خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ ٱجْتَرَحُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ سَوَآءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ
٢١
-الجاثية

روح البيان في تفسير القرآن

{ ام حسب الذين اجترحوا السيئات } ام منقطعة وما فيها من معنى بل للانتقال من البيان الاول الى الثانى والهمزة لانكار الحسبان بطريق انكار الواقع واستقباحه والتوبيخ عليه لا بطريق انكار الوقوع ونفيه والاجتراح الاكتساب ومنه الجوارح للاعضاء الكاسبة قال فى المفردات سمى الصائد من الكلاب والفهود والطير جارحة وجمعها جوارح اما لانها تجرح واما لانها تكسب وسميت الاعضاء الكاسبة جوارح تشبيها بها لاحد هذين انتهى والمراد بالسيئات الكفر والمعاصى { ان نجعلهم } ان نصيرهم فى الحكم والاعتبار مع مالهم من مساوى الاحوال وهو مع ما عمل فيه ساد مسد مفعولى الحسبان { كالذين آمنوا وعملوا الصالحات } مع مالهم من محاسن الاعمال ونعاملهم معاملتهم فى الكرامة ورفع الدرجة والكاف مفعول ثان للجعل { سوآء محياهم ومماتهم } اى محيى الفريقين جميعا ومماتهم حال من الضمير فى الظرف والموصول معا لاشتماله على ضميريهما على ان السوآء بمعنى المستوى ومحياهم ومماتهم مرتفعان به على الفاعلية والمعنى ام حسبوا ان نجعلهم كائنين مثلهم حال كون الكل مستويا محياهم ومماتهم كلا لا يستوون فى شئ منهما فان هؤلاء فى عز الايمان والطاعة وشرفهما فى المحيى وفى رحمة الله ورضوانه فى الممات ولذا قال عليه السلام لما رأى اصحاب الصفة فى المسجد "المحيى محياكم والممات مماتكم" واولئك فى ذل الكفر والمعاصى وهوانهما فى المحيى وفى لعنة الله والعذاب الخالد فى الممات (ع) كل وخار وكل وكوهرنه برابر باشد.
وكان كفار قريش يقولون نحن احسن حالا من المؤمنين فى الآخرة اى على تقدير وقوع الساعة كما قالوا نحن اكثر اموالا واولادا وما نحن بمعذبين اى فان العزيز فى الدنيا عزيز فى الآخرة وقد قيل المراد انكار ان يستووا فى الممات كما استووا فى الحياة لان المسيئين والمحسنين مستوٍ محياهم فى الرزق والصحة وانما يفترقون فى الممات { ساء ما يحكمون } اى ساء حكمهم هذا على ان ما مصدرية والفعل للاخبار عن قبح حكمهم او بئس شيئا حكموا به ذلك على ان ساء بمعنى بئس وما نكرة موصوفة بمعنى شئ والفعل لانشاء الذم وبالفارسية بدحكميست كه ايشان ميكندد ونتيجه شرك وتوحيدرا برابر ميدارند (ع) نيست يكسان لاى زهر آميز باآب حيات.
وعن تميم الدارى رضى الله عنه انه كان يصلى ذات ليلة عند المقام فبلغ هذه الآية فجعل يبكى ويردد الى الصباح وعن الفضيلرحمه الله انه بلغها فجعل يرددها ويبكى ويقول يا فضيل ليت شعرى من اى الفريقين انت فلا يطمعن البطال فى ثواب العمال ولا الجباء فى مقام الابطال ولا الجاهل فى ثواب العالم ولا النائم فى ثواب القائم فعلى قدر اجتهاد المرء يزيد اجره وبقدر تقصيره ينحط قدره وفى بعض الكتب السابقة ان لله مناديا ينادى كل يوم ابناء الخمسين زرع دنا حصاده ابناء الستين هلموا الى الحساب ابناء السبعين ماذا قدمتم وماذا أخرتم ابناء الثمانين لا عذر لكم ليت الخلق لم يخلقوا وليتهم اذا خلقوا علموا لماذا خلقوا وتجالسوا بينهم فتذكروا ما عملوا الا أتتكم الساعة فخذوا حذركم وفى الخبر
"اذا اراد الله بعبد خيرا بعث اليه ملكا من عامه الذى يموت فيه فيسدده وييسره فاذا كان عند موته اتاه ملك الموت فقعد عند رأسه فقال يا أيتها النفس المطمئنة اخرجى الى مغفرة من الله ورضوان فذلك حين يحب لقاء الله ويحب الله لقاءه واذا اراد بعبد شرا بعث اليه شيطانا من عامه الذى يموت فيه فأغواه فاذا كان عند موته اتاه ملك الموت فقعد عند رأسه فيقول يا أيتها النفس الخبيثة اخرجى الى سخط من الله وغضب فتفرق فى جسده فذلك حين يبغض لقاء الله ويبغض الله لقاءه" ويقال اذا اراد الله ان ينقل العبد من ذل المعصية الى عز الطاعة آنسه بالوحدة واغناه بالقناعة وبصره بعيوب نفسه فمن اعطى ذلك فقد أعطى خير الدنيا والآخرة كما انه فرق بين مطيع وفاسق فكذا فرق بين مطيع ومطيع وللتفاضل فى الاطاعة والنيات تتفاضل المقامات والدرجات ولذا يرى بعض اهل الجنة البعض كما يرى فى الدنيا الكوكب الدرى وعن عبيد بن خالد رضى الله عنه "ان النبى آخى بين رجلين فقتل احدهما فى سبيل الله ثم مات الآخر بعده بجمعة او نحوها فصلوا عليه فقال عليه السلام ما قلتم قالوا دعونا الله ان يغفر له ويرحمه ويلحقه بصاحبه فقال النبى عليه السلام فأين صلاته بعد صلاته وعمله بعد عمله او قال صيامه بعد صيامه" لما ان بينهما أبعد مما بين السماء والارض وقد ورد فى بعض الاخبار ان الموتى يتأسفون على انقطاع الاعمال عنهم حتى يتحسرون على رد السلام وثوابه فليحذر العاقل من حسرة السباق وفجيعة الفراق اما حسرة السباق فانهم اذا قاموا من قبورهم وركب الابرار نجائب الانوار وقدمت بين ايديهم نجائب المقربين بقى المسبوق فى جملة المحرومين واما فجيعة الفراق فانه اذا جمع الله الخلق فى مقام واحد امر ملكا ينادى ايها الناس امتازوا فان المتقين قد فازوا كما قال { { وامتازوا اليوم ايها المجرمون } فيمتاز الولد من والديه والزوج من زوجته والحبيب من حبيبه فهذا يحمل مبجلا الى رياض النعيم وهذا يساق مسلسلا الى عذاب الجحيم قال بعض الاخيار رأيت الشيخ ابا اسحق ابراهيم بن على بن يوسف الشيرازى قدس سره فى النوم بعد وفاته وعليه ثياب بيض وعلى رأسه تاج فقلت له ما هذا البياض فقال شرف الطاعة قلت والتاج قال عز العلم وعن ابى بكر الوراق قدس سره طلبنا أربعة فوجدناها فى اربعة وجدنا رضى الله فى طاعة الله تعالى وسعة المعاش فى صلاة الضحى وسلامة الدين فى حفظ اللسان ونور القلب فى صلاة الليل فعليك بالتدارك قبل فوت الوقت فان الوقت سيف قاطع (قال الشيخ سعدى) سر ازحبيب غفلت برآوركنون كه فردانمانى بخجلت نكون. قيامت كه نيكان باعلى رسند زقعر ثرى بر ثريا رسند تراخود كه در روى نيكان شوى سرمسار