خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

هُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً
٢٨
مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِّنْ أَثَرِ ٱلسُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي ٱلإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَٱسْتَغْلَظَ فَٱسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ ٱلزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ ٱلْكُفَّارَ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً
٢٩
-الفتح

روح البيان في تفسير القرآن

{ هو } اى الله تعالى وحده { الذى ارسل رسوله } يعنى ان الله تعالى بجلال ذاته وعلو شأنه اختص بارسال رسوله الذى لا رسول احق منه باضافته اليه { بالهدى } اى كونه ملتبسا بالتوحيد وهو شهادة ان لا اله الا الله فيكون الجار متعلقا بمحذوف او بسببه ولاجله فيكون متعلقا بأرسل { ودين الحق } اى وبدين الاسلام وهو من قبيل اضافة الموصوف الى صفته مثل عذاب الحريق والاصل الدين الحق والعذاب المحرق ومعنى الحق الثابت الذى هو ناسخ الاديان ومبطلها { ليظهره على الدين كله } اللام فى الدين للجنس اى ليعلى الدين الحق ويغلبه على جنس بجميع افراده التى هى الاديان المختلفة بنسخ ما كان حقا من بعض الاحكام المتبدلة بتبدل الاعصار واظهار بطلان ما كان باطلا او بتسليط المسلمين على اهل سائر الاديان ولقد انجز الله وعده حيث جعله بحيث لم يبق دين من الاديان الا وهو مغلوب مقهور بدين الاسلام ولا يبقى الا مسلم او ذمة للمسلمين وكم ترى من فتوح اكثر البلاد وقهر الملوك الشداد ما تعرف به قدرة الله تعالى وفى الآية فضل تأكيد لما وعد من الفتح وتوطين لنفوس المؤمنين على انه سيفتح لهم من البلاد ويعطيهم من الغلبة على الاقاليم ما يستقلون اليه فتح مكة وقد انجز كما اشير اليه آنفا. واعلم ان قوله ليظهره اثبات السبب الموجب للارسال فهذه اللام لام الحكمة والسبب شرعا ولام العلة عقلا لان افعال الله تعالى ليست بمعللة بالاغراض عند الاشاعرة لكنها مستتبعة لغايات جليلة فنزل ترتب الغاية على ما هى ثمرة له منزلة ترتب الغرض على ما غرض له { وكفى بالله } اى الذين له الاحاطة بجميع صفات الكمال { شهيدا } على ان ما وعده كائن لا محالة او على نبوته عليه السلام باظهار المعجزات وان لم يشهد الكفار وعن ابن عباس رضى الله عنهما شهد له بالرسالة وهو قوله { محمد رسول الله } فمحمد مبتدأ ورسول الله خبره وهو وقف تام والجملة مبينة للمشهود به وقيل محمد خبر مبتدأ محذوف وقوله رسول الله بدل او بيان او نعت اى ذلك الرسول المرسل بالهدى ودين الحق محمد رسول الله قال فى تلقيح الاذهان اعلم الله سبحانه محمدا عليه السلام انه خلق الموجودات كلها من اجله اى من اجل ظهوره اى من اجل تجليه به حتى قال "ليس شئ بين السماء والارض الا يعلم انى رسول الله غير بنيى الانس والجن" وقال الشيخ الشهير بافتاده قدس سره لما تجلى الله وجد جميع الارواح فوجد اولا روح نبينا صلى الله عليه وسلم ثم سائر الارواح فلقن التوحيد فقال لا اله الا الله فكرمه الله بقوله محمد رسول الله فأعطى الرسالة فى ذلك الوقت ولذا قال عليه السلام "كنت نبيا وآدم بين الماء والطين" انتهى ومعنى الحديث انه كان نبيا بالفعل عالما بنبوته وغيره من الانبياء ما كان نبيا بالفعل ولا عالما بنبوته الا حين بعث بعد وجوده ببدنه العنصرى واستكمال شرائط النبوة فكل من بدا بعد وجود المصطفى عليه السلام فهم نوابه وخلفاؤه مقدمين كالانبياء والرسل او مؤخرين كاولياء الله الكمل قال عليه السلام "انا من نور الله والمؤمنون من فيض نورى" فهو الجنس العالى والمقدم وماعداه التالى والمؤخر كما قال "كنت اولهم خلقا وآخرهم بعثا" " فرسول الله هو الذى لايساويه رسول الى جميع الخلق من ادرك زمانه بالفعل فى الدنيا ومن تقدمه بالقوة فيها وبالفعل بالآخرة يوم يكون الكل تحت لوآئه وقد اخذ على الانبياء كلهم المثاق بأن يؤمنوا به ان ادركوه واخذه الانبياء على اممهم وفى الحديث انا محمد واحمد ومعنى محمد كثير الحمد فان اهل السماء والارض حمدوه ومعنى احمد اعظم حمدا من غيره لانه حمد الله بمحامد لم يحمد بها غيره كما فى شرح المشارق لابن الملك (قال الجامى)

