خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا ٱلْكِتَابُ وَلاَ ٱلإِيمَانُ وَلَـٰكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَآءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
٥٢
-الشورى

روح البيان في تفسير القرآن

{ وكذلك } اى مثل ذلك الايحاء البديع او كما اوحينا الى سائر رسلنا { اوحينا اليك روحا من امرنا } هو القرءآن الذى هو للقلوب بمنزلة الروح للابدان حيث يحييها حياة طيبة اى يحصل لها به ما هو مثل الحياة وهو العلم النافع المزيل للجهل الذى هو كالموت وقال الراغب سمى القرءآن روحا لكونه سببا للحياة الاخروية الموصوفة فى قوله { { وان الدار الآخرة لهى الحيوان } ومعنى من امرنا بالفارسية بفرمان ما او.
روحا ناشئا ومبتدأ من أمرنا وقد سبق فى حم المؤمن وقيل هو حبرآئيل ومعنى ايحائه اليه عليه السلام ارساله اليه بالوحى فان قلت كيف علم الرسول عليه السلام فى اول الامر ان الذى تجلى له جبرآئيل وان الذى سمعه كلام الله تعالى قلت خلق الله تعالى له علما ضروريا علم به ذلك والعلم الضرورى يوجب الايمان الحقيقى ويتولد من ذلك اليقين والخشية فان الخشية على قدر المعرفة { ما كنت تدرى } قبل الوحى فى اربعين سنة والمراد وحى النبوة { ما الكتاب } اى اى شىء هو يعنى جون قرآن منزل نبود ندانستى آنرا.
والنفى معلق للفعل عن العمل وما بعده ساد مسد المفعولين ومحل ما كنت الخ حال من كاف اليك كما فى تفسير الكواشى { ولا الايمان } اى الايمان بتفاصيل ما فى تضاعيف الكتاب من الامور التى لا تهتدى اليها العقول لا الايمان بما يستقل به العقل والنظر فان درايته عليه السلام له مما لا ريب فيه قطعا فان اهل الوصول اجتمعوا على ان الرسل عليهم السلام كانوا مؤمنين قبل الوحى معصومين من الكبائر ومن الصغائر الموجبة لنفرة الناس عنهم قبل البعثة وبعدها فضلا عن الكفر وهو مراد من قال لا يعرف القرءآن قبل الوحى ولا شرآئع الايمان ومعالمه وهى ايمان كما قال تعالى
{ { وما كان الله ليضيع ايمانكم } اى صلاتكم سماها ايمانا لانها من شعب الايمان ويدل عليه "انه عليه السلام قيل له هل عبدت وثنا قط قال لا قيل هل شربت خمرا قط قال لا وما زلت اعرف ان الذين هم عليه كفر وما كنت ادرى ما الكتاب ولا الايمان" اى الايمان الشرعى المتعلق بتفاصيل الاحكام ولذلك انزل فى الكتاب ما كنت تدرى ما الكتاب ولا الايمان قال ابن قتيبة لم تزل العرب على بقايا من دين اسمعيل من الحج والختان والنكاح وايقاع الطلاق والغسل من الجنابة وتحريم ذوات المحارم بالقرابة والمصاهرة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما كانوا عليه فى مثل هذه الشرآئع وكان يوحد ويبغض اللات والعزى ويحج ويعتمر ويتبع شريعة ابراهيم عليه السلام ويتعبد بها حتى جاءه الوحى وجاءته الرسالة فقول البيضاوى وهو دليل على انه لم يكن متعبدا قبل النبوة بشرع ممنوع فان عدم الدراية لا يلزمه عدم التعبد بل يلزمه سقوط الاثم ان لم يكن تقصير فالحق ان المراد هو الايمان بما لا طريق اليه الا السمع وقال بعضهم هذا تخصيص بالوقت يعنى كان هذا قبل البلوغ حين كان طفلا وفى المهد ما كان يعرف الايمان وهو ضعيف لانه عليه السلام أفضل من يحيى وعيسى عليهما السلام وقد اوتى كل الحكم والعلم صبيا وقال بعضهم هو من باب حذف المضاف اى ولا اهل الايمان يعنى من الذى يؤمن ومن الذى لا يؤمن قبل ان ظهر ايمان من آمن وكفر من كفر كما قال ابن الفضل اهله لانه ظن ان ابا طالب يؤمن كما قال عليه السلام "اردنا اسلام ابى طالب واراد الله اسلام العباس فكان ما اراد الله دون ما اردنا" وهو ضعيف ايضا لانه عليه السلام لا يدرى بعد الوحى ايضا جميع من يؤمن ومن يصر الى آخر العمر { ولكن جعلناه } اى الروح الذى اوحينا اليك والجعل بمعنى التصيير لا بمعنى الخلق وحقيقته انزلناه { نورا نهدى به من نشاء } هدايته بالتوفيق للقبول والنظر فيه { من عبادنا } وهو الذى يصرف اختياره نحو الاهتدآء به { وانك لتهدى } تقرير لهدايته تعالى وبيان لكيفيتها ومفعول لتهدى محذوف ثقة بغاية الظهور أى وانك لتهدى بهذا النور وترشد من نشاء هدايته { الى صراط مستقيم } هو الاسلام وسائر الشرائع والاحكام والصراط من السبيل ما لا التوآء فيه اى لا اعوجاج بل يكون على سبيل القصد