خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لَّقَدْ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ ٱلشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً
١٨
-الفتح

روح البيان في تفسير القرآن

{ لقد رضى الله عن المؤمنين } رضى العبد عن الله ان لا يكره ما يجرى به قضاؤه ورضى الله عن العبد هو أن يراه مؤتمرا لامره منتهيا عن نهيه وهم الذين ذكر شأن مبايعتهم وكانوا ألفا وأربعمائة على الصحيح وقيل ألفا وخمسمائة وخمسة وعشرين وبهذه الآية سميت بيعة الرضوان وقال بعض الكبار سميت بيعة الرضوان لان الرضى فناء الارادة فى ارادته تعالى وهو كمال فناء الصفات وذلك ان الذات العلية محتجبة بالصفات والصفات بالافعال والافعال بالاكوان والآثار فمن تجلت عليه الافعال بارتفاع حجب الاكوان توكل ومن تجلت عليه الصفات بارتفاع حجب الافعال رضى وسلم ومن تجلت عليه الذات بانكشاف حجب الصفات فنى فى الواحدة فصار موحدا مطلقا فاعلا ما فعل وقارئا ما قرأ ما دام هذا شهوده فتوحيد الافعال مقدم على توحيد الصفات وتوحيد الصفات مقدم على توحيد الذات والى هذه المراتب الثلاث اشار صلى الله عليه وسلم بقوله فى سجوده "واعوذ بعفوك من عقابك واعوذ برضاك من سخطك واعوذ بك منك" فاعلم ذلك فانه من لباب المعرفة { اذ يبايعونك تحت الشجرة } منصوب برضى وصيغة المضارع لاستحضار صورتها وتحت الشجرة متعلق به والشجر من النبت ماله ساق والمراد بالشجرة هنا سمرة اى ام غيلان وهى كثيرة فى بوادى الحجاز وقيل سدرة وكان مبايعتهم على أن يقاتلوا قريشا ولا يفروا وروى على الموت دونه قال ابو عيسى معنى الحديثين صحيح فبايعه جماعة على الموت اى لانزال نقاتلهم بين يديك مالم تقتل وبايعه آخرون وقالوا لا نفر، يقول الفقير عدم الفرار لا يستلزم الموت فلا تعارض وآن اصحاب را اصحاب الشجرة كويند وكان علامة اصحاب رسول الله معه فى الغزاة ان يقول يا اصحاب الشجرة يا اصحاب سورة البقرة وآن ساعت كه دست عهد بيعت كرفتند بارسول فرمان آمد از حق تعالى تادر هاى آسمان بكشادند وفرشتكان از ذروة فلك نظاه كردند واز حق فرمان آمد بطريق مباهات كه اى مقربان افلاك نظر كنيد بآن كروهكه از بهر اعزاز دين اسلام واعلاى كلمة حق ميكوشند جان بذل كرده وتن سبيل ودل فدا ودر وقت قتال روى نشانة نيزه كرده وسينه سبر سامنه

شراب ازخون وجام ازكاسة سر بجاى بانك رود آوازاسبان
بجاى دستة كل دشنه وتيغ بجاى قرطه برتن درع وخفتان