محمدت جون بلا نهاية زحق يافث شد تام آوازان مشتق

واسمه فى العرش ابو القاسم وفى السموات احمد وفى الارض محمد قال على رضى الله عنه ما اجتمع قوم فى مشورة فلم يدخلوا فيها من اسمه محمد الالم يبارك لهم فيها واشار الف احمد الى كونه فاتحا ومقدما لان مخرجه مبدأ المخارج واشارميم محمد الى كونه خاتما ومؤخرا لان مخرجها ختام المخارج كما قال "نحن الآخرون السابقون" واشار الميم ايضا الى بعثته عند الاربعين قول بعضهم اكرم الله من الصبيان اربعة بأربعة اشياء يوسف عليه السلام بالوحى فى الجب ويحيى عليه السلام بالحكمة فى الصباوة وعيسى عليه السلام بالنطق فى المهد وسليمان عليه السلام بالفهم واما نبينا عليه السلام فله الفضيلة العظمى والآية الكبرى حيث ان الله اكرمه بالسجدة عند الولادة والشهادة بأنه رسول الله وكل قول يقبل الاختلاف بين المسلمين الا قول لا اله الا الله محمد رسول الله فانه غير قابل للاختلاف فمعناه متحقق وان لم يتكلم به احد وكذا اكرمه بشرح الصدر وختم النبوة وخدمة الملائكة والحور عند ولادته واكرمه بالنبوة فى عالم الارواح قبل الولادة وكفاه بذلك اختصاصا وتفصيلا فلا بد للمؤمن من تعظيم شرعه واحياء سنته والتقرب اليه بالصلوات وسائر القربات لينال عند الله الدرجات وكانت رابعة العدوية رحمها الله تصلى فى اليوم والليلة الف ركعة وتقول ما اريد بها ثوابا ولكن ليسر بها رسول الله عليه السلام ويقول للأنبياء "انظروا الى امرأة من امتى هذا عملها فى اليوم والليلة" ومن تعظيمه عمل المولد اذا لم يكن فيه منكر قال الامام السيوطى قدس سره يستحب لنا اظهار الشكر لمولده عليه السلام انتهى.
وقد اجتمع عند الامام تقى الدين السبكىرحمه الله جمع كثير من علماء عصره فأنشد منشد قول الصرصرىرحمه الله فى مدحه عليه السلام

قليل لمدح المصطفى الخط بالذهب على ورق من خط احسن من كتب
وان تنهض الاشراف عند سماعه قياما صفوفا او جثيا على الركب

