خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ فَإِذَا جَـآءَ أَمْرُ ٱللَّهِ قُضِيَ بِٱلْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلْمُبْطِلُونَ
٧٨
-غافر

روح البيان في تفسير القرآن

{ ولقد ارسلنا } ـ روى ـ ان الذين كانوا يجادلون فى آيات الله اقترحوا معجزات زائدة على ما اظهره الله على يده عليه السلام من تفجير العيون واظهار البساتين وصعود السماوات ونحوها مع كون ما اظهره من المعجزات كافية فى الدلالة على صدقه فانزل الله تعالى قوله { ولقد ارسلنا } { رسلا } ذوى عدد كثير الى قومهم { من قبلك } اى من قبل بعثتك يا محمد او من قبل زمانك { منهم من قصصنا عليك } قوله منهم خبر مقدم لقوله من قصصنا عليك والجملة صفة لرسلا وقص عليه بين اى بيناهم وسميناهم لك فى القرآن فانت تعرفهم { ومنهم من لم نقصص عليك } لم نسمهم لك ولم نخبرك بهم.
قال الكاشفى [بعضى ازايشان آنها اندكه خوانده ايم قصهاى ايشان برتوكه آن بيست ونه بيغمبراند].
وفى عين المعانى هم ثمانية عشر [وبعضى آنانندكه قصه ايشان نخوانده ايم برتو اما نام ايشان دانسته اليسع وغيراو وبعضى آنست كه نه نام ايشان دانسته ونه قصه ايشان شنيده ودرايمان بديشان تعيين عدد ومعرفت ايشان بانساب واسامى شرط نيست] وعن على رضى الله عنه ان الله بعث نبيا اسود.
وفى التكملة عبدا حبشيا وهو ممن لم يقصص الله عليه.
يقول الفقير لعل معناه ان الله بعث نبيا اسود الى السودان فلا يخالف ما ورد من ان الله تعالى ما بعث نبيا الا حسن الاسم حسن الصورة حسن الصوت وذلك لان فى كل جنس حسنا بالنسبة الى جنسه. والحاصل ان المذكور قصصهم من الانبياء افراد معدودة وقد قيل عدد الانبياء مائة واربعة وعشرون الفا.
قال فى شرح المقاصد
"روى عن ابى ذر الغفارى رضى الله عنه انه قال قلت لرسول الله عليه السلام كم عدد الانبياء فقال مائة الف واربعة وعشرون الفا فقلت فكم الرسل فقال ثلاثمائة وثلاثة عشر جما غفيرا" لكن ذكر بعض العلماء ان الاولى ان لا يقتصر على عددهم لان خبر الواحد على تقدير اشتماله على جميع الشرائط لا يفيد الا الظن ولا يعتبر الا فى العمليات دون الاعتقاديات وههنا حصر عددهم يخالف ظاهر قوله تعالى { منهم من قصصنا } الخ. ويحتمل ايضا مخالفة الواقع واثبات من ليس بنبى ان كان عددهم فى الواقع اقل مما يذكر ونفى النبوة عمن هو نبى ان كان اكثر فالاولى عدم التنصيص على عدد. وفى رواية "مائتا الف واربعة وعشرون الفا" كما فى شرح العقائد للتفتازانى.
قال ابن ابى شريف فى حاشيته لم ار هذه الرواية.
وقال المولى محمد الرومى فى المجالس ومما يجب الايمان به الرسل والمراد من الايمان بهم العلم بكونهم صادقين فيما اخبروا به عن الله فانه تعالى بعثهم الى عباده ليبلغوهم امره ونهيه ووعده ووعيده وايدهم بالمعجزات الدالة على صدقهم اولهم آدم وآخرهم محمد عليه السلام فاذا آمن بالانبياء السابقة فالظاهر انه يؤمن بانهم كانوا انبياء فى الزمان الماضى لا فى الحال اذ ليست شرائعهم بباقية واما الايمان بسيدنا محمد عليه السلام فيجب بانه رسولنا فى الحال وخاتم الانبياء والرسل فاذا آمن بانه رسول ولم يؤمن بانه خاتم الرسل لا نسخ لدينه الى يوم القيامة لا يكون مؤمنا ومن قال آمنت بجميع الانبياء ولا اعلم آدم نبى ام لا فقد كفر ثم انه لم يبين فى القرآن عدد الانبياء كم هم وانما المذكور فيه باسم العلم على ما ذكر بعض المفسرين ثمانية وعشرون وهم آدم ونوح وادريس وصالح وهود وابراهيم واسماعيل واسحاق ويوسف ولوط ويعقوب وموسى وهارون وشعيب وزكريا ويحيى وعيسى وداود وسليمان والياس واليسع وذو الكفل وايوب ويونس ومحمد وذو القرنين وعزير ولقمان على القول بنبوة هذه الثلاثة الاخيرة وفى الامالى

