خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِندَ ٱللَّهِ وَعِندَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ يَطْبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُـلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ
٣٥
-غافر

روح البيان في تفسير القرآن

{ الذين يجادلون فى آيات الله } بدل من الموصول الاول لأنه بمعنى الجمع اذ لا يريد مسرفا واحدا بل كل مسرف والمراد بالمجادلة رد الآيات والطعن فيها { بغير سلطان } متعلق بيجادلون اى بغير حجة وبرهان صالحة للتمسك بها فى الجملة { أتاهم } صفة سلطان { كبر } عظم من هو مسرف مرتاب او الجدال { مقتا } اى من جهة البغض الشديد والنفور القوى { عند الله وعند الذين آمنوا } قال ابن عباس رضى الله عنه بمقتهم الذين آمنوا بذلك الجدال { كذلك } اى مثل ذلك الطبع الفظيع { يطبع الله } مهر مىنهد خداى تعالى وازهدى محجوب ميكند { على كل قلب متكبر جبار } برهردل شخص متكبركه سركش انداز فرمان بردارى خودكامه كه خودرا ازديكران برتردانند.
فيصدر عنه امثال ما ذكر من الاسراف والارتياب والمجادلة بالباطل قال الراغب الجبار فى صفة الانسان يقال لمن جبر نقيصته اى اصلحها بادعاء منزلة من التعالى لا يستحقها وهذا لا يقال الا على طريقة الذم ويسمى السطان جبارا لقهره الناس على ما يريده او لاصلاح امورهم فالجبر تارة يقال فى الاصلاح المجرد وتارة فى القهر المجرد وقال ابو الليث على قلب كل متكبر جبار ومثله فى كشف الاسرار حيث قال بالفارسية بردل هر كردن كشى.
فقوله قلب بغير تنوين باضافته الى متكبر لأن المتكبر هو الانسان وقرأ بعضهم بالتنوين بنسبة الكبر الى القلب على أن المراد صاحبه لأنه متى تكبر القلب تكبر صاحبه وبالعكس والخبر
"زنى العينين النظر" يعنى زنى صاحبهما قال فى الكواشى وكل على القرآءتين لعموم الطبع جميع القلب لا لعموم جميع القلوب.
يقول الفقير اعلم أن الطابع هو الله تعالى والمطبوع هو القلب وسبب الطبع هو التكبر والجبارية وحكمه ان لا يخرج من القلب ما فيه من الكفر والنفاق والزيغ والضلال فلا يدخل فيه ما فى الخارج من الايمان والاخلاص والسداد والهدى وهو اعظم عقوبة من الله عليه فعلى العاقل ان يتشبث بالاسباب المؤدية الى شرح الصدر لا الى طبع القلب قال ابراهيم الخواص قدس سره دوآء القلب خمسة قرآءة القرآن بالتدبر وخلاء البطن وقيام الليل والتضرع الى الله عند السحر ومجالسة الصالحين وقال الحسن البصرى حادثوا هذه القلوب بذكر الله فانها سريعة الدثور وهو بالفارسية زنك افكندن كارد وشمشير والمحادثة بزدودن.
وهذا بالنسبة الى القلب القابل للمحادثة اذ رب قلب لا يقبل ذلك

آهنى راكه موريانه بخورد نتوان برد ازوبصقل زنك
باسيه دل جه سود كفتن وعظ نرود ميخ آهنين درسنك

وفى الحديث "انى ليغان على قلبى وانى لاستغفر الله فى كل يوم مائة مرة" وقد تكلموا فى تأويله عن الجنيد البغدادى قدس سره ان العبد قد ينتقل من حال الى ارفع منها وقد يبقى من الاولى بقية يشرف عليها من الثانية فيصححها ويقال بين العبد والحق ألف مقام او مائة من نور وظلمة فعلى هذا كان عليه السلام كلما جاز عن مقام استغفر فهو يقطع جميع الحجب كل يوم وذلك يدل على نهاية بلوغه الى حد الكمال وجلالة قدره عند الملك المتعال.
يقول الفقير لعل الغين اشارة الى لباس البشرية والماهية الامكانية الساتر للقلب عن شهود حضرة الاحدية ولما كان عليه السلام بحيث يحصل له الانكشاف العظيم كل يوم من مائة مرتبة وهى مراتب الاسماء الحسنى باحديتها لم يكن على قلبه اللطيف غين اصلا واشار بالاستغفار الى مرتبة التبديل اى تبديل الغين بالمعجمة عينا بالمهملة والعلم شهودا فصار المقام بحيث كان له غين فازاله بالاستغفار ارشادا للامة والا فلا غين فى هذالمقام والاستغفار وان وهمه العامى قليل الاستبصار وفى الآية ذم للمتكبر والجبار وقال عليه السلام
"يحشر الجبارون والمتكبرون يوم القيامة فى صورة الذر يطأهم الناس لهوانهم على الله" وذلك لان الصورة المناسبة لحال المتكبر الجبار صورة الذر كما لا يخفى على اهل القلب