فعند ذلك قام الامام المبكى وجميع من بالمجلس فحصل انس عظيم بذلك المجلس ويكفى ذلك فى الاقتداء وقد قال ابن حجر الهيثمى ان البدعة الحسنة متفق على ندبها وعمل المولد واجتماع الناس له كذلك اى بدعة حسنة قال السخاوى لم يفعله احد من القرون الثلاثة وانما حدث بعد ثم لا زال اهل الاسلام من سائر الاقطار والمدن الكبار يعملون المولد ويتصدقون فى لياليه بانواع الصدقات ويعتنون بقرآءة مولده الكريم ويظهر من بركاته عليهم كل فضل عظيم قال ابن الجوزى من خواصه انه امان فى ذلك العام وبشرى عاجلة بنيل البغية والمرام واول من احدثه من الملوك صاحب اربل وصنف له ابن دخيةرحمه الله كتابا فى المولد سماه التنوير بمولد البشير النذير فأجازه بألف دينار وقد استخرج له الحافظ ابن حجر اصلا من السنة وكذا الحافظ السيوطى وردا على الفاكهانى المالكى فى قوله ان عمل المولد بدعة مذمومة كما فى انسان العيون { والذين معه } اى مع رسول الله عليه السلام وهو مبتدأ خبره قوله { أشداء } غلاظ وهو جمع شديد { على الكفار } كالأسد على فريسته { رحماء } اى متعاطفون وهو جمع رحيم { بينهم } كالوالد مع ولده يعنى انهم يظهرون لمن خالف دينهم الشدة والصلابة ولمن وافقهم فى الدين الرحمة والرأفة كقوله تعالى { اذلة على المؤمنين اعزة على الكافرين } فلو اكتفى بقوله { أشداء على الكفار } لربما اوهم الفظاظة والغلظة فكمل بقوله { رحماء بينهم } فيكون من اسلوب التكميل وعن الحسن بلغ من تشددهم على الكفار انهم كانو يتحرزون من ثيابهم ان تلزق بثيابهم ومن ابدانهم ان تمس ابدانهم وبلغ من ترحمهم فيما بينهم انه كان لا يرى مؤمن مؤمنا الا صافحه وعانقه وذكر فى التوراة فى صفة عمر رضى الله عنه قرن من حديد امين شديد وكذا ابو بكر رضى الله عنه فانه خرج لقتال اهل الردة شاهرا سيفه راكبا راحلته فهو من شدته وصلابته على الكفار (قال الشيخ سعدى)

له جندان درشتى كن كه ازتوسير كردند ونه جندان نرمى كن كه برتودلير شوند
دوشتى ونرمى بهم دربهست جوركزن كه جراح ومرهم نهست

(وقال بعضهم)

