خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱبْتَغُوۤاْ إِلَيهِ ٱلْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
٣٥
-المائدة

روح البيان في تفسير القرآن

{ يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله } اى اخشوا عذابه واحذروا معاصيه { وابتغوا } اى اطلبوا لانفسكم { اليه } اى الى ثوابه والزلفى منه { الوسيلة } اى القربة بالاعمال الصالحة قوله تعالى اليه متعلق بالوسيلة قدم عليها للاهتمام وليست بمصدر حتى يمتنع ان يتقدم معمولها عليها بل هى فعيلة بمعنى ما يتوسل به ويتقرب الى الله تعالى من وسل الى كذا تقرب اليه والجمع الوسائل.
وقال عطاء الوسيلة افضل درجات الجنة وفى الحديث
"سلوا الله لى الوسيلة فانها درجة فى الجنة لا ينالها الا عبد واحد وأرجو من الله ان يكون هو انا" .
وفى الحديث "من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت سيدنا محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذى وعدته حلت له شفاعتى يوم القيامة"
.قال المولى الفنارى فى تفسير الفاتحة اما الوسيلة فهى اعلى درجة فى جنة عدن وهى لرسول الله صلى الله عليه وسلم حصلت له بدعاء امته فعل ذلك الحق سبحانه لحكمة اخفاها فانا بسببه نلنا السعادة من الله وبه كنا خير امة اخرجت للناس وبه ختم الله بنا الامم كما ختم به النبيين وهو صلى الله عليه وسلم مبشر كما امر ان يقول ولنا وجه خاص الى الله تعالى نناجيه منه ويناجينا وكذا كل مخلوق له وجه خاص الى ربه فامرنا عن امر الله ان ندعو له بالوسيلة حتى ينزل فيها بدعاء امته وهذا من باب الغيرة الالهية انتهى { وجاهدوا فى سبيله } بمحاربة الاعداء الظاهرة والباطنة { لعلكم تفلحون } بالوصول الى الله والفوز بكرامته.
والاشارة فى الآية ان الله تعالى جعل الفلاح الحقيقى فى اربعة اشياء. احدها الايمان وهو اصابة رشاشة النور فى بدء الخلقة وبه يخلص العبد من حجب ظلمة الكفر. وثانيها التقوى وهو منشأ الاخلاق المرضية ومنبع الاعمال الشرعية وبه يخلص العبد من ظلمة المعاصى. وثالثها ابتغاء الوسيلة وهو فناء الناسوتية فى بقاء اللاهوتية وبه يتخلص العبد من ظلمة اوصاف الوجود. ورابعها الجهاد فى سبيل الله وهو اضمحلال الانانية فى اثبات الهوية وبه يتخلص العبد من ظلمة الوجود ويظفر بنور الشهود فالمعنى الحقيقى { يا ايها الذين آمنوا } باصابة النور { اتقوا الله } بتبديل الاخلاق الذميمة { وابتغوا اليه الوسيلة } فى افناء الاوصاف { وجاهدوا فى سبيله } ببذل الوجود { لعلكم تفلحون } بنيل المقصود من المعبود كذا فى التأويلات النجمية.
واعلم ان الآية الكريمة صرحت بالامر بابتغاء الوسيلة ولا بد منها البتة فان الوصول الى الله تعالى لا يحصل الا بالوسيلة وهى علماء الحقيقة ومشايخ الطريقة: قال الحافظ

قطع اين مرحله بى همرهىء خضر مكن ظلماتست بترس از خطر كمراهى

والعمل بالنفس يزيد فى وجودها واما العمل وفق اشارة المرشد ودلالة الانبياء والاولياء فيخلصها من الوجود ويرفع الحجاب ويوصل الطالب الى رب الارباب.
قال الشيخ ابو الحسن الشاذلى كنت انا وصاحب لى قد أوينا الى مغارة لطلب الدخول الى الله واقمنا فيها ونقول يفتح لنا غدا او بعد غد فدخل علينا يوما رجل ذو هيبة وعلمنا انه من اولياء الله فقلنا له كيف حالك فقال كيف يكون حال من يقول يفتح لنا غدا او بعد غد يا نفس لم لا تعبدين الله لله فتيقظنا وتبنا الى الله وبعد ذلك فتح علينا فلا بد من قطع التعلق من كل وجه لينكشف حقيقة الحال: قال الحافظ

فداى دوست نكرديم عمر مال دريغ كه كار عشق زما اين قدر نمى آيد

وفى صحبة الاخيار والصلحاء شرف عظيم وسعادة عظمى ـ وحكى ـ ان خادم الشيخ ابى يزيد البسطامى كان رجلا مغربيا فجرى الحديث عنده فى سؤال منكر ونكير فقال المغربى والله ان يسألانى لأقولن لهما فقالوا له ومن اين يعلم ذلك فقال اقعدوا على قبرى حتى تسمعونى فلما انتقل المغربى جلسوا على قبره فسمعوا المسألة وسمعوه يقول أتسألوننى وقد حملت فروة ابى يزيد على عنقى فمضوا وتركوه ولا تستبعد امثال هذا فان جواب المجيب المدقق يذهب معه من هنا فحصل مثل هذا الزاد: وفى المثنوى

كنج زرى كه جو خسبى زيرريك باتو باشد آن نباشد مرد ريك
ييش بيش آن جنازت مىرود مونس كور وغريبى ميشود