خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لَقَدْ جِئْنَاكُم بِٱلْحَقِّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ
٧٨
-الزخرف

روح البيان في تفسير القرآن

{ لقد جئناكم بالحق } فى الدنيا بارسال الرسل وانزال الكتب وهو خطاب توبيخ وتقريع من جهة الله تعالى مقرر لجواب مالك ومبين لسبب مكثهم وفى التأويلات النجمية لقد جئناكم بالدين القويم فلم تقبلوا لان اهل الطبيعة الانسانية اكثرهم يميلون الى الباطل كما قال { ولكن اكثركم للحق } اى حق كان { كارهون } اى لا يقبلون وينفرون منه لما فى طباعه من اتعاب النفس والجوارح واما الحق المعهود الذى هو التوحيد او القرءآن فكلهم كارهون له مشمئزون منه هكذا قالوا والظاهر ما اشار اليه فى التأويلات فاعرف والكراهة مصدر كره الشئ بالكسر اى لم يرده فهو كاره وفى الآية اشارة الى ان النفرة عن الحق من صفات الكفار فلا بد من قبول الحق حلو او مر او الى ان الله تعالى ما ترك الناس سدى بل ارشدهم الى طريق الحق بدلالات الانبياء والاولياء لكن اكثرهم لم يقبلوا العلاج ثم ان أنفع العلاج هو التوحيد حكى عن الشبلى قدس سره انه اعتل فحمل الى البيمارستان وكتب على بن عيسى الوزير الى الخلفية فى ذلك فارسل الخليفة اليه مقدم الاطباء وكان نصرانيا ليداويه فما انجحت مداواته فقال الطبيب للشبلى والله لو علمت ان مداواتك من قطعة لحم فى جسدى ما عسر على ذلك فقال الشبلى دوآئى فى دون ذلك قال الطبيب وما هو قال فى قطعك الزنار فقال الطبيب أشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله فاخبر الخليفة بذلك فبكى وقال نفذنا طبيبا الى مريض وما علمنا انا نفذنا مريضا الى طبيب.
ونظيره ما حكى ان الشيخ نجم الدين الاصفهانى قدس سره خرج مع جنازة بعض الصالحين بمكة فلما دفنوه وجلس الملقن يلقنه ضحك الشيخ نجم الدين وكان من عادته لا يضحك فسأله بعض اصحابه عن ضحكه فزجره فلما كان بعد ذلك قال ما ضحكت الا لانه لما جلس على القبر يلقن سمعت صاحب القبر يقول الا تعجبون من ميت يلقن حيا اشار الى ان الملقن وان كان من زمرة الاحياء صورة لكنه فى زمرة الاموات حقيقة لممات قلبه بالغفلة عن الله تعالى فهو ماكث فى جهنم النفس معذب بعذاب الفرقة لا ينفع نفسه فكيف ينفع غيره بخلاف الذى لقنه فانه بعكس ذلك يعنى انه وان كان فى زمرة الاموات صورة لكن فى زمرة الاحياء حقيقة لان المؤمنين الكاملين لا يموتون بل ينقلون من دار الى دار فهو ماكث فى جنة القلب منعم بنعيم الوصال منتفع باعماله واحواله وله تأثير فى نفع الغير ايضا بالشفاعة ونحوها على ما اشار اليه قوله تعالى
{ { فالمدبرات امرا
} مشوبمرك زامداد اهل دل نوميد. كه خواب مردم آكاه عين بيداريست.
فاذا عرفت حال ملقن القبر فقس عليه سائر ارباب التلقين من اهل النقصان واصحاب الدعوى والرياء فان الميت يحتاج فى احيائه الى نفخ روح حقيقى وأنى ذلك لمن فى حكم الاموات من النافخين فان نفخته عقيم اذ ليس من اهل الولادة الثانية نسأل الله سبحانه ان يجعلنا احياء بالعلم والمعرفة والشهود ويعصمنا من الجهل والغفلة والقيود