خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ وَلَـٰكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ ٱللَّهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيراً مِّمَّا تَعْمَلُونَ
٢٢
-فصلت

روح البيان في تفسير القرآن

{ وما كنتم تستترون ان يشهد عليكم سمعكم ولا ابصاركم ولا جلودكم } قوله ان يشهد فى موضع النصب باسقاط الخافض اى من ان يشهد لأن استتر لا يتعدى بنفسه او فى موضع الجر على تقدير المصاف اى مخافة ان يشهد ولا فى الموضعين زآئدة لتاكيد النفى وهذه حكاية لما سيقال للاعدآء يومئذ من جهته تعالى بطريق التوبيخ والتقريع تقرير الجواب الجلود والمعنى وما كنتم تستترون فى الدنيا عند مباشرتكم الفواحش مخافة ان تشهد عليكم جوارحكم بذلك لأنها كانت اجساما صامتة غير ناطقة ولم يكن فى حسابكم ما استقبلكم كما كنتم تستترون من الناس بالحيطان والحجب وظلمة الليل مخافة الافتضاح عندهم بل كنتم جاحدين بالبعث والجزآء راسا فضلا عن شهادة الاعضاء وفيه تنبيه على ان المؤمن ينبغى ان يتحقق ان لا يمر عليه حال الا وعليه رقيب وان الله معه اينما كان وفى الحديث "افضل ايمان المرء ان يعلم ان الله معه حيث كان"
يارباتست هركجاهستى. جاى ديكر جه خواهى اى او باش. باتو در زيريك كليم جو اوست بس برو اى حريف خود را باش.
فعلى العبد ان يحفظ نفسه ويحاسبها قبل ان تحاسب قال البقلى فى عرآئسه من باشر المعصية تظهر آثارها على جوارحه لا يقدر ان يسترها ولو كان عالما بنفسه يستغفر فى السر عند الله حتى تضمحل آثارها ولا يرى وجود تلك الآثار صاحب كل نظرة قال ابو عثمانرحمه الله من لم يذكر فى وقت مباشرته الذنوب شهادة جوارحه عليه يجترئ على الذنوب ومن ذكر ذلك حين مباشرتها ربما تلحقه العصمة والتوفيق فيمنعانه عنها وفضوح الدنيا فالنار ولا العار { ولكن ظننتم } عند استتاركم { ان الله لا يعلم كثيرا مما تعملون } من القبائح المخفية فلا يظهرها فى الآخرة على تقدير وقوعها ولذلك اجترأتم على ما فعلتم يشير الى معتقد الفلاسفة الزنادقة فانهم يعتقدون ان الله لا يكون عالم الجزئيات وفيه ايذان بان شهادة الجوارح باعلامه تعالى حينئذ لا بانها كانت عالمة بما شهدت به عند صدروه عنهم وادخل الكثير لكونهم يزعمون ان الله يعلم ما يجهر به دون ما يسر عن ابن مسعود رضى الله عنه كنت مستترا باستار الكعبة فدخل ثلاثة نفر ثقفيان وقرشى او قرشيان وثقفى كثير شحم بطونهم قليل فقه بطونهم قيل الثقفى عبدياليل والقرشيان ختناه ربيعة وصفوان بن امية فقال احدهم اترون أن الله يسمع ما نقول قال الآخر يسمع ان جهرنا ولا يسمع ان اخفينا فذكرت ذلك للنبى عليه السلام فانزل الله تعالى وما كنتم تستترون الخ فالحكم المحكى حينئذ يكون خاصا بمن كان على ذلك الاعتقاد من الكفرة ولعل الانسب ان يراد بالظن معنى مجازى يعم المعنى الحقيقى وما جرى مجراه من الاعمال المنبئة عنه كما فى قوله تعالى
{ { يحسب أن ماله اخلده } فان معناه يعمل عمل من يظن أن ماله يبقيه حيا ليعم ما حكى من الحال جميع اصناف الكفرة فتدبر كذا فى الارشاد