وذو القرنين لم يعرف نبيا كذا لقمان فاحذر عن جدال

وذلك لان ظاهر الادلة يشير الى نفى النبوة عن الانثى وعن ذى القرنين ولقمان ونحوهما كتبع فانه عليه السلام "قال لا ادرى أهو نبى ام ملك" وكالخضر فانه قيل نبى وقيل ولى وقيل رسول فلا ينبغى لاحد ان يقطع بنفى او اثبات فان اعتقاد نبوة من ليس بنبى كفر كاعتقاد نفى نبوة نبى من الانبياء يعنى اذا كان متفقا على نبوته او عدم نبوته واما اذا كان فيه خلاف فلا يكفر لانه كالدليل الظنى والكفر فى القطعى.
وفى فتح الرحمن فى سورة البقرة والمذكورون فى القرآن باسم العلم ستة وعشرون نبيا وهم محمد وآدم وادريس ونوح وهود وصالح وابراهيم ولوط واسماعيل واسحاق ويعقوب ويوسف وايوب وذو الكفل وشعيب وموسى وهارون وداود وسليمان وعزير ويونس وزكريا ويحيى وعيسى والياس واليسع صلوات الله عليهم اجمعين واشير الى اشمويل بقوله تعالى
{ { وقال لهم نبيهم } واشير الى ارميا بقوله { { أو كالذى مرّ على قرية } واشير الى يوشع بقوله { { واذ قال موسى لفتاه } واشير الى اخوة يوسف بقوله { { لقد كان فى يوسف واخوته } والاسباط ذكروا اجمالا وهم من ذرية اولاد يعقوب الاثنى عشر نبيا وكان فيهم انبياء وفى لقمان وذى القرنين خلاف كالخضر انتهى.
قال بعض الحكماء يجب على المؤمن ان يعلم صبيانه ونساءه وخدمه اسماء الانبياء الذين ذكرهم الله تعالى فى كتابه حتى يؤمنوا بهم ويصدقوا بجميعهم ولا يظنوا ان الواجب عليهم الايمان بمحمد عليه السلام فقط لا غير فان الايمان بجميع الانبياء سواء ذكر اسمه فى القرآن او لم يذكر واجب على المكلف فمن ثبت تعينه باسمه يجب الايمان به تفصيلا ومن لم يعرف اسمه يجب الايمان به اجمالا ـ وحكى ـ ابن قتيبة فى المعارف ان الانبياء مائة الف واربعة وعشرون الفا الرسل منهم ثلاثمائة وخمسة عشر منهم خمسة عبرانيون وهم آدم وشيث وادريس ونوح وابراهيم وخمسة من العرب هود وصالح واسماعيل وشعيب ومحمد عليهم السلام.
قال فى التكملة هذا الذى ذكر ابن قتيبة لا يصح لانه قد
"روى انه كان من العرب نبى آخر وهو خالد بن سنان بن غيث وهو من عبس بن بغيض روى عن النبى عليه السلام انه قال فيه ذلك نبى اضاعه قومه" وردت ابنته على رسول الله عليه السلام فسمعته يقرأ { { قل هو الله احد } فقالت كان ابى يقول هذا.
قال ابن قتيبة واول انبياء بنى اسرائيل موسى وآخرهم عيسى.
قال فى التكملة صاحبها وهذا عندى غير صحيح لانه ان اراد اول الرسل فقد قال الله تعالى حكاية عن قول الرجل المؤمن من آل فرعون
{ { ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات } فقد اخبر انه ارسل اليهم يوسف وهو اما ابن يعقوب او ابن افراييم بن يوسف بن يعقوب على الخلاف المتقدم وان اراد النبوة خاصة فيوسف واخوته انبياء وهم بنوا اسرائيل لان يعقوب عليه السلام هو اسرائيل واول الانبياء آدم وآخرهم محمد عليهم السلام.
وروى ابن سلام وغيره عن عائشة رضى الله عنها انها قالت لا تقولوا لا نبى بعد محمد وقولوا خاتم النبيين لانه ينزل عيسى بن مريم حكما عدلا واماما مفسطا فيقتل الدجال ويكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية وتضع الحرب اوزارها.
قال فى التكملة وقول عائشة لا تقولوا لا نبى بعد محمد انما ذكر والله اعلم لئلا يتوهم المتوهم رفع ما روى من نزول عيسى بن مريم فى آخر الزمان وعلى الحقيقة فلا نبى بعد رسول الله عليه السلام لان عيسى وان نزل بعده فهو موجود قبله حى الى ان ينزل واذا نزل فهو متبع لشريعته مقاتل عليها فلا يخلق نبى بعد محمد ولا تجدد شريعة بعد شريعته فعلى هذا يصح ولا نبى بعده. وقد روى فى اسماء النبى عليه السلام فى كتاب الشمائل وغيره والعاقب الذى ليس بعده نبى فهذه زيادة وان لم يذكرها مالك فهى موجودة فى غير الموطأ ويحتمل ان تكون من قبل النبى او من قبل الراوى فان كانت من قبل النبى عليه السلام فحسبك بها حجة وان كانت من قبل الراوى فقد صح بها ان اطلاق هذا اللفظ غير ممتنع ولا معارضة بينه وبين حديث عائشة كما ذكرنا والمراد به لا تقولوا لا نبى بعده يعنى لا يوجد فى الدنيا نبى فان عيسى ينزل الى الدنيا ويقاتل على شريعة النبى عليه السلام والمراد بقوله عليه السلام فى الحديث والعاقب الذى ليس بعده نبى ولا يبعث بعده نبى ينسخ شريعته وهذا معنى قوله
{ { وخاتم النبيين } اى الذى ختمت النبوة والرسالة به لان نبوة عيسى قبله فنبوته عليه السلام ختمت النبوات وشريعته ختمت الشرائع انتهى ما فى التكملة.
وفى التأويلات النجمية تشير الآية الى ان الحكمة البالغة الازلية اقتضت انا نبعث قبلك رسلا ونجزى عليهم وعلى اممهم احوالا ثم نقص عليك من انبائهم ما نثبت به فؤادك ونؤدبك بتأدبهم لتتعظ بهم ولا نقدمك بالرسالة عليهم ليتعظوا بك فان السعيد من يتعظ بغيره

