خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ مَكَّنَاهُمْ فِيمَآ إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً فَمَآ أَغْنَىٰ عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلاَ أَبْصَارُهُمْ وَلاَ أَفْئِدَتُهُمْ مِّن شَيْءٍ إِذْ كَانُواْ يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَحَاقَ بِهم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ
٢٦
-الأحقاف

روح البيان في تفسير القرآن

{ ولقد مكناهم } لتمكين دست دادن و جاى دادن.
والمعنى اقدرنا عادا وملكناهم وبالفارسية ايشان را قدرت وقوت داديم { فيما } اى فى الذى { ان } نافية اى ما { مكناكم } اى يا أهل مكة { فيه } من السعة والبسطة وطول الاعمار وسائر مبادى التصرفات ومما يحسن موقع ان دون ما ههنا التفصى عن تكرار لفظة ما وهو الداعى الى قلب الفها هاه فى مهما وجعلها زآئدة او شرطة على ان يكون الجواب كان بغيكم اكثر مما لا يليق بالمقام { وجعلنا لهم سمعا وابصارا وافئدة } ليستعملوها فيما خلقت له ويعرفوا بكل منها ما نيطت به معرفته من فنون النعم ويستدلوا بها على شؤون منعمها عز وجل ويدوموا على شكرها ولعل توحيد السمع لانه لا يدرك به الا الصوت وما يتبعه بخلاف البصر حيث يدرك به اشياء كثيرة بعضها بالذات وبعضها بالواسطة والفؤآد يعم ادراك كل شئ والفؤاد من القلب كالقلب من الصدر سمى به لتفؤده اى لتوقده تحرقه { فما } نافية { اغنى عنهم سمعهم } حيث لم يستعملوه فى استماع الوحى ومواعظ الرسل يقال اغنى عنه كذا اذأ كفاه قال فى تاج المصادر الاغناء بى نياز كردانيدن وواداشتن كسى را ازكسى { ولا ابصارهم } حيث لم يجتلوا بها الايات التكوينية المنصوية فى صحائف العالم { ولا افئدتهم } حيث لم يستعملوها فى معرفة الله سبحانه { من شئ } اى شيئا من الاغناء ومن مزيدة للتأكيد (قال الكاشفى) همين كه عذاب فرود آيد بش دفع نكرد از ايشان كوش و ديدها و دلهاى ايشان جيزبرا ازعذاب خداى { اذ كانوا } ازروى تقليد وتعصب { يجحدون بآيات الله } قوله اذ متعلق بما اغنى وهو ظرف جرى مجرى التعليل من حيث ان الحكم مرتب على ما اضيف اليه فان قولك اكرمته اذا كرمنى فى قوة قولك اكرمته لاكرامه لانك اذا اكرمته وقت اكرامه فانما اكرمته فيه لوجودا كرامه فيه وكذا الحال فى حيث { وحاق بهم } نزل واحاط { ما كانوا به يستهزئون } من العذاب الذى كانوا يستعجلونه بطريق الاستهزآء فيقولون فائتنا بما تعدنا ان كنت من الصادقين وفى الآية تخويف لاهل مكة ليعتبروا (وفى المثنوى) بس سباس اوراكه مارا درجهان كرد بيدازابس بيشينيان تاشنيديم ازسياستهاى حق برقرون ماضيه اندرسبق استخوان وبشم آن كركان عيان بنكريد وبند كيريد اى مهان عاقل ازسر بنهد اين هستى وباد جون شنيد انجام فرعونان وعاد ورنه بنهد ديكران از حال او عبرتى كيرند از اضلال او.
وفى الآية اشارة الى ان هذه الآلات التى هى السمع والبصر والفؤاد أسباب تحصيل التوحيد وبدأ بالسمع لان جميع التكليف الوارد على القلب انما يوجد من قبل السمع وثنى بالبصر لانه أعظم شاهد بتصديق المسموع منه وبه حصول ما به التفكر والاعتبار غالبا تنبيها على عظمة ذلك وان كان المبصر هو القلب ثم رجع الى الفؤاد الذى هو العمدة فى ذلك فتقديمها على جهة التعظيم له كما يقال الجناب والمجلس وهما المبلغان اليه وعنه وانما شاركه هذان فى الذكر تنبيها على عظم مشاركتهما اياه فى الوزارة ولولاهما لما امكن ان يبلغ قلب فى القالب قلبا فى هذا العالم ما يريد ابلاغه اليه فالسمع والبصر مع الفؤاد فى عالم التكليف كالجسد والنفس مع الروح فى عالم الخلافة ولا يتم لاحدهما ذلك الا بالآخرين والا نقص بقدره والمراد فى جميع التكليف سلامة القلب والخطاب اليه من جهة كل عضو فعلى العاقل سماع الحق والتخلق بما يسمع والمبادرة الى الانقياد للتكليفات فى جميع الاعضاء وفعل ما قدر عليه من المندوبات واجتناب ما سمع من المنهى عنه من المحرمات والتعفف عن المكروهات وترك فضلات المباحات فان الاشتغال بفضول المباحات يحرم العبد من لذة المناجاة وفكر القلب فى المباحات يحدث له ظلمة فكيف تدبير الحرام اذا غير المسك الماء منع الوضوء منه فكيف ولوغ الكلب وكل عضو يسأل عنه يوم القيامة فليحاسب العبد نفسه قبل وقت المحاسبة
"وروى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا الى القصاص من نفسه فى خدش خدشه اعرابيا لم يتعمده فاتى جبرآئيل فقال يا محمد ان الله لم يبعثك جبارا ولا متكبرا فدعا النبى عليه السلام الاعرابى فقال اقتص منى فقال الاعرابى قد احللتك بابى انت وامى وما كنت لأفعل ذلك ابدا ولو أتيت على نفسى فدعا له بخير" فكما يجب ترك الظلم باليد ونحوها فكذا ترك معاونة الظلمة.
وطلب بعض الامرآء من بعض العلماء المحبوسين عنده ان يناوله طينا ليختم به الكتاب فقال ناولنى الكتاب اولا حتى انظر ما فيه فهكذا كانو يحترزون عن معاونة الظلمة فمن اقر بآيات الله الناطقة بالحلال والحرام كيف يجترئ على ترك العمل فيكون من المستهزئين بها فالتوحيد والاقرار اصل الاصول ولكن قال تعالى
{ { اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه } ولا كلام فى شرف العلم والعمل خصوصا الذكر قال موسى عليه السلام يا رب اقريب أنت فأناجيك ام بعيد فاناديك فقال انا جليس من ذكرنى قال فانا نكون على حال نجلك ان نذكرك عليها كالجنابة والغائط فقال اذكرنى على اى حال قال الحسن البصرى اذا عطس على قضاء الحاجة يحمد الله فى نفسه كما فى احياء العلوم