خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُواْ حَتَّىٰ تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٥
-الحجرات

روح البيان في تفسير القرآن

{ ولو انهم صبروا } الصبر حبس النفس عن ان تنازع الى هواها { حتى تخرج اليهم } لو مختص بالفعل على ما ذهب اليه المبرد والزجاج والكوفيون فما بعد لو مرفوع على فاعلية لا على الابتدآء على ما قاله سيبويه والمعنى ولو تحقق صبرهم وانتظارهم حتى تخرج اليهم وحتى تفيد أن الصبر ينبغى أن يكون مغيا بخروجه عليه السلام فانها مختصة بما هو غاية للشئ فى نفسه ولذلك تقول اكلت السمكة حتى رأسها ولا تقول حتى نصفها وثلثها بخلاف الى فانها عامة وفى اليهم اشعار بأنه لو خرج لا لاجلهم ينبغى ان يصبروا حتى يفاتحهم بالكلام او يتوجه اليهم { لكان } اى الصبر المذكور { خيرا لهم } من الاستعجال لما فيه من رعاية حسن الادب وتعظيم الرسول الموجبين للثواب والثناء والاسعاف بالمسئول اذ روى انهم وفدوا شافعين فى اسارى بنى العنبر قال فى القاموس العنبر ابو حى من تميم قال ابن عباس رضى الله عنهما بعث رسول الله عليه السلام سرية الى حى بنى العنبر وأمر عليهم عينية بن حصين فلما علموا انه توجه نحوهم هربوا وتركوا عيالهم فسباهم عيينة وقدم بهم على رسول الله فجاء بعد ذلك رجالهم يفدون الذرارى فقدموا وقت الظهيرة ووافقوا رسول الله فتلاقى اهله فلما رأتهم الذرارى اجهشوا الى آبائهم يبكون ولاجهاش كريستن راساختن.
يقال اجهش اليه اذا فزع اليه وهو يريد البكاء كالصبى يفزع الى امه وكان لكل امرأة من نساء رسول الله بيت وحجرة فجعلوا ينادون يا محمد اخرج الينا حتى ايقظوه من نومه فخرج اليهم فقالوا يا محمد فادنا عيالنا فنزل جبرآئيل فقال ان الله يأمرك ان تجعل بينك وبينهم رجلا فقال عليه السلام لهم
"أترضون ان يكون بينى وبينكم سبرة بن عمرو وهو على دينكم" قالوا نعم قال سبرة انا لا احكم بينهم وعمى شاهد وهو أعور بن بشامة بن ضرار فرضوا به فقال الاعور فأنا أرى ان تفادى نصفهم وتعتق نصفهم فقال عليه السلام "قد رضيت" ففادى نصفهم وأعتق نصفهم وقال مقاتل لكان خيرا لهم لانك كنت تعتقهم جميعا وتطلقهم بلا فدآء { والله غفور رحيم } بليغ المغفرة والرحمة واسعهما فلن تضيق ساحتهم عن هؤلاء المسيئين للادب ان تابوا واصلحوا { قال الكاشفى } والله غفور وخداى تعالى آمر زنده است كسى راكه توبه كند ازبى ادبى رحيم مهربانست باهل ادب كه تعظيم سيد اولوا الالباب ميكنند جه ادب جاذب رحمتست وحرمت جالب نعمت

سرمايه ادب بكف آوركه ابن متاع آلراكه هست سوء ادب نايدش بكف

وفى هذا المقام امور، الأول ان فى هذه الآية تنبيها على قدر قدره عليه السلام والتأدب معه بكل حال فهم انما نادوه لعدم عقل يعرفون به قدره ولوعرفوا قدره لكانوا كما فى الخبر يقرعون بابه بالاظافير وفى المناداة اشارة الى انهم رأوه من ورآء الحجاب ولو كانوا من اهل الحضور والشهود لما نادوه كما قال بعضهم