هر طبيدن قاصدى باشد دل آكاهرا

{ ومنهم من لم نقصص عليك } لاستغنائك عن ذلك تخفيفا لك عما لا يعنيك وهذا امارة كمال العناية فيما قص عليه وفيما لم يقصص عليه { وما كان لرسول } اى وما صح وما استقام لرسول منهم { ان يأتى بآية } تقترح عليه [يعنى بيارد معجزه كه نشانه نبوت او باشد] { الا باذن الله } فان المعجزات تشعب فنونها عطايا من الله تعالى قسمها بينهم حسبما اقتضته مشيئته المبنية على الحكم البالغة كسائر القسم ليس لهم اختيار فى ايثار بعضها ولا استبداد باتيان المقترح بها.
وفيه تسلية لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كأنه قيل ما من رسول من قبلك سواء كان مذكورا او غير مذكور اعطاه الله آيات معجزات الا جادله قومه فيها وكذبوه عنادا وعبثا فصبروا وظفروا فاصبر كما صبروا تظفر كما ظفروا: وفى المثنوى

صدهزاران كيميا حق آفريد كيميايى همجو صبر آدم نديد

{ فاذا جاء امر الله } بالعذاب فى الدنيا والآخرة { قضى بالحق } حكم بين الرسل ومكذبيهم بانجاء المحق واهلاك المبطل وتعذيبه { وخسر } هلك او تحقق وتبين انه خسر { هنالك } اى وقت مجىء امر الله وهو اسم مكان استعير للزمان { المبطلون } اى المتمسكون بالباطل على الاطلاق فيدخل فيهم المعاندون المقترحون دخولا اوليا.
قال فى القاموس الباطل ضد الحق وابطل جاء بالباطل فالمبطل صاحب الباطل والمتمسك به كما ان المحق صاحب الحق والعامل به ولم يقل وخسر هنالك الكافرون لما سبق من نقيض الباطل الذى هو الحق كما فى برهان القرآن.
وفى الآية اشارة الى انه يجب الرجوع الى الله قبل ان يجىء امره وقضاؤه بالموت والعذاب فانه ليس بعده الا الاحزان

توبيش ازعقوبت درعفوكوب كه سودى ندارد فغان زيرجوب
جه سود از بشيمانى آيد بكف جو سرمايه عمر كردى تلف
كسى كرجه بد كردهم بدنكرد كه بيش از قيامت غم خويش خورد

يعنى [بيش از قيامت موت زيراكه مرد قيامت او برخاست]