خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

تِلْكَ ءَايَٰتُ ٱللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِٱلْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ ٱللَّهِ وَءَايَٰتِهِ يُؤْمِنُونَ
٦
-الجاثية

روح البيان في تفسير القرآن

{ تلك } الآيات القرءانية من اول السورة وهو مبتدأ خبره قوله { آيات الله } المنبهة على الآيات التكوينية { نتلوها عليك } بواسطة جبرائيل حال كوننا { بالحق } اى محقين او حال كون الآيات ملتبسة بالحق والصدق بعيدة من الباطل والكذب وقال فى بحر العلوم نتلوها عليك حال عاملها معنى الاشارة كأنه قيل نشير اليها متلوة عليك تلاوة متلبسة بالحق مقترنة به بعيدة من الباطل واللعب والهزل كما قال { { وما هو بالهزل } انتهى ويجوز ان تكون تلك اشارة الى الدلائل المذكورة اى تلك دلائله الواضحة على وجوده ووحدته وقدرته وعلمه وحكمته نتلوها عليك اى بتلاوة النظم الدال عليها { فبأى حديث } من الاحاديث وخبر من الاخبار { بعد الله وآياته } اى بعد آيات الله وتقديم الاسم الجليل لتعظيمه كما فى قولهم اعجبنى زيد وكرمه يريدون اعجبنى كرم زيد ونظيره قوله تعالى { { واعلموا انما غنمتم من شئ فان لله خمسه } فان اسم الله هنا ايضا مذكور بطريق التعظيم كما سبق فقول ابى حيان فيه اقحام الاسماء من غير ضرورة غير مفيد او بعد حديث الله الذى هو القرءآن حسبما نطق به قول تعالى { { الله نزل احسن الحديث } وهو المراد بآياته ايضا ومناط العطف التغاير العنوانى { يؤمنون } يعنى ان القرءآن من بين الكتب السماوية معجزة باهرة فحيث لم يؤمنوا به فبأى كتاب بعده يؤمنون اى لا يؤمنون بكتاب سواه وقيل معناه القرءآن آخر كتب الله محمد آخر رسله فان لم يؤمنوا به فبأى كتاب يؤمنون ولا كتاب بعده ولا نبى وفى الآية اشارة الى ان الايمان لا يمكن حصوله فى القلب الا بالله وكتابته فى القلوب وباراءته المؤمنين آياته والا فلا يحصل بالدلائل المنطقية ولا بالبراهين العقلية قال الامام الرازى لحضرة الشيخ نجم الدين قدس سره بم عرفت ربك قال بواردات ترد على القلوب فتعجز النفوس عن تكذيبها وروى ابن عباس رضى الله عنهما ان النبى عليه السلام قال "من أعجب الخلق ايمانا قالوا الملائكة قال عليه السلام وكيف لا تؤمن الملائكة وهم يعاينون الامر قالوا فالنبيون قال عليه السلام وكيف لا يؤمن النبيون والروح ينزل عليهم بالامر من السماء قالوا فأصحابك قال عليه السلام وكيف لا يؤمن اصحابى وهم يرون ما يرون ولكن اعجب الناس ايمانا قوم يجيئون بعدى يؤمنون بى ولم يرونى ويصدقوننى ولم يرونى فاولئك اخوانى" وفى الحديث اشارة الى ان الايمان المبنى على الشواهد القلبية اعلى من الايمان المبنى على الدلائل الخارجية وفى الكل فضل بحسب مقامه فأهل الايمان والتوحيد مطلقا مغفور لهم وعن ابى ذر رضى الله عنه عن النبى عليه السلام انه قال "يا ابا ذر جدد ايمانك بكرة وعشيا فان سريعا يندرس الاسلام حتى لا يدرى احد ما الصلاة وما الصيام وان واحدا منهم يقول ان من كان قبلنا يقولون لا اله الا الله ويدخلون هذه البيوت (اى المساجد) قيل يا رسول الله اذا لم يصلوا ولم يصوموا فما يغنى عنهم قولهم لا اله الا الله قال عليه السلام بهذه الكلمة ينجون من نار جهنم" وعن حذيفة رضى الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "مات رجل من بنى اسرائيل من قوم موسى عليه السلام فاذا كان يوم القيامة يقول الله لملائكته انظروا هل تجدون لعبدى من حسنة يفوز بها اليوم فيقولون انا لا نجد سوى ان نقش خاتمه لا اله الا الله فيقول الله تعالى ادخلوا عبدى الجنة فقد غفرت له"