خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

هُوَ ٱلَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَىٰ أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فيَكُونُ
٦٨
-غافر

روح البيان في تفسير القرآن

{ هو الذى يحيى } الاموات كما فى الارحام وعند البعث { ويميت } الاحياء كما عند انقضاء الاجل وفى القبر بعد السؤال وايضا يحيى القلوب الميتة بنور ربوبيته ولطفه ويميت القلوب بنار قهره فاذا حيى القلب مات النفس واذا مات القلب حيى النفس قال الحسين النورى قدس سره هو الذى احيى العالم بنظره فمن لم يكن به وبنظره حيا فهو ميت وان نطق او تحرك (ع) خوشادلى كه زنور خدابود روشن { فاذا قضى امرا } القضاء بمعنى التقدير عبر به عن لازمه الذى هو ارادة التكوين كأنه قيل اذا قدر شيئا من الاشياء واراد كونه { فانما يقول له كن فيكون } من غير توقف على شىء من الاشياء اصلا: يعنى [تكوين اورا احتياج بآلتى وعدتى وفرصتى نيست]

فعل اوراكه عيب وعلت نيست متوقف بهيج آلت نيست
ازخم زلف كاف وطره نون هرزمان شكلى آورد بيرون

وهذا تمثيل لتأثير قدرته تعالى فى المقدورات عند تعلق ارادته بها وتصوير لسرعة ترتب المكونات على تكوينه من غير ان يكون هناك امرا ومأمور حقيقة.
وذهب بعضهم الى انه حقيقة وان الله تعالى مكون الاشياء بهذه الكلمة فيقول بكلامه الازلى لا بالكلام الحادث الذى هو المركب من الاصوات والحروف كن اى احدث فيكون اى فيحدث ولما لم يتعلق خطاب التكوين بالفهم واشتمل على اعظم الفوائد وهو الوجود جاز تعلقه بالمعدوم.
وفى كشف الاسرار فيكون مرة واحدة لا يثنى قوله.
وفى التكملة قوله كن لا يخلو اما ان يكون قبل وجود المأمور او بعد وجوده فان قيل قبل وجوده ادى ذلك الى مخاطبة المعدوم ولا يصح فى العقل وان قيل بعد وجوده ادى ذلك الى ابطال معنى كن لان المأمور اذا كان موجودا قبل الامر فلا معنى للامر بالكون.
والجواب ان الامر مقارن للمأمور لا يتقدم ولا يتأخر عنه فمع قوله كن يوجد المأمور وهذه كمسألة الحركة والسكون فى الجوهر فانه اذا قدرنا جوهرا ساكنا بمحل ثم انتقل الى محل آخر فانما انتقل بحركة فلا تخلو الحركة من ان تطرأ عليه فى المحل الاول او فى الثانى فان قيل فى الاول فقد اجتمعت مع السكون وان قيل فى الثانى فقد انتقل بغير حركة وان قيل لم تطرأ فى هذا ولا فى هذا فقد طرأت عليه فى غير محل وكل هذا محال.
والجواب ان الحركة هى معنى خصصه بالمحل الثانى فنفس اخلائه للمحل الاول هى نفس شغله للمحل الثانى.
واعلم ان الله تعالى انزل الحروف الثمانية والعشرين وجعل حقائقها الثمانية والعشرين منزلا على ما فصل عند قوله تعالى
{ { رفيع الدرجات } وجعل مفاصل اليدين ايضا ثمانية وعشرين اربعة عشر فى يد واحدة واخرى فى اخرى على ان يكون لكل اصبع ثلاثة مفاصل الا الابهام وجعل كل اصبع مظهرا لاصل من الاصول الخمسة فالابهام مظهر القدرة والمسبحة مظهر الحياة والوسطى مظهر العلم والبنصر مظهر الارادة والخنصر مظهر القول ولما كان العلم اعم حيطة جعل متوسطا بين الاصلين اللذين فى يمينه وهى الحياة والقدرة وبين الاصلين اللذين فى يساره وهى الارادة والقول وانما سقط عن اصل القدرة المفصل الثالث لان كل واحد من الاربعة عام التعلق بخلاف القدرة فانها محجورة الحكم غير مطلقة لانه لا يتعلق حكمها الا بالممكن فلم يعم نفوذه ولعدم عموم حكم القدرة جعل مظهرها الذى هو الابهام ذا مفصلين ولكون امر القدرة مبهما وكيفية تعلقها بالمقدور شيئا غامضا سمى المظهر بالابهام فلا يجوز البحث عن كيفية تعلق القدرة بالمقدور كما لا يجوز البحث عن كيفية وجود البارى وعن كيفية العذاب بعد الموت ونحو ذلك مما هو من الغوامض: قال المولى الجامى فى الارادة والقدرة

فعلهايى كه ازهمه اشيا نوبنو درجهان شود بيدا
كرارادى بودجو فعل بشر ورطبيعى بود جوميل بشر
متبعث جمله ازمشيت اوست مبتنى بركمال حكمت اوست
تخلد بى ارادتش خارى نكسلد بى مشيتش تارى
فى المثل كرجهانيان خواهند كه سرمويى از جهان كاهند
كر نباشد جنان ارادت او نتوان كاستن سر يك مو
ورهمه در مقام آن آيند كر برآن ذره بيفزايند
ندهد بى ارادت او سود نتوانند ذره افزود
بعدازان قدرتش بود كامل مر مرادات را همه شامل
اثر آن بهر عدم كه رسيد رخت باخطه وجود كشيد

وحقيقة الاحياء والاماتة ترجع الى الايجاد ولكن الوجود اذا كان هو الحياة سمى فعله احياء واذا كان هو الموت سمى فعله اماتة ولا خالق للموت والحياة الا الله ولا مميت ولا محيى الا الله تعالى فهو خالق الحياة ومعطيها لكل من شاء حياته على وجه يريده ومديمها لمن اراد دوامها له كما شاء بسبب وبلا سبب وكذا خالق الموت ومسلطه على من شاء من الاحياء متى شاء وكيف شاء بسبب وبلا سبب ومن عرف انه المحيى المميت لم يهتم بحياة ولا موت بل يكون مفوضا مستسلما فى جميع احواله لمن بيده الحياة والموت كما قال ابراهيم عليه السلام { { الذى خلقنى فهو يهدين } الآية.
وخاصية المحيى وجود الالفة فمن خاف الفراق او الحبس فليقرأه على جسده عدده.
وخاصية الاسم المميت ان يكثر منه المسرف الذى لم تطاوعه نفسه على الطاعة فانها تفعلها وتموت عن اوصافها المانعة عن القيام بامر الله تعالى ثم ان الماء مظهر الاسم المحيى والتراب مظهر الاسم المميت وهكذا الموجودات مع اسماء الله تعالى