خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَٱللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً
٨٤
-النساء

روح البيان في تفسير القرآن

{ فقاتل فى سبيل الله } الفاء جزائية والجملة جواب لشرط مقدر اى ان تثبط المنافقون وقصر الآخرون وتركوك وحدك فقاتل انت يا محمد وحدك فى الطريق الموصل الى رضى الله وهو الجهاد ولا تبال بما فعلوا { لا تكلف الا نفسك } مفعول ثان للفعل المخاطب المجهول اى الا فعل نفسك لا يضرك لمخالفتهم وتقاعدهم فتقدم الى الجهاد وان لم يساعدك احد فان الله ناصرك لا الجنود. والتكلف اسم لما يفعل بمشقة او بتصنع فالمحمود منه ما فعل بمشقة حتى الف ففعل بمحبة كالعبادات والمذموم منه ما يتعاطى تصنعا ورياء { وحرض المؤمنين } على القتال اى رغبهم فيه بذكر الثواب والعقاب او بوعد النصرة والغنيمة وما عليك فى شأنهم الا التحريض فحسب لا التعنيف بهم ـ روى ـ ان رسول الله صلى الله عليه وسلم واعد ابا سفيان بعد حرب احد موسم بدر الصغرى فى ذى القعدة وهى سوق من المدينة على ثمانية اميال ويقال لها حمراء الاسد ايضا فلما بلغ الميعاد دعا الناس الى الخروج فكرهه بعضهم فانزل الله هذه الآية فخرج صلى الله عليه وسلم فى سبعين راكبا فكفاهم الله القتال كما قال { عسى الله ان يكف } اى يمنع { بأس الذين كفروا } البأس فى الاصل المكروه ثم وضع موضع الحرب والقتال قال تعالى { { ولا يأتون البأس إلا قليلا } [الأحزاب: 18].
وعسى من الله واجب لانه فى اللغة الاطماع والكريم اذا اطمع انجز وقد فعل حيث القى فى قلوب الكفرة الرعب حتى رجعوا من مر الظهران ـ ويروى ـ ان رسول الله صلى الله عليه وسلم وافى بجيشه بدرا وقام بها ثمانى ليال وكان معهم تجارات فباعوها واصابوا خيرا كثيرا وقد مر فى سورة آل عمران
{ { والله أشد بأسا } [النساء: 84].
اى من قريش
{ { وأشد تنكيلا } [النساء: 84].
اى تعذيبا وعقوبة ينكل من يشاهدها عن مباشرة ما يؤدى اليها ويجوز ان يكونا جميعا فى الدنيا وان يكون احدهما فى الدنيا والآخر فى العقبى.
ثم له ثلاثة اوجه. احدها ان معناه ان عذاب الله تعالى اشد من جميع ما ينالكم بقتالهم لان مكروههم ينقطع ثم تصيرون الى الجنة وما يصل الى الكفار والمنافقين من عذاب الله يدوم ولا ينقطع. والثانى لما كان عذاب الله اشد فهو اولى ان يخاف ولا يجرى فى امره بالقتال منكم خلاف وهذا وعيد. والثالث لما كان عذاب الله اشد فهو يدفعهم عنكم ويكفيكم امرهم وهذا وعد وانما جبن المتقاعدون لشدة بأس الكفار وصولتهم ولكن الله قاهر فوق عباده وقوة اليقين رأس مال الدين والموت تحفة المؤمن الكامل خصوصا اذا كان فى طريق الجهاد والدنيا سريعة الزوال ولا تبقى على كل حال وكان عمر بن الخطاب رضى الله عنه كثيرا ما ينشد هذه الابيات

لا شىء مما نرى تبقى بشاشته يبقى الاله ويردى المال والولد
لم تغن عن هرمز يوما خزائنه والخلد قد حاولت عاد فما خلدوا
ولا سليمان اذ تجرى الرياح له والانس والجن فيما بينها ترد
اين الملوك التى كانت لعزتها من كل اوب اليها وافد يفد
حوض هنالك مورود بلا كذب لا بد من ورده يوما كما وردوا

وفى التأويلات النجمية { فقاتل فى سبيل الله لا تكلف الا نفسك } المعنى فجاهد فى طلب الحق نفسك فان فى طلب الحق لا تكلف نفسا اخرى الا نفسك وفيه معنى آخر لا تكلف نفس اخرى بالجهاد لاجل نفسك لان حجابك من نفسك لا من نفس اخرى فدع نفسك وتعال فانك صاحب يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً وذلك لانه صلى الله عليه وسلم اختص بهذا المقام من جميع الانبياء والمرسلين وان يكون فانى النفس والذى يدل عليه ان الانبياء يوم القيامة يقولون لبقاء نفوسهم نفسى نفسى ويقول النبى عليه السلام لفناء نفسه امتى امتى فافهم جدا ثم قال { وحرض المؤمنين } على القتال يعنى فى الجهاد الاصغر والجهاد الاكبر { عسى الله ان يكف بأس الذين كفروا } ظاهرا وباطنا فالظاهر الكفار والباطن النفس { والله اشد بأسا واشد تنكيلا } فى استيلاء سطوات صفات قهره عند تجلى صفة جلاله للنفس من بأس الكافر عليها انتهى: وفى المثنوى

اندرين ره مى تراش و مى خراش تادم آخر دمى فارغ مباش
اى شهان كشتيم ما خصمى برون ماند خصمى زوان بتردراندرون
كشتن اين كارعقل وهوش نيست شيرباطن سخره خركون نيست
سهل شيرى دانكه صفها بشكند شير آنست آنكه خودرا بشكند