خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَآءِ ٱلْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ
٤
-الحجرات

روح البيان في تفسير القرآن

{ ان الذين ينادونك } المناداة والندآء خوايدن { من وراء الحجرات } اى من خارجها من خلفها او قدامها لان ورآء الحجرة عبارة عن الجهة التى يواريها شخص الحجرة بجبهتها اى من اى ناحية كانت من نواحيها ولا بد ان تكون تلك الجهة خارج الحجرة لان ما فى داخلها لا يتوارى عمن فيها بحثة الحجرة فاشتراك الورآء فى تينك الجهتين معنوى لا لفظى لكن جعله الجوهرى وغيره من الاضداد فيكون اشتراكه لفظيا ومن ابتدآئية دالة على ان المناداة نشأت من جهة الورآء وان المنادى داخل الحجرة لوجوب اختلاف المبدأ والمنتهى بحسب الجهة واذا جرد الكلام عن حرف الابتدآء جاز أن يكون المنادى ايضا فى الخارج لانتفاء مقتضى اختلافهما بالجهة والمراد حجرات امهات المؤمنين وكانت لكل واحدة منهما حجرة فتكون تسعا عددهن جمع حجرة بمعنى محجورة كقبضة بمعنى مقبوضة وهى الموضع الذى يحجره الانسان لنفسه بحائط ونحوه ويمنع غيره من ان يشاركه فيه من الحجر وهو المنع وقيل للعقل حجر لكون الانسان فى منع منه مما تدعو اليه نفسه ومناداتهم من ورآئها اما بأنهم اتوها حجرة حجرة فنادوه عليه السلام من ورآئها او بأنهم تفرقوا على الحجرات متطلبين له عليه السلام لانهم لم يتحققوا امكانه فناداه بعض من ورآء هذه وبعض من روآء تلك فاسند فعل الابعاض الى الكل وقيل الذى ناداه عينة بن حصين الفزارى وهو الاحمق المطاع وكان من الجرارين يجر عشرة آلاف قناة اى تتبعه والاقرع بن حابس وهو شاعر بنى تميم وفدا على رسول الله فى سبعين رجلا من بنى تميم وقت الظهيرة وهو راقد فقالا يا محمد اخرج الينا فنحن الذين مدحنا زين وذمناشين فاستيقظ فخرج وقال لهم ويحكم ذلكم اى الله الذى مدحه زين وذمه شين وانما اسند الندآء الى الكل لانهم رضوا بذلك او امروا به او لانه وجد فيما بينهم وقال سعدى المفتى انما يحتاج الى التأويل اذا اريد باستغراق الجمع الاستغراق الافرادى واما لو أريد الاستغراق المجوعى فلا ولذلك قالوامقابلة الجمع بالجمع تفيد انقسام الآحاد بالآحاد وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم فقال "هم جفاة بنى تميم لولا انهم من اشد الناس قتالا للاعور الدجال لدعوت الله ان يهلكهم" فنزلت الآية ذما لهم وبقى هذا الذم الى الابد وصدق رسول الله فى قوله ذلكم الله { اكثرهم لا يعقلون } قال فى بحر العلوم فى قوله اكثر دلالة على انه كان فيهم من قصد بالمحاشاة وهو بالفارسية استثناء كردن. وعلى قلة العقلاء فيهم قصدا الى نفى ان يكون فيهم من يعقل اذا القلة تجرى مجرى النفى فى كلامهم ويؤيده الحديث السابق فيكون المعنى كلهم لا يعقلون اذ لو كان لهم عقل لما تجاسروا على هذه المرتبة من سوء الادب بل تأدبوا معه بأن يجلسوا على بابه حتى يخرج اليهم كما قال تعالى الفا