خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

هُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّوكُمْ عَنِ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَٱلْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَآءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِّنْهُمْ مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِّيُدْخِلَ ٱللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ لَوْ تَزَيَّلُواْ لَعَذَّبْنَا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً
٢٥
-الفتح

روح البيان في تفسير القرآن

{ هم } اى قريش { الذين كفرو وصدوكم عن المسجد الحرام } اى منعوكم عن ان تطوفوا به { والهدى } اى وصدوا الهدى وهو بالنصب عطف على الضمير المنصوب فى صدوكم والهدى بسكون الدال جمع هدية كتمر وتمرة وجدى وجدية وهو مختص بما يهدى الى البيت تقربا الى الله تعالى من النعم ايسره شاة واوسطه بقرة واعلاه بدنة يقال اهديت له واهديت اليه ويجوز تشديد الياء فيكون جمع { معكوفا } حال من الهدى اى محبوسا يقال عكفته عن كذا اذا حبسته ومنه العااكف فى المسجد لانه حبس نفسه { ان يبلغ محله } بدل اشتمال من الهدى او منصوب بنزع الخافض اى محبوسا من ان يبلغ مكانه الذى يحل فيه نحره اى يجب فالمحل اسم للمكان الذى ينحر فيه الهدى فهو من الحلول لا من الحل الذى هو ضد الحرمة قال فى المفردات حل الدين حلولا وجب ادآؤه وحللت نزلت من حل الاحمال عندالنزول ثم جرد استعماله للنزول والمحلة مكان النزول انتهى وبه استدل ابو حنيفة على ان المحصر محل هديه الحرم فان بعض الحديبية كان من الحرم قال فى بحر العلوم الحديبية طرف الحرم على تسعة اميال من مكة وروى ان خيامه عليه السلام كانت فى الحل ومصلاه فى الحرم وهناك نحرت هداياه عليه السلام وهى سبعون بدنة والمراد صدها عن محلها المعهود الذى هو منى للحاج وعند الصفا للمعتمر وعند الشافعى لا يختص دم الاحصار بالحرم فيجوز أن يذبح فى الموضع الذى احصر فيه. بين تعالى استحقاق كفار مكة للعقوبة بثلاثة اشياء كفرهم فى انفسهم وصد المؤمنين عن اتمام عمرتهم وصد هديهم عن بلوغ المحل فهم مع هذه الافعال القبيحة كانوا يستحقون أن يقاتلوا او يقتلوا الا انه تعالى كف ايدى كل فريق عن صاحبه محافظة على ما فى مكة من المؤمنين المستضعفين ليخرجوا منها او يدخلوها على وجه لا يكون فيه ايذآء من فيها من المؤمنين والمؤمنات كما قال تعالى { ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم } لم تعرفوهم بأعيانهم لاختلاطهم وهو صفة الرجال ونساء جميعا وكانوا بمكة وهم أثنان وسبعون نفسا يكتمون ايمانهم { أن تطأوهم } بدل اشتمال منهم او من الضمير المنصوب فى تعلموهم اى توقعوا بهم وتهلكوهم فان الوطأ عبارة عن الايقاع والاهلاك والابادة على طريق ذكر الملزوم وارادة اللازم لان الوطأ تحت الاقدام مستلزم للاهلاك ومنه قوله عليه السلام "اللهم اشدد وطأتك على مضر" اى خذهم اخذا شديدا او فى المفردات اى ذللهم ووطئ امرأته كناية عن المجامعة صار كالتصريح للعرف { فتصيبكم منهم } اى من جهتهم معطوف على قوله { ان تطأوهم } { معرة } مفعلة من عره اذا عراه ودهاه بما يكرهه ويشق عليه وفى المفردات العر الجرب الذى يعر البدن اى يعترضه ومنه قيل للمضرة معرة تشبيها بالعر الذى هو الجرب والمعنى مشقة ومكروه كوجوب الدية او الكفارة بقتلهم والتأسف عليهم وتعيير الكفار وسوء حالتهم والاثم بالتقصير فى البحث عنهم قال سعدى المفتى قلت فى المذهب الحنفى لا يلزم بقتل مثله شئ من الدية والكفارة وما ذكره الزمخشرى لا يوافق مذهبه انتهى وقال بعضهم اوجب الله على قاتل المؤمن فى دار الحرب اذا لم يعلم ايمانه الكفارة فقال تعالى { فان كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة } { بغير علم } متعلق بأن تطأوهم اى غير عالمين بهم فيصيبكم بذلك مكروه لما كف ايديكم عنهم وفى هذا الحذف دليل على شدة غضب الله تعالى على كفار مكة كأنه قيل لولا حق المؤمنين موجود لفعل بهم ما لا يدخل تحت الوصف والقياس بناء على ان الحذف للتعميم والمبالغة { ليدخل الله فى رحمته } متعلق بما يدل عليه الجواب المحذوف كأنه قيل عقيبه لكن كفها عنهم ليدخل بذلك الكف المؤدى الى الفتح بلا محذور فى رحمته الواسعة بقسميها { من يشاء } وهم المؤمنون فانهم كانوا خارجين من الرحمة الدنيوية التى من جملتها الأمن مستضعفين تحت ايدى الكفرة واما الرحمة الاخروية فهم وان كانوا غير محرومين منها بالكلية لكنهم كانوا قاصرين فى اقامة مراسم العبادة كما ينبغى فتوفيقهم لاقامتها على الوجه الاتم ادخال لهم فى الرحمة الاخروية { لو تزيلوا } الضمير للفريقين اى لو تفرقوا وتميز بعضهم من بعض من زاله يزيله فرقه وزيلته فتزيل اى فرقته فتفرق { لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا اليما } بقتل مقاتليهم وسبى ذراريهم والجملة مستأنفة مقررة لما قبلها وفى الآية اشارتان احداهما ان من خاصية النفس أن تصد وجه الطالب عن الله تعالى وتشوب الخيرات والصدقات التى يتقرب بها الى الله بالرياء والسمعة والعجب لئلا تبلغ محل الصدق والاخلاص والقبول والثانية ان استبقاء النفوس لاستخلاص الارواح وقواها مع ان بعض صفات النفس قابلة للفيض الالهى فيلزم الحذر من افساد استعدادها لقبول الفيض وعند التزكية فصفة لا يصلح الا قلعها كالكبر والشره والحسد والحقد وصفة تصلح للتبديل كالبخل بالسخاوة والحرص بالقناعة والغضب بالحلم والجبانة بالشجاعة والشهوة بالمحبة قال البقلى انظر كيف شفقة الله على المؤمنين الذين يراقبون الله فى السرآء والضرآء ويرضون ببلائه كيف حرسهم من الخطرات وكيف اخفاهم بسره عن صدمات قهره وكيف جعلهم فى كنفه حتى لا يطلع عليهم احد وكيف يدفع ببركتهم البلاء عن غيرهم فعلى المؤمن مراعاتهم فى جميع الزمان والتوسل بهم الى الله المنان فانهم وسائل الله الخفية

بخود سرفرو برده همجون صدف نه ما نند در يا بر آورده كف