خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً
٦٥
-النساء

روح البيان في تفسير القرآن

{ فلا } اى ليس الامر كما يزعموا انهم آمنوا وهم يخالفون حكمك ثم استأنف القسم فقال { وربك لا يؤمنون حتى يحكموك } اى يجعلونك حكما يا محمد ويترافعوا اليك { فيما شجر بينهم } اى فيما اختلف بينهم من الامور واختلط ومنه الشجر لتداخل اغصانه { ثم لا يجدوا } عطف على مقدر ينساق اليه الكلام اى فتقضى بينهم ثم لا يجدوا { فى انفسهم حرجا } ضيقا { مما قضيت } اى مما قضيت به يعنى يرضون بقضائك ولا تضيق صدورهم من حكمك { ويسلموا تسليما } وينقادوا لك انقيادا بظاهرهم وباطنهم.
وفى هذه الآيات دلائل على ان من رد شيئاً من اوامر الله واوامر الرسول صلى الله عليه وسلم فهو خارج عن الاسلام سواء رده من جهة الشك او من جهة التمرد وذلك يوجب صحة ما ذهبت الصحابة اليه من الحكم بارتداد مانعى الزكاة وقتلهم وسبى ذراريهم فاتباع الرسول عليه السلام فرض عين فى الفرائض العينية وفرض كفاية فى الفروض على سبيل الكفاية وواجب فى الواجبات وسنة فى السنن وهكذا ومخالفته تزيل نعمة الاسلام

خلاف بيمبر كسى ره كزيد كه هر كز بمنزل نخواهد رسيد

فالنبى صلى الله عليه وسلم هو الدليل فى طريق الحق ومخالفة الدليل ضلالة: قال الحافظ

بكوى عشق منه بى راه قدم كه من بخويش نمودم صداهتمام ونشد

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يؤمن احدكم حتى يكون هواه تابعا لما جئت به"
.وقال عليه السلام "من ضيع سنتى" اى جعلها ضائعة بعدم اتباعها "حرمت عليه شفاعتى"
.وقال صلى الله عليه وسلم "من حفظ سنتى اكرمه الله تعالى باربع خصال. المحبة فى قلوب البررة. والهيبة فى قلوب الفجرة. والسعة فى الرزق. والثقة فى الدين"
.فانما امته من اتبعه ولا يتبعه الا من اعرض عن الدنيا فانه عليه السلام ما دعا الا الى الله تعالى واليوم الآخر وما صرف الا عن الدنيا والحظوظ العاجلة فبقدر ما اعرضت عنها واقبلت على الله وصرفت الاوقات لاعمال الآخرة فقد سلكت سبيله الذى سلكه وبقدر ذلك اتبعته وبقدر ما اتبعته صرت من امته ولو انصفنا لعلمنا اننا من حين نمسى الى حين نصبح لا نسعى الا فى الحظوظ العاجلة ولا نتحرك الا لاجل الدنيا الفانية ثم نطمع فى ان نكون غدا من امته واتباعه ـ روى ـ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال "ليأتى على الناس زمان تخلق سنتى فيه وتتجدد فيه البدعة فمن اتبع سنتى يومئذ صار غريبا وبقى وحيدا ومن اتبع بدع الناس وجد خمسين صاحبا او اكثر فقال الصحابة يا رسول الله عليك السلام هل بعدنا احد افضل منا قال بلى قالوا أفيرونك يا رسول الله قال لا قالوا فكيف يكونون فيها قال كالملح فى الماء تذوب قلوبهم كما يذوب الملح فى الماء قالوا فكيف يعيشون فى ذلك الزمان قال كالدود فى الخل قالوا فكيف يحفظون دينهم يا رسول الله قال كالفحم فى اليد ان وضعته طفىء وان امسكته او عصرته احرق اليد"
.وعن ابى بحيج العرباض بن سارية رضى الله عنه قال وعظنا رسول الله موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون فقلنا يا رسول الله كأنها موعظة مودّع فاوصنا قال "اوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وان تأمّر عليكم عبد وانه من يعيش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهتدين عضوا عليها بالنواجذ واياكم ومحدثات الامور فان كل بدعة ضلالة"
.فعلى المؤمن ان يتبع سنة الرسول ويجتنب عن كل ما هو بدعة وضلالة ويصلح ظاهره بالشريعة وباطنه بالطريقة حتى ينال شفاعته صلى الله عليه وسلم يوم القيامة ويتخلص من عذاب النار ويدخل الجنة مع الابرار. فالمؤمن فى الآخرة فى الجنات كشجرة مثمرة لا تنفك عن البستان. والمنافق فى الدركات كشجرة غير مثمرة تقلع من البستان وتوقد بها النار: قال الفردوسى

درختى كه شيرين بود باراو نكردد كسى كرد ازار او
وكر زانك شيرين نباشدبرش زباى اندر آرند ناكه سرش
بماند بباغ آن ودر آتش اين توخواهى جنان باش وخواهى جنين