خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

سَيَقُولُ ٱلْمُخَلَّفُونَ إِذَا ٱنطَلَقْتُمْ إِلَىٰ مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُواْ كَلاَمَ ٱللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَٰلِكُمْ قَالَ ٱللَّهُ مِن قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُواْ لاَ يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلاً
١٥
-الفتح

روح البيان في تفسير القرآن

{ سيقول المخلفون } المذكورون { اذا انطلقتم الى مغانم لتأخذوها } ظرف لما قبله لا شرط لما بعده وانطلقتم اى ذهبتم يقال انطلق فلان اذا مر متخلفا واصل الطلاق التخلية من وثاق كما يقال حبس طلقا ويضم اى بلا قيد ولا وثاق والمغانم جمع مغنم بمعنى الغنيمة اى الفيء اى سيقولون عند انطلاقكم الى مغانم خيبر لتحوزوها حسبما وعدكم اياها وخصكم بها عوضا عما فاتكم من غنائم مكة اذ انصرفوا منها على صلح ولم يصيبوا منها شيأ فالسين يدل على القرب وخيبرا قرب مغانم انطلقوا اليها فهى هى فان قيل كيف يصح هذا الكلام وقد ثبت انه عليه السلام أعطى من قدم مع جعفر رضى الله عنه من مهاجرى الحبشة وكذا الدوسيين والاشعريين ولم يكونوا ممن حضر الحديبية قلنا كان ذلك باستنزال اهل الحديبية عن شئ من حقهم ولولا ان بعض خيبر كانت صلحا لما قال موسى بن عقبة ومن تبعه ما قالوا وكان ما أعطاهم من ذلك كما فى حواشى سعدى المفتى { ذرونا } بكذاريد مارا. امر من يذر ا لشئ اى يتركه ويقذفه لقلة اعتداده به ولم يستعمل ماضيه { نتبعكم } الى خيبر ونشهد معكم قتال اهلها { يريدون ان يبدلوا كلام الله } بأن يشاركوا فى المغانم التى خصها بأهل الحديبية فانه عليه السلام رجع من الحديبية فى ذى الحجة من سنة ست واقام بالمدينة بقيتها واوآئل المحرم من سنة سبع ثم غزا خيبر بمن شهد الحديبية ففتحها وغنم اموالا كثيرة فخصها بهم حسبما امره الله تعالى فالمراد بكلام الله ما ذكر من وعده تعالى غنائم خيبر لاهل الحديبية خاصة لا قوله تعالى { لن تخرجوا معى ابدا } فان ذلك فى غزوة تبوك { قل } اقنا طالهم { لن تتبعونا } اى لا تتبعونا فانه نفى فى معنى النهى للمبالغة وقال سعدى المفتى لن ليس للتأييد سيما اذا اريد النهى والمراد لن تتبعونا فى خيبر أو ديمومتهم على مرض القلوب وقال ابو الليث لن تتبعونا فى المسير الى خيبر الا متطوعين من غير ان يكون لكم شركة فى الغنيمة { كذلكم قال الله } همجنين كفته است خداى تعالى { من قبل } اى عند الانصراف من الحديبية { فسيقولون } للمؤمنين عند سماع هذا النهى { بل تحسدوننا } اى ليس ذلك النهى حكم الله بل تحسدوننا أن نشارككم فى الغنائم الحسد تمنى زوال النعمة عمن يستحق لها وربما يكون من ذلك سعى فى ازالتها وروى المؤمن يغبط والمنافق يحسد وقال بعض الكبار لا يكون الحسد على المرتبة الا بين الجنس الواحد لا بين الجنسين ولذلك كان اول ابتلاء ابتلى الله به عباده بعثة الرسل اليهم منهم لا من غيرهم لتقوم الحجة على من جحد قال تعالى { ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا } يعنى لو كان الرسول الى البشر ملكا لنزل فى صورة رجل حتى لا يعرفوا انه ملك لانهم لو رأوه ملكا لم يقم بهم حسد { بل كانوا لا يفقهوه } اى لا يفهمون قال الراغب الفقه هو التوصل الى علم غائب بعلم شاهد فهو أخص من العلم والفقه العلم باحكام الشريعة وفقه اى فهم فقها { الا قليلا } اى الا فهما قليلا وهم فطنتهم لامور الدنيا وهو وصف الهم بالجهل المفرط وسوء الفهم فى امور الدين وعن على رضى الله عنه اقل الناس قيمة اقلهم علما. واعلم ان العلم انما يزداد بصحبة اهله ولما تخلف المنافقون عن صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفهم الله بعدم الفقه فلا بد من مجالسة العلماء العاملين حتى تكون الدنيا ورآء الظهر ويجعل الرغبة فى الآخرة وقد قال عليه السلام "اطلبوا العلم ولو بالصين" فكلما بعد المنزلة كثر الخطى وعن بعضهم قال رأيت فى الطواف كهلا قد أجهدته العبادة وبيده عصا وهو يطوف معتمدا عليها فسألته عن بلده فقال خراسان ثم قال فى فى كم تقطعون هذا الطريق قلت فى شهرين او ثلاثة فقال افلا تحجون كل عام فقلت له وكم بينكم وبين هذا البيت قال مسيرة خمس سنين قلت هذا والله هو الفضل المبين والمحبة الصادقة فضحك وانشأ يقول

زرمن هويت وان شطت بك الدار وخال من دونه حجب واستار
لايمنعنك بعد عن زيارته ان المحب لمن يهواه زوار

وفى الآية اشارة الى ان الدنيا من مظان الحسد وهو من رذآئل النفس وفى الحديث "ولا تحاسدوا" اى على نعم الله تعالى مالا او علما او غير ذلك الا أن يقع الغبطة على المال المبذول فى سبيل الله والعلم المعمول به المنشور "ولا تناجشوا" النجش هو أن تزيد فى ثمن سلعة ولا رغبة لك فى شرآئها وقيل هو تحريض الغير على شر "ولاتباغضوا" الا ان يكون البغض فى الله قال الشيخ الكلاباذى معنى لاتباغضوا لاتختلفوا فى الآهواء والمذاهب لان البدعة فى الدين والضلال عن الطريق يوجب البغض عليه "ولا تدابروا" اى لاتقاطعوا فان التدابر التقاطع وان يولى الرجل صاحبه دبره فيعرض عنه كما فى الفائق او لاتغتابوا وصفة الاخرة التقابل كما قال تعالى { اخوانا على سرر متقابلين } وكما قال عليه السلام "وكونوا عباد الله اخوانا" قال الحافظ هيج رحمى نه برادر ببرا در دارد. هيج شوقى نه بدر رابه بسرمى بينم. دخترا انراهمه جنكست وجدل بامادر. بسرا تراهمه بدخواه بدر مى بينم. نسأل الله السلامة والعافية