هست نرمى آفت جان سمور وزدرشتى ميبردجان خار بشت

وفى الحديث "المؤمنون هينون لينون" مدح النبى بالسهولة واللين لانهما من الاخلاق الحسنة فان قلت من امثال العرب لا تكن رطبا فتعصر ولا يابسا فتكسر وعلى وفق ذلك ورد قوله عليه السلام "لا تكن مرا فتعقى ولا حلوا فتسترط" يقال اعقيت الشئ اذا أزلته من فيك لمرارته واسترطه اى ابتلعه وفى هذا نهى عن اللين فما وجه كونه جهة مدح قلت لا شبهة فى ان خير الامور اوسطها وكل طرفى الامور ذميم اى المذموم هو الافراط والتفريط لا الاعتدال والاقتصاد نسأل الله العمل بذلك { تراهم ركعا سجدا } جمع راكع وساجد اى تشاهدهم حال كونهم راكعين ساجدين لمواظبتهم على الصلوات فهما حالان لان الرؤية بصرية واريد بالفعل الاستمرار والجملة خبر آخر او استئناف { يبتغون فضلا من الله ورضوانا } اما خبر آخر او استئناف مبنى على سؤال نشأ عن بيان مواظبتهم على الركوع والسجود كأنه قيل ماذا يريدون بذلك فقيل يبتغون فضلا من الله ورضوانا اى ثوابا ورضى وقال بعض الكبار قصدهم فى الطاعة والعبادة الوصول والوصال وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء قال الراغب الرضوان الرضى الكثير { سيماهم } فعلى من سامه اذا اعلمه اى جعله ذا علامة والمعنى علامتهم وسمتهم وقرئ سيمياؤهم بالياء بعد الميم والمد وهما لغتان وفيها لغة ثالثة هى السيماء بالمد وهو مبتدأ خبر قوله { فى وجوههم } اى ثابتة فى وجوههم { من اثر السجود } حال من المستكن فى الجار واثر الشئ حصول ما يدل على وجوده كما فى المفردات اى من التأثير الذى تؤثره كثرة السجود وما روى عن النبى عليه السلام من قوله "لا تعلموا صوركم" اى لا تسموها انما هو فيما اذا اعتمد بجبهته على الارض ليحدث فيها تلك السمة وذلك محض رياء ونفاق والكلام فيما حدث فى جبهة السجاد الذين لا يسجدون الا خالصا لوجه الله وكان الامام زين العابدين رضى الله عنه وهو على ابن الحسين بن على رضى الله عنهم وكذا على بن عبد الله بن العباس يقال لهما ذو الثفنات لما احدثت كثرة سجودهما فى مواضعة منهما اشباه ثفنات البعير والثفنة بكسر الفاء من البعير الركبة وما مس الأرض من اعضائه عند الاناخة وثفنت يده ثفنا اذا غلظت عن العمل وكانت له خمسمائة اصل زيتون يصلى عند كل اصل ركعتين كل يوم قال قائلهم

ديار على والحسين وجعفر وحمزة والسجاد ذى الثفنات

قال عطاء دخل فى الآية من حافظ على الصلوات الخمس وقال بعض الكبار سيما المحبين من اثر السجود فانهم لا يسجدون لشئ من الدنيا والعقبى الا لله مخلصين له الدين وقيل صفرة الوجوه من خشية الله وقيل ندى الطهور وتراب الارض فانهم كانوا يسجدون على التراب لا على الاثواب وقيل استنارة وجوههم من طول ما صلوا بالليل قال عليه السلام "من كثر صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار" الا ترى ان من سهر بالليل وهو مشغول بالشراب واللعب لا يكون وجهه فى النهار كوجه من سهر وهو مشغول بالطاعة وجاء فى باب الامامة انه يقدم الاعلم ثم الاقرأ ثم الاورع ثم الاسن ثم الاصبح وجها اى اكثرهم صلاة بالليل لما روى من الحديث قيل لبعضهم ما بال المتهجدين احسن الناس وجوها فقال "لانهم خلوا بالرحمن فأصابهم من نوره كما يصيب القمر نور الشمس فينور به" . در نفحات مذكوراست كه جون ارواح ببركت قرب الهى صافى ضدانوار موافقت بر اشباخ ظاهر كردد

درويش راكواه جه حاجت كه عاشقست رنك رخش زدوريه بين وبدان كه هست

وقال سهل المؤمن من توجه لله مقبلا عليه غير معرض عنه وذلك سيما المؤمنون وقال عامر بن عبد القيس كادوجه المؤمن يخبر عن مكنون عمله وكذلك وجه الكافر وذلك قوله { سيماهم فى وجوههم } وقال بعضهم ترى على وجوههم هيبة لقرب عهدهم بمناجاة سيدهم وقال ابن عطاء ترى عليهم خلع الانوار لائحة وقال عبد العزيز المكى ليست هى النحولة والصفرة لكنها نور يظهر على وجوه العابدين يبدو من باطنهم على ظاهرهم يتبين ذلك للمؤمنين ولو كان ذلك فى زنجى او حبشى انتهى ولا شك ان هذه الامة يقومون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء وبعضهم يكون وجوهم من اثر السجود كالقمر ليلة البدر وكل ذلك من تأثير نور القلب وانعكاسه ولذا قال

