خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَإِنْ أَعْرَضُواْ فَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ وَإِنَّآ إِذَآ أَذَقْنَا ٱلإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ ٱلإِنسَانَ كَفُورٌ
٤٨
-الشورى

روح البيان في تفسير القرآن

{ فان اعرضوا فما ارسلناك عليهم حفيظا } تلوين للكلام وصرف له عن خطاب الناس بعد امرهم بالاستجابة وتوجيه له الى الرسول عليه السلام اى فان لم يستجيبوا واعرضوا عما تدعوهم اليه فما ارسلناك رقيبا ومحاسبا عليهم وحافظا لاعمالهم وبالفارسية نكهبانى كه ازعمل بد ايشانرا نكاه دارى وفيه تسلية لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم { ان عليك الا البلاغ } اى ما يجب عليك الا تبليغ الرسالة وقد فعلت فلا يهمنك اعراضهم وفى التأويلات النجمية فان أعرضوا عن الله بالاقبال على الدارين ولم يجيبوا فما أرسلناك عليهم حفيظا تحفظهم من الالتفات الى الدارين لان الحفظ من شانى لا من شأنك فانى حفيظ فليس عليك الا تبليغ الرسالة ثم نحن نعلم بما نعاملهم بالتوفيق او بالخذلان.
قال الغزالىرحمه الله فى شرح الاسماء الحفيظ من العباد من يحفظ جوارحه وقلبه ويحفظ دينه من سطوة الغضب وخلابة الشهوة وخداع النفس وغرور الشيطان فانه على شفا جرف هار وقد اكتنفته هذه المهلكات المفضية الى النار وقد عرف كلها من لسان الشارع صلى الله عليه وسلم فليسارع العبد الى دفع الموبقات وجلب المنجيات باصلاح النفس والتخلق بالاخلاق الالهية فان النفس طاغية مؤدية الى الافلاس والخسار وفى الحديث
"اتدرون من المفلس قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع قال عليه السلام المفلس من امتى من يأتى يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتى قد شتم هذا وقذف هذا واكل مال هذا او سفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته فان فنيت حسناته قبل ان يقضى أخذ من خطاياهم وطرحت عليه ثم يطرح فى النار" فلا ينبغى للعاقل ان يبقى مع النفس فانه اذا نزل عليه العذاب غضبا للنفس لا يجد وليا يتولاه ولا نصيرا ينصره ولا ملجأ يفر اليه فهذه حال المعرضين واما حال المقبلين القابلين للبلاغ والارشاد فالله تعالى يحفظهم مما يخافونه يوم المعاد.
خجل آنكس كه رفت وكار نساخت كوس رحلت زدند وبارنساخت { وانا اذا اذقنا الانسان منا } از نزديك خود { رحمة } اى نعمة من الصحة والغنى والأمن { فرح بها } بطر لاجلها (وقال الكاشفى) خوش شودبدان وشادى كند.
اعلم ان نعمة الله وان كانت فى الدنيا عظيمة الا انها بالنسبة الى سعادات الآخرة كالقطرة بالنسبة الى البحر فلذلك سمى الانعام بها اذاقة وبالفارسية جشانيدن.
فالانسان اذا حصل له هذا القدر الحقير فى الدنيا فرح به ووقع فى العجب والكبر وظن انه فاز بكل المنى ودخل فى قصر السعادات ولذا ضعف اعتقاده فى سعادات الآخرة والا لاختار الباقى على الفانى لان الفانى كالخزف مع انه قليل والباقى كالذهب مع انه كثير.
افتد هماى دولت اكردر كمندما از همت بلند رها ميكنيم ما { وان تصبهم } اى الانسان لان المراد به الجنس { سيئة } اى بلاء من مرض وفقر وخوف مما يسوءهم { بما قدمت ايديهم } بسبب ما عملت انفسهم من كفرانهم بنعم الله وعصيانهم فيها وذكر الايدى لان اكثر الاعمال تباشر بها فجعل كل عمل كالصادر بالايدى على طريق التغليب { فان الانسان كفور } قال الراغب كفر النعمة وكفرانها سترها بترك ادآء شكرها وأعظم الكفر جحودهم الوحدانية او النبوة او الشريعة والكفران فى جحود النعمة اكثر استعمالا والكفر فى الدين اكثر والكفور فيهما جميعا والمعنى فان الانسان بليغ الكفر ينسى النعمة بالكلية ويذكر البلية ويستعظمها ولا يتأمل سببها بل يزعم انها اصابته بغير استحقاق لها واسناد هذه الخصلة الى الجنس مع كونها من خواص المجرمين لغلبتهم فيما بين الافراد يعنى انه حكم على الجنس بحال اغلب افراده للملابسة على المجاز العقلى وتصدير الشرطية الاولى باذا مع اسناد الاذاقة الى نون العظمة للتنبيه على ان ايصال النعمة محقق الوجود كثير الوقوع وانه مقتضى الذات كما ان تصدير الثانية بان واسناد الاصابة الى السيئة وتعليلها باعمالهم للايذان بندرة وقوعها وانها بمعزل عن الانتظام فى سلك الارادة بالذات ووضع الظاهر موضع الضمير للتسجيل على ان هذا الجنس مرسوم بكفران النعم.
امام ابو منصور ماتريدىرحمه الله فرموده كه كفران مؤمن آنست كه ترك شكر كند قال بعض الكبار (ع) درشكر همجو جشمه ودرصبر خاره ايم.
وعن على رضى الله عنه اذا وصلت اليكم اطراف النعمة فلا تنفروا اقصاها بقلة الشكر يعنى من لم يشكر النعم الحاصلة لديه الواصلة اليه حرم النعم الغائبة منه القاصية عنه.
جون بيابى تونعمتى درجند خرد باشد جونقطه موهوم شكران يافته فرومكزار كه زنايافته شوى محروم.
وعنه رضى الله عنه ايضا أقل ما يلزمكم لله ان لا تستعينوا بنعمه على معاصيه قال الحسن اذا استوى يوماك فانت ناقص قيل كيف ذاك قال ان الله زادك فى يومك هذا نعما فعليك ان تزداد فيه شكرا وقد مد الله عمر بعض الانسان واكثر عليه فضله كنمرود وفرعون ونحوهما ثم انهم لم يزدادوا كل يوم الا كفرانا فعاملهم الله بالعدل حتى هلكوا اقبح الهلاك وفى الآية اشارة الى ان من خصوصية الانسان اذا وكله الله الى نفسه ان لا يشكر على ما فتح الله عليه من المواهب الالهية وفتوحات الغيب وانواع الكرامات التى تربى بها اطفال الطريقة ليزيده الله بل ينظر الى نفسه بالعجب ويفشى سره على الحاق ارأة وسمعة فيغلق الله ابواب الفتوحات بعد فتحها (قال الصائب) نجام بت برست بودبه زخود برست درقيد خود مباش وبقيد فرنك باش ومن الله العون