كواه باشيد اى مقربان كه من از ايشان خشنودم ودر قيامت هريكى را ازايشان در امت محمد جندان شفاعت دهم كه ازمن خشنود كردند وازين عهدتا آخر دور هرمؤمنى كه آن بيعت بشنود وبدل بامر ايشان درقبول آن بيعت موافق بود من آن مؤمن راهمان خلعت دهم كه اين مؤمنا نرا دادم، وعند تلك المبايعة قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم "انتم اليوم خير اهل الارض" واستدل بهذا الحديث على عدم حياة الخضر عليه السلام حينئذ لانه يلزم ان يكون غير النبى افضل منه وقد قامت الادلة الواضحة على ثبوت نبوته كما قال الحافظ ابن حجررحمه الله ، يقول الفقير نبوة الخضر منقضية كنبوة عيسى عليهما السلام فعلى تقدير حياته يكون من اتباعه عليه السلام وامته كما قال عليه السلام "لو كان اخى موسى حيا لما وسعه الا اتباعى" وثبت ان عيسى من اصحابه عليه السلام وعند نزوله فى آخر الزمان يكون من امته فان قلت بحضور الخضر بين الاصحاب فى تلك المبايعة وان لم يعرفه احد فالا امر ظاهر وان قلت بعدم الحضور فلا يلزم رجحان الاصحاب عليه من كل وجه اذ بعض من هو فاضل مفضول من وجه قال فى انسان العيون صارت تلك الشجرة التى وقعت عندها البيعة يقال لها شجرة الرضوان وبلغ عمر بن الخطاب رضى الله عنه فى زمان خلافته ان ناسا يصلون عندها فتوعدهم وامر بها فقطعت خوف ظهور البدعة انتهى وروى الامام النسفىرحمه الله فى التيسير انها عميت عليهم من قابل فلم يدروا اين ذهبت. يقول الفقير يمكن التوفيق بين الروايتين بأنهم لما عميت عليهم ذهبوا يصلون تحت شجرة على ظن انها هى شجرة البيعة فامر عمر رضى الله عنه بقطعها وفى كشف النور لابن النابلسى اما قول بعض المغرورين باننا نخاف على العوام اذا اعتقد واوليا من الاولياء وعظموا قبره والتمسوا البركة والمعونة منه ان يدركهم اعتقاد أن الاولياء تؤثر فى الوجود مع الله فيكفرون ويشركون بالله تعالى فنهاهم عن ذلك ونهدم قبور الاولياء ونرفع البنايات الموضوعة عليها ونزيل الستور عنها ونجعل الاهانة للاولياء ظاهرا حتى تعلم العوام الجاهلون ان هؤلاء الاولياء لو كانوا مؤثرين فى الوجود مع الله تعالى لدفعوا عن انفسهم هذه الاهانة التى نفعلها معهم فاعلم ان هذا الصنيع كفر صراح مأخوذ من قول فرعون على ما حكاه الله تعالى لنا فى كتابه القديم وقال فرعون ذرونى اقتل موسى وليدع ربه انى اخاف ان يبدل دينكم او ان يظهر فى الارض الفساد وكيف يجوز هذا الصنيع من اجل الامر الموهوم وهو خوف الضلال على العامة انتهى.
يقول الفقير والتوفيق بين هذا وبين ما فعله عمر رضى الله عنه ان الذى يصح هو اتباع الظن لا الوهم { فعلم ما فى قلوبهم } عطف على يبايعونك لما عرفت من انه بمعنى بايعوك لا على رضى فان رضاه تعالى عنهم مترتب على علمه تعالى بما فى قلوبهم من الصدق والاخلاص عند مبايعتهم له عليه السلام قال بعضهم ان من الفرق بين علم الحق وعلم عبيده ان علمهم لم يكن لهم الا بعد ظهورهم وحصول صورتهم واما علم الحق تعالى فكان قبل وجود الخلق وبعدهم فليس علمه تعالى بعناية من غيره بخلاف العبد { فأنزل السكينة عليهم } عطف على رضى اى فأنزل عليهم الطمأنينة وسكون النفس بالربط على قلوبهم وقيل بالصلح قال البقلى فى عرآئسه رضى الله عنهم فى الازل وسابق علم القدم ويبقى رضاه الى الابد لان رضاه صفته الازلية الباقية الابدية لا تتغير بتغير الحدثان ولا بالوقت والزمان ولا بالطاعة والعصيان فاذاهم فى اصطفائيته باقون الى الابد لا يسقطون من درجاتهم بالزلات ولا بالشرية والشهوات لان اهل الرضى محروسون برعايته لا يجرى عليهم نعوت اهل البعد وصاروا متصفين بوصف رضاه فرضوا عنه كما رضى عنهم وهذا بعد قذف انوار الانس فى قلوبهم بقوله { فأنزل السكينة عليهم } قال ابن عطاء رضى الله عنهم فارضاهم واوصلهم الى مقام الرضى و اليقين والاطمئنان فأنزل سكينته عليهم لتسكن قلوبهم اليه { واثابهم } وباداش داد ايشانرا فان الاثابة بالفارسية باداش دادن. و الثواب ما يرجع الى الانسان من جزآء عمل يستعمل فى الخير والشر لكن الاكثر المتعارف فى الخير والاثابة تستعمل فى المحبوب وقد قيل ذلك فى المكروه نحو فأثابكم غما بغم على الاستعارة { فتحا قريبا } وهو فتح خيبر غب انصرا فهم من الحديبية