آن سياهى كزبى ناموس حق ناقوس زد در عرب بوالليل بوداندر قيامت بو النهار

{ ذلك } اشارة الى ما ذكر من نعوتهم الجليلة { مثلهم } اى وصفهم العجيب الشان الجارى فى الغرابة مجرى الامثال { فى التوراة } حال من مثلهم والعامل معنى الاشارة والتوراة اسم كتاب موسى عليه السلام قال من جوز ان تكون التوراة عربية انها تشتق من ورى الزند فوعلة منه على ان التاء مبدلة من الواو سمى التوراة لانه يظهر منه النور والضياء لبنى اسرائيل وفى القاموس وورية النار وريتها ما تورى به من خرقة او حطبة والتوراة تفعلة منه انتهى وقال بعضهم فوعلة منه لا تفعلة لقلة وجود ذلك { ومثلهم فى الانجيل } عطف على مثلهم الاول كأنه قيل ذلك مثلهم فى التوراة والانجيل وتكرير مثلهم لتأكيد غرابته وزيادة تقريرها والانجيل كتاب عيسى عليه السلام يعنى بهمين نعمت در كتاب موسى وعيسى مسطور ند تاكه معلوم امم كردند وبايشان مزده ورشوند، والانجيل من نجل الشئ اظهره سمى الانجيل انجيلا لانه اظهر الدين بعدما درس اى عفا رسمه { كزرع اخرج شطأه } يقال زرع كمنع طرح البذر وزرع الله انبت والزرع الولد والمزروع والجمع زروع وموضعه المزرعة مثلثة الراء وهو الخ تمثيل مستأنف اى هم كزرع اخرج افراخه اى فروعه واغصانه وذلك ان اول ما نبت من الزرع بمنزلة الام وما تفرع وتشعب منه بمنزلة اولاده وافراخه وفى المفردات شطأه فروع الزرع وهو ما خرج منه وتفرع فى شاطئيه اى جانبيه وجمعه اشطاء وقوله { اخرج شطأه } اى افراخه انتهى وقيل هو اى الزرع الخ تفسير لقوله ذلك على انه اشارة مبهمة وقيل خبر لقوله تعالى { ومثلهم فى الانجيل } على ان الكلام قد تم عند قوله تعالى { مثلهم فى التوراة } { فآزره } المنوى فى آزره ضمير الزرع اى فقوى الزرع ذلك الشطأ وبالفارسية بس قوى كردكشت آن يك شاخ را. الا ان الامام ألنسفىرحمه الله جعل المنوى فى آزر ضمير الشطأ قال فآزره اى فقوى الشطأ اصل الزرع بالتفافه عليه وتكاتفه وهو صريح فى ان الضمير المرفوع للشطأ والمنصوب للزرع وهو من الموازرة بمعنى المعاونة فيكون وزن آزر فاعل من الازر وهو القوة او من الايزار وهى الاعانة فيكون وزنه افعل وهو الظاهر لانه لم يسمع فى مضارعه يوازربل يوزر { فاستغلظ } فصار غليظا بعدما كان دقيقا فهو من باب استحجر الطين يعنى ان السين للتحول { فاستوى على سوقه } فاستقام على قصبته جمع ساق وهو اصوله { يعجب الزراع } حال اى حال كونه يعجب زراعه الذين زرعوه اى يسرهم بقوته وكثافته وغلظه وحسن منظره وطول قامته وبالفارسية بشكفت آردمز ارعانزا وهنا تم المثل وهو مثل ضربه الله لاصحاب رسول الله قلوا فى بدء الاسلام ثم كثروا واستحكموا فترقى امرهم يومافيو ما بحيث اعجب الناس وقيل مكتوب فى التوراة سيخرج قوم ينبتون نبات الزرع يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وفى الاسئلة المقحمة كيف ضرب الله المثل لاصحاب النبى عليه السلام بالزرع الذى اخرج شطأه ولماذا لم