خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ ٱلأَزِفَةِ إِذِ ٱلْقُلُوبُ لَدَى ٱلْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ
١٨
-غافر

روح البيان في تفسير القرآن

{ وانذرهم } خوفهم يا محمد يعنى اهل مكة { يوم الآزفة } منصوب على انه مفعول به لانذرهم لانه المنذر به والآزفة فاعلة من ازف الامر على حد علم اذا قرب والمراد القيامة ولذا انث ونظيره ازفت الآزفة اى قربت القيامة وسميت بالآزفة لازوفها وهو القرب لأن كل آت قريب وان استبعد اليائس امده وفى الحديث "بعثت انا والساعة كهاتين ان كادت لتسبقنى"
والاشارة بهاتين الى السبابة والوسطى يعنى ان ما بينى وبين الساعة بالنسبة الى ما مضى من الزمان مقدار فضل الوسطى على السبابة شبه القرب الزمانى بالقرب المساحى لتصوير غاية قرب الساعة ثم فى الازوف اشعار بضيق الوقت ولذا عبر عن القيامة بالساعة وقيل اتى امر الله فعبر عنها بلفظ الماضى تنبيها على قربها وضيق وقتها كما فى المفردات وقال بعضهم انذرهم يوم الخطة الآزفة اى وقتها وهى مشارقة اهل النار دخولها. والخطة بالضم الامر والقصة واكثر ما يستعمل فى الامور العصبة التى تستحق ان تخط وتكتب لغرابتها كما فى حواشى سعدى المفتى { اذ القلوب لدى الحناجر } جمع حنجرة وهى الحلقوم وهى بالفارسية كلو. والجملة بدل من يوم الآزفة فان القلوب ترتفع عن اماكنها من شدة الفزع فتلتصق بحلوقهم فلا تعود فيستروحوا ويتنفسوا ولا تخرج فيستريحوا بالموت وقيل يلتفخ السحر خوفا اى الرئة فيرتفع القلب الى الحنجرة { كاظمين } حال من اصحاب القلوب على المعنى اذ الاصل اذ قلوبهم لدى حناجرهم بناء على أن التعريف اللامى بدل من التعريف الاضافى يقال كظم غيظه اى رد غضبه وحبسه فى نفسه بالصبر وعدم اظهار الاثر والمعنى كاظمين على الغم والكربة ساكتين حال امتلائهم بهما يعنى لا يمكنهم ان ينطقوا ويصرحوا بما عندهم من الحزن والخوف من شدة الكربة وغلبة الغم عليهم فقوله اذ القلوب لدى الحناجر تقرير للخوف الشديد وقوله كاظمين تقرير للعجز عن الكلام فان الملهوف اذا قدر على الكلام وبث الشكوى حصل له نوع خفة وسكون واذا لم يقدر عظم اضطرابه واشتد حاله { ما للظالمين } اى الكافرين { من حميم } اى قريب مشفق يعنى هيج خويشى مشفق ويار مهربان عذاب ايشان را دفع كند { ولا شفيع يطاع } وشفيع مشفع على معنى نفى الشفاعة والطاعة معا وعلى ان يطاع مجاز عن يجاب وتقبل شفاعته لأن المطيع فى الحقيقة يكون اسفل حالا من المطاع وليس فى الوجود من هو اعلى حالا من الله تعالى حتى يكون مطاعا له تعالى وفى الآية بيان أن لا شفاعة فى حق الكفار لأنها وردت فى ذمهم وانما قيل للظالمين موضع للكافرين وان كان اعم منهم ومن غيرهم من العصاة بحسب الظاهر تسجيلا لهم بالظلم ودلالة على اختصاص انتفاء كل واحد من الحميم والشفيع المشفع بهم فثبت أن لعصاة المسلمين حميما وشفيعا ومشفعا وهو النبى عليه السلام وسائر الانبياء والمرسلين والاولياء المقربين والملائكة اجمعين