خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا جَآءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ ٱلأَمْنِ أَوِ ٱلْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ ٱلشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً
٨٣
-النساء

روح البيان في تفسير القرآن

{ واذا جاءهم } اى بلغ ضعفة المسلمين { امر من الامن او الخوف } اى خبر من السرايا الذين بعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من ظفر وغنيمة او نكبة وهزيمة { اذاعوا به } اى افشوا ذلك الخبر واظهروه لعدم خبرتهم بالاحوال واستنباطهم للامور وكانت اذاعتهم مفسدة يقال اذاع السرور اذاع به والباء مزيدة { ولو ردوه } اى ذلك الخبر { الى الرسول والى اولى الامر منهم } بترك التعرض له وجعله بمنزلة غير المسموع وتفويض امره الى رأى الرسول صلى الله عليه وسلم ورأى كبار اصحابه كالخلفاء الاربعة او رأى امراء السرايا فكبار الصحابة اولوا امر على معنى انهم البصراء بالامور وان لم يكن لهم امر على الناس والامراء اولوا الامر على الناس مع كونهم بصراء بالامور { لعلمه } اى لعلم تدبير ما اخبروا به على أى وجه يذكرونه { الذين } اى الرسول واولوا الأمر الذين { يستنبطونه منهم } اى يستخرجون تدبيره بتجاربهم وانظارهم الصحيحة ومعرفتهم بامور الحرب ومكايدها.
واصل الاستنباط اخراج النبط وهو الماء يخرج من البئر اول ما تحفر يقال انبط الحفار اذا بلغ الماء وسمى القوم الذين ينزلون بالبطائح بين العراقين نبطا لاستنباطهم الماء من الارض وقيل كانوا يقفون من رسول الله صلى الله عليه وسلم واولى الامر على امن ووثوق بالظهور على بعض الاعداء او على خوف واستشعار فيذيعونه فينشر فيبلغ الاعداء فتعود اذاعتهم مفسدة ولو ردوه الى الرسول والى اولى الامر منهم وفوضوه اليهم وكانوا كأن لم يسمعوا لعلمه الذين يستنبطون تدبيره كيف يدبرونه وما يأتون ويذرون منه فالمراد بالمستنبطين منهم على كلا الوجهين الرسول واولوا الامر. ومن فى قوله يستنبطونه منهم اما تبعيضية واما بيانية تجريدية.
وفى الآية نهى عن افشاء السر قيل لبعض الادباء كيف حفظك للسر قال انا قبره ومن هذا قيل صدور الابرار قبور الاسرار وفى المثنوى

وربكوئى بايكى دو الوداع كل سر جاوز الاثنين شاع
نكته كان جست ناكه اززبان همجوتيرى دان كه جست آن ازكمان
وانكردد ازره آن تيراى بسر بند بايد كرد سيلى را زسر

وفى الآية اشارة الى ارباب السلوك اذا فتح لهم باب من الانس او الهيبة او الحضور او الغيبة من آثار صفات الجمال والجلال اشاعوه الى الاغيار ولو كان رجوعهم فى حل هذه المشكلات الى سنن الرسول صلى الله عليه وسلم والى سير اولى الامر منهم وهم المشايخ البالغون الواصلون ومن كان له شيخ كامل فهو ولى امره لعلمه الذين يستنبطونه منهم وهم ارباب الكشوف بحائق الاشياء فهم الغواصون فى بحار اوصاف البشرية المستخرجون من اصداف العلوم درر حقائق المعرفة { ولولا فضل الله عليكم ورحمته } بارسال الرسول وانزال الكتاب { لاتبعتم الشيطان } بالكفر والضلال { الا قليلا } اى الا قليلا منكم فان من خصه الله بعقل راجح وقلب غير متكدر بالانهماك فى اتباع الشهوات يهتدى الى الحق والصواب ولا يتبع الشيطان ولا يكفر بالله وان فرض عدم انزال القرآن وبعثة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كزيد بن عمرو بن نفيل وورقة بن نوفل وغيرهما ممن كان على دين المسيح قبل بعثته.
وقال الشيخ نجم الدين قدس سره فى تأويلاته لعل الاستثناء راجع الى الصديق رضى الله عنه فانه كان قبل مبعث النبى عليه السلام يوافقه فى طلب الحق قالت عائشة رضى الله عنها لم اعقل ابوى قط الا وهما يدينان الدين ولم يمر علينا يوم الا يأتينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفى النهار بكرة وعشيا ـ وروى ـ عن النبى عليه السلام
"كنت وابو بكر كفرسى رهان سبقته فتبعنى ولو سبقنى لتبعته"
.وفى الحقيقة كان النبى عليه السلام فضل الله ورحمته يدل عليه قوله تعالى { { هو الذى بعث فى الأميين رسولا منهم يتلو } [الجمعة: 2].
الى قوله
{ { ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء } [الجمعة: 4].
وقوله تعالى
{ { وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين } [الأنبياء: 107].
فلولا وجود النبى عليه السلام وبعثته لبقوا فى تيه الضلالة تائهين كما قال تعالى
{ { ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفى ضلال مبين } يعنى قبل بعثته وكانوا قد اتبعوا الشيطان الى شفا حفرة من النار وكان وكان عليه السلام فضلا ورحمة عليهم فانقذهم منها كما قال تعالى { { وكنتم على شفا حفرة من النار فانقذكم منها } [آل عمران: 103].
قال الشيخ العطار قدس سره

خويشتن راخواجه عرصات كفت انما انا رحمة مهدات كفت

: وقال حضرة الهدايى قدس سره

سرمايه سعادت عالم محمداست مقصود ازين طينت آدم محمد است
درصورت آدم آمد اكرجه مقدما درمعنى بيشواومقدم محمد است
كرجه هدايى رسالت مكرم است محبوب حق محمد وخاتم محمد است

قال بعض الحكماء ان الله تعالى خلق محمدا صلى الله عليه وسلم فجعل رأسه من البركة وعينيه من الحياء واذنيه من العبرة ولسانه من الذكر وشفتيه من التسبيح ووجهه من الرضى وصدره من الاخلاص وقلبه من الرحمة وفؤاده من الشفقة وكفيه من السخاوة وشعره من نبات الجنة وريقه من عسل الجنة فلما اكمله بهذه الصفة ارسله الى هذه الامة فقال هذا هديتى اليكم فاعرفوا قدر هديتى وعظموه كذا فى زهرة الرياض.
وقيل فى وجه عدم ارتحال جسده الشريف النظيف من الدنيا ان عيسى عليه السلام قد عرج الى السماء بجسده انما بقى جسمه الطاهر هنا لاصلاح عالم الاجساد وانتظامه فانه مظهر الذات وطلسم الكائنات فجميع الانتظام بوجوده الشريف كذا فى الواقعات المحمودية نقلا عن حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس الله سره آمين آمين يا رب العالمين.