يشبههم بالخيل والاشجار الكبار المثمرة والجواب لان اصحاب النبى كانوا فى بدء الامر قليلين ثم صاروا يزدادون ويكثرون كالزرع الذى يبدو ضعيفا ثم ينمو ويخرج شطأه ويكثر لان الزرع يحصد ويزرع كذلك المسلمون منهم من يموت ثم يقوم مقامه غيره بخلاف الاشجار الكبار فانها تبقى بحالها سنين ولانه تنبت من الحبة الواحدة سنابل وليس ذلك فى غير الزرع انتهى فكما ان اعمالهم نامية فكذا اجسادهم الا ترى انه قتل مع الامام الحسين رضى الله عنه عامة اهل بيته لم ينج الا ابنه زين العابدين على رضى الله عنه لصغره فأخرج الله من صلبه الكثير الطيب وقيل يزيد بن المهلب واخوتهم وذراريهم ثم مكث من بقى منهم نيفا وعشرين سنة لا يولد فيهم انثى ولا يموت منهم غلام وعن عكرمة اخرج شطأه بأبى بكر فآزره بعمر فاستغلظ بعثمان فاستوى على سوقه بعلى رضى الله عنهم { ليغيظ بهم الكفار } الغيظ اشد غضب وهو الحرارة التى يجدها الانسان من ثوران دم قلبه غاظه يغيظه فاغتاظ وغيظة فتغيظ واغاظه وغايظه كما فى القاموس وهو علة لما يعرب عنه الكلام من تشبيههم بالزرع فى زكائه واستحكامه اى جعلهم الله كالزرع فى النماء والقوة ليغيظ بهم مشركى مكة وكفار العرب والعجم وبالفارسية تاالله رسول خويئس وياران او كافرا ترا بدرد آرد، ومن غيظ الكفار قول عمر رضى الله عنه لاهل مكة بعدما اسلم لا نعبد الله سرا بعد اليوم وفى الحديث "ارحم امتى بأمتى ابو بكر واقواهم فى دين الله عمر واصدقهم حياء عثمان واقضاهم على وأقرأهم ابى بن كعب وافرضهم زيد بن ثابت واعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل وما اظلت الخضراء ولا اقلت الغبراء من ذى لهجة اصدق من ابى ذر ولكل امة امين وامين هذه الامة ابو عبيدة ابن الجراح" وقيل قوله { ليغيظ بهم الكفار } علة لما بعده من قوله تعالى { وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة واجرا عظيما } فان الكفار اذا سمعوا بما اعد للمؤمنين فى الآخرة مع ما لهم فى الدنيا من العزة غاظهم ذلك اشد غيظ، يقول الفقير نظر الكفار مقصور على ما فى الدنيا مما يتنافس فيه ويتحاسد وكيف لا يغيظهم ما اعد للمؤمنين فى الآخرة وليسوا بمؤمنين باليوم الآخر ومنهم للبيان كما فى قوله { فاجتنبوا الرجس من الاوثان } يعنى همه ايشانرا وعدفرمود آمرزش كناه ومزدى بزرك، وهو الجنة ودرجاتها فلا حجة فيه للطاعنين فى الاصحاب فان كلهم مؤمنون ولما كانوا يبتغون من الله فضلا ورضوانا وعدهم الله بالنجاة من المكروه والفوز بالمحبوب وعن الحسن محمد رسول الله والذين معه ابو بكر الصديق رضى الله عنه لانه كان معه فى الغار ومن انكر صحبته كفر اشدآء الى الكفار عمر بن الخطاب رضى الله عنه لانه كان شديدا غليظا على اهل مكة رحماء بينهم عثمان بن عفان رضى الله عنه لانه كان رؤوفا رحيما ذا حياء عظيم تراهم ركعا سجدا على بن ابى طالب رضى الله عنه تاحدى كه هرشب آوازهزار تكبير احرام ازخلوت وى باسماع خادمان عتبة عليه اش