كارنادان كوته انديش است يادكردن كسى كه دربيش است

قال ابو عثمان المغربى قدس سرة الادب عند الاكابر وفى مجلس السادات من الاولياء يبلغ بصاحبه الى الدرجات العلى والخير فى الاول والعقبى فكما لا بد من التأدب معه عليه السلام فكذا مع من استن بسنته كالعلما العالمين وكان جماعة من العلماء يجلسون على باب غيرهم ولا يدقون عليه بابه حتى يخرج لقضاء حاجته احتراما قال ابو عبيدة القاسم بن سلام ما دققت الباب على عالم قط كنت اصبر حتى يخرج الى لقوله تعالى ولو انهم الخ وفى الحديث "ادبنى ربى فأحسن تأديبى" اى ادبنى احسن تاديب فالفاء تفسير لما قبله قال بعض الكبار من الحكمة توقير الكبير ورحمة الصغير ومخاطبة الناس باللين وقال ان كان خليلك فوقك فاصحبه بالحرمة وان كان كفؤك ونظيرك فاصحبه بالوفاء وان كان دونك فاصحبه بالزهد وان كان فقيرا فاصحبه بالجود وان صحبت صوفيا فاصحبه بالتسليم قال بعض الحكماء عاشروا الناس معاشرة ان متم بكوا عليكم وان غبتم حنوا اليكم. والثانى ذم الجهل ومدح العقل والعلم فان شرف العقل مدرك بضرورة العقل والعلم والحسن حتى ان اكبر الحيوانات شخصا واقواها ابدا اذا رأى الانسان احتشمه وخاف منه لاحساسه بأنه مستول عليه بحيلته واقرب الناس لى باارجة بهائم أجلاف العرب والترك تراهم بالطبع يبالغون فى توقير شيوخهم لان التجربة ميزتهم عنهم بمزيد علم ولذلك روى فى الاثر "الشيخ فى قومه كالنبى فى امته" نظرا الى قوة علمه وعقله لا بقوة شخصه وجماله وشوكته وثروته (وفى المثنوى)

كشتى بى لنكر آمد مردشر كه زباد كزنيابد او حذر
لنكر عقلست عاقل را امان لنكرى دريوزه كن از عاقلان

قال بعض الكبار العاقل كلامه ورآء قلبه فاذا اراد ان يتكلم به امره على قلبه فينظر فيه فان كان له اى لنفعه امضاه وان كان عليه اى لضره امسكه والاحمق كلامه على طرف لسانه وعقله فى حجره اذا قام سقط قال امير المؤمنين على رضى الله عنه لسان العاقل فى قلبه وقلب الاحمق فى فمه والادب صورة العقل ولا شرف مع سوء الادب ولا دآء اعيى من الجهل واذا تم العقل نقص الكلام

هر كرا اندكست مايهُ عقل بيهده كفتنش بودبسيار
مردرا عقل جون بيفزايد درمجامع بكا هدش كفتار

وفى الحديث "كل كلام ابن آدم عليه لا له الا امرا بمعروف او نهيا عن منكر" وفى حديث آخر "وهل يكب الناس على مناخرهم فى النار الا حصائد ألسنتهم" . والثالث ما قال بعض الكبار تدبر قوله تعالى { ولو أنهم صبروا } الآية ولا تنظر الى سبب النزول وانتظر خروجه مرة ثانية لقيام الساعة وفتح باب الشفاعة فى هذه الدار نوما او يقظة فى الآخرة وهو الشافع فيهما وفى الحافرة وقد ثبت ان الناس يلتجئون يوم القيامة الى الانبياء ثم وثم الى ان يصلوا اليه فلا يصلون الى المراد الا عنده وفى الحديث "انا اول ولد آدم خروجا اذا بعثوا وانا قائدهم اذا وفدوا وخطيبهم اذا أنصتوا وانا مبشرهم اذا ابلسوا وانا شفيعهم اذا حشروا ولواء الكرم بيدى وانا اكرم ولد آدم على ربى ولا فخر يطوف على ألف خادم كأنهم لؤلؤ مكنون"

سرخيل انبياء وسبهدار اتقيا سلطان باركاه دنى قائد الامم

وإنما كان خدامه ألفا لتحققه بألف اسم من اسماء الله سبحانه وتعالى