خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَٱرْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُّرْتَقِبُونَ
٥٩
-الدخان

روح البيان في تفسير القرآن

{ فارتقب } فانتظر لما يحل بهم من المقادير فان فى رؤيتها عبرة للعارفين وموعظة للمتقين { انهم مرتقبون } منتظرون لما يحل بك من الدوائر ولم يضرك ذلك فعن قريب يتحقق املك وتخيب آمالهم.
يعنى ازان تو نصرت الهى خواهد بود وازان ايشان عذاب نامتناهى دوستان را هردم فتحى تازه وخصمان را هرزمان رنجى آبى اندازه. تابعانرا وعده حسن المآب. منكرانرا هيبت ذوقوا العذاب.
وفى عين المعانى او فارتقب الثواب فانهم كالمرتقبين العقاب لان المسيئ ينتظر عاقبة الاساءة وعلى كلا التقديرين فمفعول الارتقاب محذوف فى الموضعين وفى الآية فوائد منها انه تعالى بين تيسير القرءآن والتيسير ضد التعسير وقد قال فى آية اخرى
{ { انا سنلقى عليك قولا ثقيلا } فبينهما تعارض والجواب هو ميسر باللسان وثقيل من حيث اشتماله على التكاليف الشاقة على المكلفين ولا شك ان التلاوة باللسان اخف من العمل ولهذا جاء فى بعض اللطائف انه مرض ابن لبعض العلماء فقيل له اذبح قربانا لعل الله يشفى ولدك فقال بل اقرأ قرءآنا فقال بعض العرفاء انما اختار القرءآن لانه فى لسانه وأغرض عن القربان لكون فى جنانه لان حب المال مركوز فى القلب ففى اخراجه منه صعوبة ومنها انه تعالى قال { { بلسانك } فأشار الى انه لو أسمعهم كلامه بغير الواسطة لماتوا جميعا لعدم تحملهم قال جعفر الصادق رضى الله عنه لولا تيسيره لما قدر أحد من خلقه أن يتلفظ بحرف من القرءآن وأنى لهم ذلك وهو كلام من لم يزل ولا يزال وقال ابن عطاء يسر ذكره على لسان من شاء من عباده فلا يفتر عن ذكره بحال واغلق باب الذكر على من شاء من عباده فلا يستطيع بحال ان يذكره ومنها ان بعض المعتزلة استدل بقوله { { لعلهم يتذكرون } على انه أراد من الكل الايمان ولم يرد من احد الكفر واجيب بأن الضمير فى لعلهم الى اقوام مخصوصين وهم المؤمنون فى علم الله تعالى.
يقول الفقير فى هذا الجواب نظر لان ما بعد الآية يخالفه فانهم لو كانوا مؤمنين فى علم الله لآمنوا ولما امر عليه السلام بانتظار الهلاك فى حقهم فالوجه ان يكون لعلهم يتذكرون علة بمعنى طلب ان يفهمه قومك فيتذكروا به او لكى يتذكروا ويتعظوا به فيفوا بما وعدوه من الايمان عند كشف العذاب عنهم وتفسيره بالارادة كما فعله اهل الاعتزال خطأ لان الارادة تستلزم المراد لا محالة ومنها ان انتظار الفرج عبادة على ما جاء فى الحديث لانه من الايمان وجاء فى فضيلة السورة الكريمة آثار صحيحة قال عليه السلام
"من قرأ حم الدخان ليلة الجمعة اصبح مغفورا له" اى دخل فى الصباح حال كونه مغفورا له فاصبح فعل تام بمعنى دخل فى الصباح لانه لو جعل ناقصا يكون المعنى حصل غفرانه وقت الصباح وليس المراد ذلك نعم لا يظهر المنع عن جعله بمعنى صار وعنه عليه السلام "من قرأ الدخان فى ليلة أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك" وهذا الحديثان رواهما ابو هريرة رضى الله عنه والاول أخرجه الترمذى وقال ابو امامة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "من قرأ حم الدخان ليلة الجمعة او يوم الجمعة بنى الله له بيتا فى الجنة" كما فى كشف الاسرار وبحر العلوم واسناد البناء الى الله مجاز اى يأمر الملائكة بان يبنوا له فى الجنة بثواب القراءة بيتا عظيما عاليا من در وياقوت مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
يقول الفقير لما كان اصل البيت مأوى الانسان بالليل وكان احياء الليل الذى فيه ترك البيتوتة غالبا بمثل التلاوة جعل بناء البيت جزاء للقراءة الواقعة فى الليلة المبنية على ترك البيتوتة ليكون الجزاء من جنس العمل وحمل النهار عليه فافهم جدا والله الموفق لمرضاته وتلاوة آياته وللعمل بحقائق بيناته وهو المعين لاهل عناياته
تمت سورة الدخان بعون الملك المنان فى خامس شعبان من الشهور المنتظمة فى سلك سنة ثلث عشرة ومائة وألف سورة الجاثية سبع أو ست وثلاثون آية مكية والاختلاف فى حم