ميرسيد يبتغون فضلا من الله ورضوانا بقية العشرة المبشرة بالجنة وفى الحديث "يا على انت فى الجنة وشيعتك فى الجنة وسيجئ بعدى قوم يدعون ولايتك لهم لقب يقال لهم الرافضة فاذا أدركتهم فاقتلهم فانهم مشركون" قال يا رسول الله ما علامتهم قال "يا على انه ليست لهم جمعة ولا جماعة يسبون ابا بكر وعمر" قال مالك بن انس رضى الله عنه من اصبح وفى قلبه غيظ على اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد اصابته هذه الآية قال ابو العالية العمل الصالح فى هذه الآية حب الصحابة وفى الحديث "يا على ان الله امرنى ان اتخذ ابا بكر والدا وعمر مشيرا وعثمان سندا وانت يا على ظهرا فأنتم اربعة قد أخذ ميثاقكم فى الكتاب لا يحبكم الا مؤمن ولا يبغضكم الا فاجر أنتم خلائف نبوتى وعقدة ذمتى لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تغامزوا" كما فى كشف الاسرار وفى الحديث "لا تسبوا اصحابى فلو ان احدكم انفق مثل احد ذهبا ما بلغ مد احدهم ولا نصيفه" المد ربع الصاع والنصيف نصف الشئ والضمير فى نصيفه راجع الى احدهم لا الى المد والمعنى ان احدكم لا يدرك بانفاق مثل احد ذهبا من الفضيلة ما ادرك احدهم بانفاق مد من الطعام او نصيف له وفى حديث آخر "الله الله فى اصحابى لا تتخذوهم غرضا من بعدى فمن احبهم فبحبى احبهم ومن ابغضهم فببغضى ابغضهم ومن آذاهم فقد آذانى ومن آذانى فقد آذى الله ومن آذى الله فيوشك ان يأخذه" اى يأخذه الله للتعذيب والعقاب وفى الصواعق لابن حجر وكان للنبى عليه السلام مائة الف واربعة عشر ألف صحابى عند موته انتهى وفى حديث الاخوة قال اصحابه نحن اخوانك يا رسول الله قال "لا انتم اصحابى واخوانى الذين يأتون بعدى آمنوا بى ولم يرونى وقال للعامل منهم اجر خمسين منكم" قالوا بل منهم يا رسول الله قال "بل منكم رددوها ثلاثا" ثم قال "لانكم تجدون على الخير اعوانا" كما فى تلقيح الاذهان، يقول الفقير يلزم من هذا الخبر ان يكون الاخوان افضل من الاصحاب وهو خلاف ما عليه الجمهور قلت الذى فى الخبر من زيادة الاجر للعامل من الاخوان عند فقدان الاعوان لا مطلقا فلا يلزم من ذلك ان يكونوا افضل من كل وجه فى كل زمان قال فى فتح الرحمن وقد اجتمع حروف المعجم التسعة والعشرون فى هذه الآية وهى محمد رسول الله الى آخر السورة اول حرف المعجم فيها ميم من محمد وآخرها صاد من الصالحات وتقدم نظير ذلك فى سورة آل عمران فى قوله { ثم انزل عليكم من بعد الغم امنة نعاسا } الآية وليس فى القرءآن آيتان فى كل آية حروف المعجم غيرهما من دعا الله بهما استجيب له وعن النبى صلى الله عليه وسلم "من قرأ سورة الفتح فكأنما كان ممن شهد مع محمد رسول الله فتح مكة" وقال ابن مسعود رضى الله عنه بلغنى انه من قرأ سورة الفتح فى اول ليلة من رمضان فى صلاة التطوع حفظه الله تعالى ذلك العام ومن الله العون تمت سورة الفتح المبين بعون رب العالمين فى منتصف صفر الخير من شهور سنة الف ومائة واربع عشرة