمر: قال الشيخ الحسينى

در طريقت رهبر دانا كزين زانكه ره دورست ورهزن دركمين
رهبرى بايد بمعنى سر بلند از شريعت وزطريقت بهره مند
اصل وفرع وجزء وكل آموخته شمع از نور علم افروخته
ظاهرش از علم كسبى با خدا باطنش ميراث دار مصطفا
هركه از دست عنايت بر كرفت روز اول دامن رهبر كرفت
هركه در زندان خود رأيى فتاد بند اورا سالها نتوان كشاد
اى سليم القلب دشوارست كار تانبندارى كه بندارست كار

فعلى السالك ان يتمسك بذلك المرشد ويتشبه به الى الوقوف على علم التوحيد ثم الفناء عن نفسه لان مجرد العرفان غير منج ما لم يحصل التحقق بحقيقة الحال ولذا قال عليه السلام "شر الناس من قامت عليه القيامة وهو حى"
.اى وقف على علم التوحيد ونفسه لم تمت بالفناء حتى يحيى بالله فانه حينئذ زنديق قائل بالاباحة فى الاشياء عصمنا الله واياكم من المعاصى والفحشاء.